ذكرت منظمة "العفو" الدولية أنّ الشرطة الإسرائيلية ارتكبت مجموعةً من الانتهاكات ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والقدس الشرقية المحتلة.
وأكدت المنظمة، في تقرير، أمس الخميس، أنّ الشرطة الإسرائيلية شنت حملةً قمعيةً تمييزيةً اشتملت على اعتقالاتٍ جماعيةٍ واسعةٍ، واستعمال القوة غير القانونية ضد متظاهرين سلميين، وإخضاع المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، وذلك خلال الأعمال العدائية المسلحة في الأراضي المحتلة وغزة وبعدها.
وأضافت أنّ "الشرطة الإسرائيلية تقاعست عن حماية الفلسطينيين من حملة الجنسية الإسرائيلية في إسرائيل من الهجمات المتعمدة التي تشنها ضدهم جماعات اليهود المتعصبين المسلحة، وذلك حتى عندما أُعلِن عن تلك الخطط مسبقًا، وكانت الشرطة على علم بها، أو كان ينبغي لها أن تعلم بأمرها".
وقال صالح حجازي، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "العفو" الدولية، ومقرها لندن، إنّ "الأدلة التي جمعتها منظمة العفو الدولية تقدّم صورةً دامغةً للتمييز والقوة المفرطة التي استخدمتها الشرطة الإسرائيلية بلا رحمة ضد الفلسطينيين في إسرائيل والقدس الشرقية المحتلة".
وأضاف "على عاتق الشرطة واجب حماية كل الأشخاص الذين يعيشون تحت سيطرة إسرائيل؛ سواء كانوا من اليهود أو الفلسطينيين، لكنْ عوضًا عن ذلك، فقد كان الفلسطينيون هم الغالبية الساحقة ممن اعتقلوا في حملة الشرطة القمعية بعد اندلاع العنف في الأحياء المختلطة السكان. أمّا القلّة من مواطني إسرائيل اليهود الذين ألقت الشرطة القبض عليهم فقد لقَوا معاملةً متساهلةً على نحو أكبر. كما يتابع اليهود المتعصبون تنظيم المظاهرات، بينما يواجه الفلسطينيون القمع".
وأوضح التقرير أنّ باحثي منظمة "العفو" الدولية تواصلوا مع 11 شاهداً، مشيراً إلى أنّ مختبر أدلة الأزمات التابع لها تحقق من 45 مقطعَ فيديو وأشكالٍ أخرى من وسائط الإعلام الرقمية لتوثيق أكثر من 20 حالةً من انتهاكات الشرطة الإسرائيلية بين 9 مايو/أيار و12 يونيو/حزيران عام 2021. وأضاف "أصيب المئات من الفلسطينيين في تلك الحملة، وقـُتِل صبيٌّ كان عمره 17 عاماً بالرصاص".
وأردف صالح حجازي: "لقد تم تدبير حملة القمع التمييزية هذه كعملٍ انتقاميٍّ وترهيبي بغية سحق المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، ولإسكات مَنْ يَجهرون بإدانة التمييز المؤسّسي والقمع الممنهج اللذين تمارسهما إسرائيل بحق الفلسطينيين".
وأفاد التقرير بأنّ منظمة "العفو" الدولية وثقت استخدام الشرطة الإسرائيلية القوةَ المفرطةَ وغيرَ الضرورية لتفريق الاحتجاجات الفلسطينية ضد عمليات الإخلاء القسري في القدس الشرقية، وكذلك في الهجوم على غزة.
كما وثّقت منظمة "العفو" الدولية التعذيبَ في مركز شرطة المجمع الروسي (المسكوبية)، في مدينة الناصرة، في 12 مايو/أيار، إذ قال شاهد عيان إنه شاهد قواتٍ خاصةً تنهال بالضرب على مجموعةٍ تضمّ ما لا يقلّ عن ثمانية معتقلين مقيّدين ألقيَ القبضُ عليهم خلال مظاهرة.
وقال شاهد العيان: "كان الأمر أشبهَ بمعسكر أسرى حربٍ وحشيّ. كان رجال الشرطة يضربون الشبان بعِصِيِّ مكانس، ويركلونهم بأحذية عسكرية حوّافها ومن الأسفل مغطاة بالفولاذ. وقد توجّب نقلُ أربعةٍ منهم بسيارة إسعاف للعلاج، وقد كُسِرت ذراع أحدهم".
وقال محامي زياد طه، وهو متظاهرٌ آخر احتجز في مركز احتجاز كيشون قرب مدينة حيفا، في 14 مايو/أيار، إن موكّله تم تقييده من معصمَيْه وكاحلَيْه إلى كرسي وحرِمانه من النوم لتسعة أيام.
وتقاعست الشرطةُ أيضًا عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي شنتها جماعاتٌ مسلحةٌ من اليهود المتعصبين، التي غالبًا ما تُعلَنُ خُططُها مسبقًا، وفق التقرير.
وأكدت منظمة "العفو" الدولية أنها تحققت من 29 رسالةً نصيةً وصوتيةً من قنوات "تليغرام" مفتوحة و"واتساب"، حيث كشفت كيفيةَ استخدام هذين التطبيقين بين 10 و21 مايو/أيار لتجنيد رجال مسلحين، وتنظيم هجماتٍ على الفلسطينيين في المدن التي يقطنها خليطٌ من اليهود والعرب، كحيفا، وعكا، والناصرة، واللّد.
وبحسب المنظمة، فإنّ "الرسائل تضمنت تعليماتٍ تتعلق بمكان التجمّع وموعده، وأنواع الأسلحة التي ينبغي استعمالها، بل وحتى الملابس التي يجب ارتداؤُها لَئِلاَّ يُخلَطَ بين اليهود المتحدرين من الشرق الأوسط والفلسطينيين العرب". وقد تشارَكَ أعضاءُ المجموعة صورًا التقطوها لأنفسهم وهم يحملون أسلحة ورسائل من قبيل: "الليلة لسنا يهودًا، بل نحن نازيُّون".
وقالت مولي ماليكار، مديرة الفرع الإسرائيلي لمنظمة "العفو" الدولية، إنّ "تقاعس الشرطة الإسرائيلية بشكل متكرر عن حماية الفلسطينيين من الهجمات المنظمة التي تشنها جماعات اليهود المتعصبين، والافتقار لوجود المساءلة عن مثل هذه الهجمات لَهو أمرٌ مخزٍ ويدلّ على استخفاف السلطات بحياة الفلسطينيين".
وأضافت ماليكار: "إن السماح لمواطني إسرائيل اليهود، بمن فيهم شخصياتٌ بارزة، بالتحريض على الملأ على العنف ضد الفلسطينيين دون مساءلتهم، هو أمرٌ يُبْرِز الحدّ الذي وصل إليه التمييزُ المؤسسي الذي يواجهُه الفلسطينيون، والحاجةَ الملحة إلى الحماية".