08 نوفمبر 2024
الخليج العربي.. مواجهة التغير المناخي أو الهجرة
في وقتٍ تشن فيه دول خليجية الحرب على دولةٍ في المنطقة، وتفرض حصاراً على أخرى، تَجري تحولات مناخية، صامتة أحياناً، على شكل ارتفاعٍ مطّرد في درجات الحرارة ونسبة الرطوبة، وأحياناً عنيفة، على شكل ظواهر طبيعية، تُعدُّ تطرّفاً في مناخها. وتشكِّل هذه الحالات، في مجملها، تهديداً حقيقياً للحياة في المنطقة برمَّتها، وتنطوي على احتمال تهجير أهلها إلى مناطق أقل حرّاً وقابليةً للعيش. ويفرض هذا الأمر على هذه الدول إيقاف تلك الحروب، والاستثمار في مشاريع بيئيةٍ لمواجهة هذا الخطر، بدلاً من الاستثمار في مشاريع عمرانيةٍ عملاقةً موجَّهةً لأغنياء العالم، وأخرى كيدية تهدف إلى إخضاع من لا ينصاع لتعليماتها. ولا تفعل هذه المشاريع سوى تخريب البيئتين، البحرية والبرية، واستنزاف ما تبقى من مياه وموارد طبيعية أخرى فيها.
ووفقاً لدراساتٍ علميةٍ، يجريها علماء ومراكز أبحاث مختصة، في الغرب وفي مناطق شرق
آسيا، وتنشرها دورياتٌ علميةٌ معتدٌّ بها، فإن الفترة المقبلة، والتي لا تتعدّى سبعين عاماً، ستحمل إلى المنطقة ظواهر طبيعية تعدُّ أكثر من إنذاراتٍ وإشاراتٍ على ما سيكون عليه الحال. وستكون من القوة بحيث تفرض على دول المنطقة، وحكامها الغافلين، الاستماع إليها، وتغيير العقلية التي يرون فيها مستقبل المنطقة. ومع ذلك، ستكون أي مشاريع مستقبلية لمواجهة هذا الأمر مشاريع متأخرة. حيث شهدت المنطقة تحولاتٍ لم تشهدها من قبل، قد ينظر بعضهم إليها، وخصوصاً التي تأتي على شكل أمطارٍ غزيرةٍ وثلوجٍ، على أنها ظواهر إيجابية، في حين يعتبرها الخبراء نذيراً بتحولاتٍ أعمق، تصاحبها أعاصير وفيضانات مدمرة. وهو أمر يحتِّم على زعماء هذه الدول التحرك الفوري، لا الانتظار.
وإذا علمنا أن دولاً في شرق آسيا، أهمها الهند والصين، واللتان لا تراعيان مسألة الاحتباس الحراري عبر مسؤوليتهما الكبيرة في زيادة نسبة الغازات المنبعثة والمسببة لهذا الاحتباس، لن تكونا، هما وبنغلادش وباكستان المجاورتان لهما، قابلة للحياة بعد قرن، فما بالك بدول الخليج التي يتوقع أن تكون المدة فيها أقل، لا تتجاوز 70 سنة؟ وليس لدى الهند والصين أي استعداد لتقليل نسبة الانبعاثات، لأن ذلك يؤدي إلى تباطؤ نسبة النمو فيهما، ما يجعلهما أكثر عرضةً لتلقي آثار التغير المذكور الذي يمكن أن يأتي على شكل مظاهر التطرّف المناخي، أو بشكل زيادةٍ مضطردةٍ في درجة الحرارة، وفي نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي. وتأتي الخطورة في أن ارتفاع درجة حرارة الهواء الرطب، تكون من القساوة بحيث تفوق قدرة الجسد الإنساني والنباتات على التكيّف، ما يفقدها كمياتٍ ضخمة من الماء، فيجعلها عرضةً للموت السريع.
وكانت الحكومات في الغرب، الأوروبي والأميركي، تنظر إلى أحاديث العلماء وتحذيراتهم من خطورة التغير المناخي على أنها أساطير وترفٌ فكريٌّ، يدمنه العلماء الذين يبغون مآرب أخرى من وراء تحذيراتهم. لكنهم حين لمسوا آثاره في بلدانهم، صدّقوا تلك التحذيرات، وسارعوا إلى تبني آليات اقتصادية، وعقد اتفاقيات مناخية، لتقلل من الانبعاثات الضارّة في بلدانهم. كما سمحوا، في الوقت عينه، لدول الشرق الآسيوي بأن تتطور، فتصبح مصنعاً لأدوات رفاهيتهم، غير مبالين بنسب الانبعاثات فيها أو بظروف العمل الأقرب إلى العبودية التي يعيشها مواطنوها المنتجون. إضافة إلى ذلك، حصرت مهمة دول الشرق العربي بإنتاج مصادر الطاقة لمصانعهم، وتأسيس المشاريع الفخمة، والخدمية الصرفة التي تتوافق مع شروط رفاهية خبرائهم العاملين فيها، غير مبالين بالتبعات المستقبلية التي تحملها هذه النشاطات على مستقبل هذه الدول.
