أصدرت عدد من المحاكم الجزائرية، اليوم الاثنين، أحكاماً بالسجن والاعتقال الفوري في حق 44 ناشطاً في الحراك الشعبي، من أصل 117 ناشطاً متابعاً في عدد من الولايات خلال مظاهرات الحراك التي نظمت يوم الجمعة الماضي، ليرتفع بذلك مجموع معتقلي الحراك إلى 124.
وقررت محكمة باب الواد وسط العاصمة الجزائرية، التي نظرت في ملفات 35 ناشطاً، إدانة 24 منهم بالسجن لمدة ستة أشهر مع إبقائهم في حالة سراح، بينهم الناشطة إيملي عبدلي، والناشط غياش احسن الذي يبلغ 72 سنة. وتم إصدار حكم بالسجن لمدة عام في حق سبعة ناشطين، فيما تمت إدانة ناشط واحد بالسجن لعام ونصف العام، مع تأجيل محاكمة 13 آخرين، بينهم ستة تقرر إيداعهم الحبس المؤقت.
وأصدرت محكمة سيدي محمد وسط العاصمة الجزائرية حكما بالسجن عاماً في حق عشرة ناشطين، بينهم ستة تقرر إبقاؤهم في حالة سراح، فيما قررت حبس ناشطين آخرين لحين محاكمتهما في 24 مايو/أيار المقبل.
كما أدانت محكمة سطيف شرقي الجزائر، 22 ناشطاً بالسجن لمدة عام، بتهمة "التجمهر غير المرخص" و"التحريض على التجمهر"، فيما تمت إدانة 13 ناشطا بعام حبس نافذة من قبل محكمة برج بوعريريج شرقي الجزائر، كما أدانت محاكم في قسطينة وبسكرة جنوبي البلاد والشلف غربي البلاد، عددا من الناشطين.
وتعليقاً على هذه الأحكام، قال عضو هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي في الجزائر، المحامي طارق مراح، في تصريح لـ" العربي الجديد" إن "الاعتقالات والأحكام الصادرة هي مؤشر كبير على توجهات السلطة نحو تشديد القبضة الحديدية والتعامل بشدة مع الحراك الشعبي والناشطين المعارضين لسياسات وخيارات السلطة".
وتابع "من الواضح أنها مقدمة تستبق تشديدا أكبر من قبل السلطة في الفترة المقبلة، خاصة أن السلطة لا تريد رؤية أي تشويش على المسار الانتخابي"، معتبراً أنه "من جانب ثانٍ هذه الأحكام هي أيضا جزء من سياسات استعراضية تمارسها السلطة، ضمن عملية تخويف لكل الناشطين والمعارضين لردعهم عن الخروج إلى الشارع في أيام الجمعة المقبلة". وأسِف مراح "لانخراط السلطة في هذه السياسة مقابل غياب كلي لخطاب طمأنة للجزائريين".
بدورها، اعتبرت القيادية في حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، فطة سعدات، في تصريح لـ"العربي الجديد" استخدام القوة والتضييق والاعتقالات في حق الناشطين من شأنه أن يزيد من تعقيد الأوضاع وتأزيم المشكلة السياسية في البلاد، مضيفة أن تلك الأساليب ليست سبيلا للحل مطلقا.
وأضافت "سبق للسلطة أن جربت مثل هذه الأدوات ولم تنجح مطلقا، من الواضح أننا أمام سلطة تفضل اللجوء إلى الخيارات التي تضيق على الحريات"، محذرة من أن ذلك نفسه ما أوصل الجزائريين إلى حراك 22 فبراير/شباط 2019.
وكانت قوات الشرطة قد اعتقلت أكثر من 900 ناشط خلال مظاهرات الحراك الجمعة الماضية، بينهم قادة أحزاب سياسية على غرار رئيس حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" محسن بلعباس، ورئيس "الحركة الديمقراطية الاجتماعية" فتحي غراس والسكرتير السابق لـ"جبهة القوى الاشتراكية" علي العسكري، ومجموعة كبيرة من الصحافيين والمحامين والأساتذة الجامعيين والمواطنين وأخلي سبيل العدد الأكبر منهم مساء الجمعة الماضية.
وكانت وزارة الداخلية الجزائرية قد نشرت الاثنين الماضي بياناً، أعلنت فيه منع أية مسيرات دون وجود تصريح مسبق لها، وزعمت أن المظاهرات الأسبوعية للحراك أصبحت تعرف انزلاقات وانحرافات خطيرة.
وقبل مظاهرات الجمعة، كانت السلطات قد منعت بالقوة تنظيم المسيرات الأسبوعية للطلبة يوم الثلاثاء واعتقلت عددا منهم، بالإضافة لناشطين وصحافيين كانوا بصدد تغطية المسيرات.