قالت منظمة "أنا يقظ " إنّ تأكيد الرئيس التونسي قيس سعيّد "احترامه للدستور وللإجراءات مع إمكانية إدخال تعديلات على النص الدستوري" يتعارض مع التدابير الّتي اتخذها، فلا يمكن تعديل الدستور في ظل تجميد اختصاصات المجلس النيابي، طبقاً للفصول 143 و144 من الباب الثامن من الدستور، هذا إن تغاضينا مرّة أخرى عن دور المحكمة الدستوريّة نظراً لاستحالة إرسائها في الوقت الراهن".
وأوضحت المنظمة الرقابية المستقلة، في بيان لها اليوم الثلاثاء، أنّ "التدابير الاستثنائية المتخذة، وإن كانت تندرج في إطار الدستور كما أكّد السيّد رئيس الجمهوريّة، فإنّها يجب أن تهدف إلى (تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال) حتى لا يقال (تأوّلت علينا وظلمتنا)، خاصّة في ظل الشلل التام الّذي أصاب جملة من مؤسسات الدولة، نذكر منها البرلمان في وظيفتيه التشريعيّة والإدارية، وكذلك مؤسسة رئاسة الحكومة الخاضعة لمبدأ استمراريّة المرفق العام".
وجددت المنظمة دعوتها "إلى الرئيس سعيّد بـ"تحديد الأسباب الّتي ينهى بزوالها العمل بهذه التدابير الاستثنائية، كما اقتضاه الفصل 80، ذلك أنّ اعتبار مصدر (الخطر الداهم) هو البرلمان المجمّد، يضعنا مجدداً أمام مأزق التأويل الدستوري ومفارقة القاعدة والاستثناء، والحال أن الوضع لا يحتمل النقاشات القانونيّة غير المثمرة، كما لا يحتمل استمرار اختلال التوازن بين السلط (حتى إشعار آخر) حيث إن هذا يتعارض مع ما جاء في توطئة الدستور الّتي تمثل جزءاً لا يتجزأ منه (الفصل 145)".
وانتقد البيان "تواصل سير الجهاز التنفيذي الحكومي بلا فريق متكامل، كما أنّ غياب الوضوح في معايير الإقالة والحفاظ على وزراء حكومة هشام المشيشي أدخل الإرباك على مستوى عديد الوزارات".
ودعا البيان الرئيس إلى "ضرورة تشكيل حكومة قادرة على تحمّل المسؤوليّة التاريخيّة والسياسيّة، حكومة قادرة على فتح الملفات العالقة، يقع اختيارها على أساس الكفاءة والنزاهة لا على أساس الولاء والطاعة، خاصّة أننا على أبواب عودة نسق حياة المواطنين إلى سيره العادي، الأمر الّذي يقتضي أن يعود معه السير العادي لدواليب الدولة".
وبعد قراراته التي وضعها في إطار "إجراءات استثنائية"، في 25 يوليو/تموز الماضي، بإقالة الحكومة وتعليق عمل البرلمان وتمديدها إلى أجل غير مسمى، لمّح الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء السبت الماضي، إلى إمكانية تعديل الدستور، وذلك في إطار خططه غير المعلنة الرامية إلى تغيير النظام السياسي في البلاد، مشيراً في الوقت عينه إلى نيته الإعلان عن الحكومة "في أقرب الآجال".
واعتبرت المنظمة أنّ "إقالة بعض المسؤولين ووضع البعض الآخر قيد الإقامة الجبرية ومنع الكثيرين من السفر خطوات قد تكون تحفظيّة وظرفيّة، ولكنّها تمس الحقوق والحريات وهي في كل الحالات ليست كافية، خاصّة أنّ مكافحة الفساد تتطلب تحميل المسؤوليات ومحاسبة الفاسدين وتكريس المحاكمة العادلة للمتهمين حتى تتم تبرئتهم أو إدانتهم".
وشددت على أنّ "على القضاء أن يلعب دوره في استكمال مسار التقاضي في شأن النواب والمسؤولين والقضاة المتهمين في العديد من القضايا، كما ندعو إلى ضرورة وضع حد للمحاكمات التي تطاول المدنيين أمام المحاكم العسكريّة الخاضعة لقانون لم يعد يتماشى وأحكام الدستور، فكم تخلّف القضاء عن موعده مع التاريخ وكم كلّفتنا المماطلة من ‘هدار للحقوق وتعكير للحياة العامّة والسياسيّة".