وتأتي الحرب العبثية التي تشنها بعض الدول الخليجية على اليمن، وحصارها دولة قطر، ليكونا إمعاناً في السياسات التي يسكت الغرب عنها، كونها ستضخّ الدماء في مصانع الأسلحة الغربية، وتزيد من عائداته المالية وفرص العمل لشبابه. ولا يمكن النظر إلى المشاريع العملاقة، من قبيل الجزر الاصطناعية التي نفذتها بعض الدول الخليجية، سوى أنها تدمير للبيئة البحرية في هذه
الدول التي ما كان الغرب ليقبل بأن تنشأ على شواطئه. علاوة على ذلك، يأتي مشروع حفر قناةٍ بحرية في الأراضي السعودية المحيطة بدولة قطر، وتحويل قطر إلى جزيرةٍ بغية عزلها، ليكون مشروعاً بيئياً تخريبياً آخر يُضاف إلى المشاريع التي سبقته، وأدت إلى تغير مناخي، قلما يأخذه مسؤولو هذه الدول بالاعتبار.
لكن، وبدلاً من الالتفات إلى ذلك الخطر، والإسراع إلى العمل الخليجي المشترك لمواجهته، وبدلاً من التنمية المستدامة التي تدعم التوازن البيئي مع العمراني، إضافة إلى الاستثمار في البيئة، تتبع بعض دول الخليج حدسها المزيف في التطوير، وفي النزاعات، وهي ما ستؤدي بها إلى كارثةٍ ستجبر شعوبها على الهجرة من منطقة الخليج إلى مناطق أخرى، في الشمال، أكثر برودةً وقابلية للحياة. وفي هذا المجال، يشي مشروع القناة السعودية التي تُطوِّق قطر بأن السعودية ترغب في بقاء الأزمة الخليجية ماثلة، وبلا حلٍّ إلى الأبد. ويعدُّ هذا الأمر من أسباب التوتر الدائم التي ستبقى المنطقة تعانيها. وبالتالي، ستبقى على سياسة زعمائها، وعلى صورتها مقصدا دائما للسلاح الأميركي والغربي. كما تعدُّ من عوامل انتشال الغرب من الأزمات التي تصيب بعض قطاعاته الاقتصادية، سيما قطاع صناعة السلاح.
سيجبر هذا الأمر الدول المذكورة على البحث عن مصادر تمويل جديدة، واستنزاف الموجودة بين أياديها، من أجل الإيفاء بمتطلبات سياساتها وتنفيذ خططها. وقد تبين أن خططها لا يحدّها حد، أو تراعي الشروط البيئية أو القوانين الدولية، كما يجري في اليمن، وكما في محاولات السيطرة على بعض موانئ المنطقة. ولا شك أن هذا الأمر سيزيد من نسبة الانبعاثات الغازية، ومن استنزاف الثروات الطبيعية والمياه، وبالتالي يؤدي إلى التصحر. وأي رأي ينادي بغير هذه السياسة يلقى الجواب السريع في زج صاحبه في السجن، كما حصل لرجال الفكر ودعاة الإصلاح، من الذكور والإناث، الذين غيبتهم السلطات السعودية في سجونها.
ووفقاً لدراساتٍ علميةٍ، يجريها علماء ومراكز أبحاث مختصة، في الغرب وفي مناطق شرق
وإذا علمنا أن دولاً في شرق آسيا، أهمها الهند والصين، واللتان لا تراعيان مسألة الاحتباس الحراري عبر مسؤوليتهما الكبيرة في زيادة نسبة الغازات المنبعثة والمسببة لهذا الاحتباس، لن تكونا، هما وبنغلادش وباكستان المجاورتان لهما، قابلة للحياة بعد قرن، فما بالك بدول الخليج التي يتوقع أن تكون المدة فيها أقل، لا تتجاوز 70 سنة؟ وليس لدى الهند والصين أي استعداد لتقليل نسبة الانبعاثات، لأن ذلك يؤدي إلى تباطؤ نسبة النمو فيهما، ما يجعلهما أكثر عرضةً لتلقي آثار التغير المذكور الذي يمكن أن يأتي على شكل مظاهر التطرّف المناخي، أو بشكل زيادةٍ مضطردةٍ في درجة الحرارة، وفي نسبة الرطوبة في الغلاف الجوي. وتأتي الخطورة في أن ارتفاع درجة حرارة الهواء الرطب، تكون من القساوة بحيث تفوق قدرة الجسد الإنساني والنباتات على التكيّف، ما يفقدها كمياتٍ ضخمة من الماء، فيجعلها عرضةً للموت السريع.
