هاجمت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية اليمينية، الثلاثاء، تركيا، على خلفية اعتراضها على الاتفاق الذي وقّعته إسرائيل مع كلّ من اليونان وقبرص، حول تدشين كابل تحت مائي لربط شبكات الكهرباء في الدول الثلاث، من منطلق أنّ هذا الكابل يمرّ في الجرف القاري التركي.
ورأت الصحيفة أنّ موقف تركيا دلّ على استعدادها لمواجهة إسرائيل، و"أظهر وجهها الحقيقي"، مقارنة بادعائها الحرص على تحقيق المصالحة مع تل أبيب، لافتة إلى أنّ الاعتراض التركي على تدشين الكابل تحت المائي يندرج في إطار سلسلة من الخطوات التي أقدمت عليها أنقرة، وتهدف إلى المسّ بمصالح إسرائيل، مثل مهاجمتها كوسوفو في أعقاب قرارها تدشين علاقات مع إسرائيل، وانتقاداتها اتفاقات التطبيع مع كلّ من الإمارات والبحرين والسودان.
وبحسب تقدير الصحيفة، فإنّ تركيا، التي تحاول عزل إسرائيل، ترى في اتفاقات التطبيع انتكاسات لها، مشيرة إلى أنّ تعبير تركيا عن رغبتها في التصالح مع إسرائيل، في إبريل/نيسان وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، جاء في إطار محاولة لإبعادها عن اليونان، مشيرة إلى أن أنقرة أبدت أيضاً استعداداً للتوقيع على صفقة تتعلق بترسيم الحدود المائية مع إسرائيل.
وتشير الصحيفة إلى أنّ الحكومة التركية اقترحت على إسرائيل (ضمن عروض المصالحة) التوصل إلى اتفاق حول ترسيم الحدود المائية مع تل أبيب، حيث عرضت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة في أنقرة خارطة (تظهر الواقع بعد تطبيق هذا الاتفاق) تفند الخارطة التي تعرضها قبرص بشأن حدود مياهها الاقتصادية.
وذكرت أنّ تركيا حذرت كلاً من إسرائيل واليونان من مغبة الشروع في تدشين الكابل تحت المائي، مشيرة إلى أن الاتفاق الذي وُقّع لتدشين الكابل أثار غضباً في تركيا، بزعم أنه يمر بالمياه الاقتصادية التابعة لها.
ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا أرسلت مذكرات دبلوماسية إلى سفارتي اليونان وإسرائيل وممثلية الاتحاد الأوروبي في أنقرة بهذا الخصوص، بعد الانتهاء من المناورة البحرية التي نظمتها جيوش إسرائيل واليونان وقبرص وفرنسا في حوض المتوسط.
وأشارت الصحيفة إلى أن التوتر بين تركيا وكلّ من اليونان وقبرص قد تعاظم في أعقاب توقيع أنقرة على اتفاق مع الحكومة الليبية السابقة برئاسة فايز السراج في 2019 حول تقاسم المياه الاقتصادية بين الجانبين.
وبحسب الصحيفة، فإنّ تحدي تركيا لكلّ من اليونان وإسرائيل يمكن أن يكون قد جاء في إطار تمهيدها لتقليص مستوى التوترات مع كلّ من قبرص ومصر وفرنسا والإمارات والسعودية، وهي الدول التي تربطها مصالح مشتركة.
ولفتت إلى أن إسرائيل وقّعت مع كلّ من اليونان وقبرص اتفاقاً لتدشين أنبوب لنقل الغاز الذي ستخرجه إلى أوروبا، بالتعاون مع مصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن سلاح البحرية الإسرائيلية تزوّد أخيراً بستّ سفن حربية من طراز "ساعر"، بهدف تأمين المياه الاقتصادية لإسرائيل ومصالحها الاقتصادية، وتحديداً منصات استخراج الغاز الذي تملكه في حوض شرق المتوسط.
ويذكر أن صحيفة "ذا تايمز" البريطانية كشفت، العام الماضي، النقاب عن أنّ رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يوسي كوهين، أبلغ عدداً من الزعماء العرب بأنّ إسرائيل ترى في تركيا تهديداً يفوق التهديد الذي تمثله إيران.
ويشار إلى أن التقدير الاستراتيجي الذي أصدرته شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" في العام 2020 اعتبر تركيا للمرة الأولى من ضمن الدول التي تشكّل تحركاتها الإقليمية تهديداً للأمن القومي الإسرائيلي.