تعدّدت تحركات جبهة "البوليساريو"، على أكثر من صعيد، مع اقتراب موعد عقد مجلس الأمن الدولي، نهاية الشهر الحالي، اجتماعا لدراسة تطورات ملف الصحراء، وإصدار قرار أممي بشأن التمديد للبعثة الأممية في الصحراء "المينورسو"، المرتقب أن تنتهي مهمتها في 31 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ومن تحركات جبهة "البوليساريو" المثيرة في ملف الصحراء، تلميحها إلى اللجوء إلى "استعمال الحق في الدفاع عن النفس بإبرام اتفاقيات الدفاع المشترك"، باعتباره " حقا يعترف به القانون الدولي وكذا القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي". ففي سابقة في تاريخ النزاع، هدد مسؤول الشؤون الخارجية في الجبهة، محمد سالم ولد السالك، في حديث مع وسائل إعلام جزائرية، بإبرام اتفاقيات الدفاع المشترك، وذلك لمواجهة ما قال إنها "عرقلة مغربية" و"عدم قدرة" المينورسو على إجبار المغرب على "الالتزام بما وقّع عليه في مخطط التسوية".
لمّحت البوليساريو إلى اللجوء "لاستعمال الحق في الدفاع عن النفس بإبرام اتفاقيات الدفاع المشترك"
ويثير تهديد المسؤول في البوليساريو بلعب ورقة الدفاع عن النفس بإبرام "اتفاقية الدفاع المشترك" مع دول صديقة، أسئلة عدة حول إن كان التهديد مقدمة لدخول نزاع الصحراء مرحلة جديدة من التوتر قد يجر المنطقة إلى الصدام العسكري، ولا سيما في ظل توالي إشارات من داعمي الجبهة أبرزها دعوة وزير المالية في الحكومة الجنوب أفريقية تيتو مبويني، قبل أيام، حركات التحرير اليسارية الموجودة في السلطة في دول في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى إلى حمل السلاح من أجل الدفاع عن أطروحة البوليساريو.
وتعرف اتفاقية الدفاع المشترك بأنها اتفاق دولي يلزم الأطراف الموقعة بالانضمام للدفاع عن بعضها البعض في الظروف المنصوص عليها في بنود المعاهدة، وقد تكون ثنائية أو متعددة الأطراف.
وفي وقت يعرف فيه ملف الصحراء مرحلة جمود في انتظار تعيين مبعوث أممي جديد بعد استقالة المبعوث السابق الألماني هورست كوهلر في شهر مايو/أيار 2019، يرى مراقبون مغاربة في تلويح قيادة "البوليساريو" بورقة "اتفاقية الدفاع المشترك"، توجها قد يحدث تحولا نوعيا في قواعد "الاشتباك الدبلوماسي"، بإقحام دول معادية للمغرب في الصراع تحت غطاء "اتفاقية الدفاع المشترك"، مع ما قد يترتب عن ذلك من توتر قد يجر المنطقة إلى أتون الحرب.
وبحسب الباحث المغربي في شؤون الصحراء، نوفل البوعمري، فإن "البوليساريو حينما تفكر بهذا المنطق تضع نفسها خارج الاتحاد الأفريقي الذي يشتغل من أجل السلام والأمن في المنطقة"، كما أن أي اتفاق تبرمه بهذا الخصوص سيتعارض مع القانون الدولي على اعتبار أن الجبهة، وفقا للقانون الدولي والأمم المتحدة، لا يعترف بها كدولة بل يتم التعاطي معها كتنظيم سياسي، وهو ما أكده تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الأخير، حيث خاطب مسؤول الجبهة باعتباره ممثلها بنيويورك وليس بالأمم المتحدة، ما يعكس موقفا رسميا يتلاءم مع القانون الدولي الذي يجعل من الجبهة مجرد تنظيم لا يتصف بمواصفات الدولة".
ومنذ مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، كان لافتا استباق قيادة "البوليساريو" قرار مجلس الأمن، نهاية الشهر الجاري، بخصوص التمديد لبعثة "مينورسو"، بخطوات تصعيدية من خلال التهديد بإغلاق معبر "الكركرات" الحدودي بين المغرب وموريتانيا في وجه الحركة التجارية والمدنية بشكل نهائي. وكذلك توجيه زعيم الجبهة إبراهيم غالي رسالة تحذيرية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تطالبه بضرورة اتخاذ إجراءات، وصفها بـ"الملموسة والجادة من أجل التنفيذ الصارم لخطة السلام" لتمكين الصحراويين "من ممارسة تقرير المصير".