وكانت الحكومات في الغرب، الأوروبي والأميركي، تنظر إلى أحاديث العلماء وتحذيراتهم من خطورة التغير المناخي على أنها أساطير وترفٌ فكريٌّ، يدمنه العلماء الذين يبغون مآرب أخرى من وراء تحذيراتهم. لكنهم حين لمسوا آثاره في بلدانهم، صدّقوا تلك التحذيرات، وسارعوا إلى تبني آليات اقتصادية، وعقد اتفاقيات مناخية، لتقلل من الانبعاثات الضارّة في بلدانهم. كما سمحوا، في الوقت عينه، لدول الشرق الآسيوي بأن تتطور، فتصبح مصنعاً لأدوات رفاهيتهم، غير مبالين بنسب الانبعاثات فيها أو بظروف العمل الأقرب إلى العبودية التي يعيشها مواطنوها المنتجون. إضافة إلى ذلك، حصرت مهمة دول الشرق العربي بإنتاج مصادر الطاقة لمصانعهم، وتأسيس المشاريع الفخمة، والخدمية الصرفة التي تتوافق مع شروط رفاهية خبرائهم العاملين فيها، غير مبالين بالتبعات المستقبلية التي تحملها هذه النشاطات على مستقبل هذه الدول.
وتأتي الحرب العبثية التي تشنها بعض الدول الخليجية على اليمن، وحصارها دولة قطر، ليكونا إمعاناً في السياسات التي يسكت الغرب عنها، كونها ستضخّ الدماء في مصانع الأسلحة الغربية، وتزيد من عائداته المالية وفرص العمل لشبابه. ولا يمكن النظر إلى المشاريع العملاقة، من قبيل الجزر الاصطناعية التي نفذتها بعض الدول الخليجية، سوى أنها تدمير للبيئة البحرية في هذه
لكن، وبدلاً من الالتفات إلى ذلك الخطر، والإسراع إلى العمل الخليجي المشترك لمواجهته، وبدلاً من التنمية المستدامة التي تدعم التوازن البيئي مع العمراني، إضافة إلى الاستثمار في البيئة، تتبع بعض دول الخليج حدسها المزيف في التطوير، وفي النزاعات، وهي ما ستؤدي بها إلى كارثةٍ ستجبر شعوبها على الهجرة من منطقة الخليج إلى مناطق أخرى، في الشمال، أكثر برودةً وقابلية للحياة. وفي هذا المجال، يشي مشروع القناة السعودية التي تُطوِّق قطر بأن السعودية ترغب في بقاء الأزمة الخليجية ماثلة، وبلا حلٍّ إلى الأبد. ويعدُّ هذا الأمر من أسباب التوتر الدائم التي ستبقى المنطقة تعانيها. وبالتالي، ستبقى على سياسة زعمائها، وعلى صورتها مقصدا دائما للسلاح الأميركي والغربي. كما تعدُّ من عوامل انتشال الغرب من الأزمات التي تصيب بعض قطاعاته الاقتصادية، سيما قطاع صناعة السلاح.
سيجبر هذا الأمر الدول المذكورة على البحث عن مصادر تمويل جديدة، واستنزاف الموجودة بين أياديها، من أجل الإيفاء بمتطلبات سياساتها وتنفيذ خططها. وقد تبين أن خططها لا يحدّها حد، أو تراعي الشروط البيئية أو القوانين الدولية، كما يجري في اليمن، وكما في محاولات السيطرة على بعض موانئ المنطقة. ولا شك أن هذا الأمر سيزيد من نسبة الانبعاثات الغازية، ومن استنزاف الثروات الطبيعية والمياه، وبالتالي يؤدي إلى التصحر. وأي رأي ينادي بغير هذه السياسة يلقى الجواب السريع في زج صاحبه في السجن، كما حصل لرجال الفكر ودعاة الإصلاح، من الذكور والإناث، الذين غيبتهم السلطات السعودية في سجونها.