زكّى مجلس الأمة الكويتي في جلسته الافتتاحية، اليوم الثلاثاء، أحمد عبد العزيز السعدون رئيساً له، بعد ترشحه وحيداً لمنصب رئيس البرلمان، للفصل التشريعي السابع عشر.
كذلك انتخب مجلس الأمة، النائب محمد براك المطير، لمنصب نائب الرئيس، وانتخب ممثل "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، النائب أسامة الشاهين في منصب أمين السر، وزكّى النائب عبد الكريم الكندري مراقباً للمجلس.
وعقب تزكية أحمد السعدون، أصبح عرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، رئيساً لمجلس الأمة للمرة الخامسة في تاريخه، عقب مجالس أعوام 1985 و1992 و1996، ومجلس الأمة المُبطل الأول في فبراير/شباط 2012.
ويحظى السعدون بقبول واسع من الشارع الكويتي، وهو ما عكسه اكتساحه في نتائج الانتخابات، بعد حصوله على المركز الأول في الدائرة الثالثة بـ12239 صوتاً، وهو الرقم الأكبر في تاريخ الانتخابات التشريعية منذ تطبيق نظام الصوت الواحد.
ويحظى السعدون كذلك بتأييد أطياف المعارضة كافة في البرلمان، وتمكّنه خبرته البرلمانية وتاريخه السياسي الطويل، من احتواء أعضائها وتوحيد صفوفها في المرحلة المقبلة، وهو ما أكّدته تزكية مجلس الأمة له في منصب رئيس البرلمان، إضافة إلى تمتعه بقبول من طرف الحكومة، التي تُفضّله في منصب الرئيس على سواه، لقدرته على إدارة الجلسات بحيادية من دون انحياز لطرف على آخر، وذلك لتحقيق التوازن المنشود بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
وأعرب السعدون عقب تزكيته، عن أمله أن "تكون المرحلة المقبلة مرحلة إنجاز وتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية".
وبدأت حياة السعدون النيابية عند مشاركته في انتخابات عام 1967، لكنّه لم يحظ بعضوية البرلمان، وعاد إلى المشاركة في انتخابات عام 1975، وحصل على العضوية، وانتُخب نائباً لرئيس البرلمان فيها، كذلك انتُخب مجدداً في المنصب نفسه في مجلس عام 1981، وحصل على عضوية المجالس كافة بعد ذلك على التوالي، وفي أعوام 1985 و1992 و1996، التي انتُخب فيهم رئيساً للبرلمان، وعضوية مجالس أعوام 1999 و2003 و2006 و2008 و2009 و2012.
وبعد إبطال (المحكمة الدستورية) مجلس الأمة في فبراير/شباط 2012، صدر مرسوم أميري بتقليل عدد أصوات الناخبين، من أربعة أصوات إلى صوت واحد، واختار السعدون مقاطعة الترشح للانتخابات قبل أن يقرر المشاركة مجدداً للمرة الأولى منذ عقد في الانتخابات التي أُجريت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، التي اكتسحها برقم قياسي غير مسبوق.
وساهم السعدون عام 2001 في أثناء عضويته في مجلس 1999، بعد أن خسر رئاسة البرلمان لصالح جاسم الخرافي، في تشكيل "كتلة العمل الشعبي" البرلمانية، التي انطلقت بمجموعة من النوّاب بهدف تنظيم العمل البرلماني واتساق المواقف والتصويت على القوانين والاستجوابات داخل البرلمان، واكتسبت الكتلة حينها جماهيرية واسعة، بسبب إسقاطها عدداً من الوزراء، وتبينها القضايا الشعبية، وبسبب مواقفها الصلبة من الحفاظ على المكتسبات الدستورية، وحماية المال العام والدفاع عن الحريات، قبل أن تتطور في مارس/آذار 2014، إلى "حركة العمل الشعبي"، وتزعمها إلى جانب المعارض السياسي البارز والنائب السابق مسلّم البراك، واستقال منها لاحقاً.
وقاد السعدون "كتلة العمل الشعبي" البرلمانية، التي استمرت في تحريك الشارع الكويتي وقيادة المعارضة من داخل البرلمان وخارجه، من عام 2001 وحتى مجلس الأمة المُبطل الأول في فبراير/شباط 2012، ودعت إلى مقاطعة الانتخابات بسبب مرسوم الصوت الواحد، وعدم محاسبة الوزراء المتورطين في قضايا فساد.
انتخاب منصب نائب رئيس مجلس الأمة
وبالعودة إلى انتخابات مجلس الأمة اليوم، انتُخب منصب نائب رئيس مجلس الأمة بين ثلاثة مرشحين، هم كل من النوّاب محمد المطير وحسن جوهر وعيسى الكندري، واحتج الكندري في أثناء انتخاب نائب الرئيس، على تصوير بعض النوّاب أوراق التصويت، وأعلن انسحابه من الترشح.
وطالب النائب صالح عاشور بإعادة انتخاب منصب نائب الرئيس، عقب إعلان الكندري انسحابه في أثناء عملية التصويت، لكون بعض الأصوات اتجهت إليه قبل إعلانه الانسحاب.
وحصل محمد المطير على 22 صوتاً، وحسن جوهر على 17 صوتاً، فيما حصل عيسى الكندري على 6 أصوات، مع وجود ورقة مُبطلة، وامتناع الوزيرين المنتخبين عن التصويت، ليُعلن الرئيس السعدون إعادة التصويت على منصب نائب الرئيس، في جولة ثانية بين النائبين المطير وجوهر، حيث يتطلب الفوز الحصول على أغلبية 25 صوتاً. وشدد السعدون على أن تصوير النائب لورقته سيُعرّض تصويته للبطلان، وطالب النوّاب بالتزام السريّة في أثناء التصويت، تطبيقاً للائحة الداخلية.
وفاز النائب محمد المطير في الجولة الثانية بمنصب نائب الرئيس، بحصوله على 25 صوتاً، في مقابل حصول النائب حسن جوهر على 20 صوتاً.
وفاز النائب أسامة الشاهين في منصب أمين السر من الجولة الأولى بحصوله على 25 صوتاً، في مقابل حصول النائب ماجد مساعد المطيري على 20 صوتاً، فيما زُكّي النائب عبد الكريم الكندري في منصب مراقب المجلس، بعد تنازل النائب محمد الحويلة قبل بدء التصويت.
وقبل البدء بالتصويت على اختيار رئيس مجلس الأمة، وبقية مناصب مكتب المجلس، أعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة ووزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني، عمّار العجمي، مغادرة الحكومة قاعة البرلمان، وذلك التزاماً بعهد القيادة السياسية، الذي قطعته بعدم التدخل في اختيارات الشعب لممثليه، وسط تصفيق حار من الحضور.
وقال العجمي إنه "بناءً على توجيهات القيادة السياسية والنطق السامي، وتفعيلاً لحق الأمة في اختيار رئيس مجلس الأمة بشفافية وعدالة، فإن الحكومة تعلن مغادرة القاعة"، فيما بقي العجمي، ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير النفط بدر الملا، في القاعة، لكونهما منتخبين، للمشاركة في التصويت على مناصب مكتب المجلس، والتصويت على اختيار أعضاء اللجان البرلمانية.