نهاية الأسبوع الماضي، دعي وزير الخارجية التونسية عثمان الجرندي، للمشاركة في اجتماع افتراضي نظّمته الحكومة السويدية لبعث شبكة "أصدقاء الدفاع عن الديمقراطيّة". وتندرج هذه المبادرة، بحسب المنظمين، في إطار السياسة الخارجية السويدية لدعم "الزخم للديمقراطية"، التي تم إطلاقها العام الماضي، بهدف إنشاء شبكة من البلدان ذات وُجهات نظر متقاربة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وشارك في الاجتماع كلّ من وزراء خارجية جورجيا وليبيريا ومنغوليا والبرتغال والأوروغواي والسويد. وتمّ اختيار تونس للمشاركة في هذا الاجتماع "نظراً لالتزامها المستمرّ في مجال تحقيق الديمقراطيّة وتعزيز مؤسّساتها. وبحث الاجتماع دعم العمل المشترك لحماية الديمقراطية ومبادئها ومؤسساتها والمدافعين عنها"، كما أوردت وكالات الأنباء.
هذا الخبر الذي لم يلق اهتماماً خاصاً يؤشر على أن هناك من يتابع الديمقراطية الوليدة في تونس، ويُلاحظ تطورها، على الرغم من كل الأخبار السلبية التي يروجها أعداء التجربة الطامحون لإسقاطها، وعلى الرغم من كل تفاصيل الواقع المعقد الذي تمر به البلاد، والصعوبات الموضوعية والحقيقية التي لم تنجح تونس في تجاوزها بعد.
ولئن كانت التجربة تحتاج أصدقاءها في الخارج، وهناك مؤمنون كثر بجدواها وبقدراتها لا يزالون يدعمونها فعلياً وليس بالخطابات والشعارات، فإنها تحتاج بالخصوص للمدافعين عنها في الداخل، من أبنائها ونخبها، مثقفيها وفنانيها ومفكريها، وخصوصاً سياسييها الذين فشلوا حتى الآن في تجاوز صراعات قديمة، ومنافسات جديدة تجاوزت كل حدود الأخلاق السياسية. وعلى الرغم من أن البلاد في وضع صعب للغاية اقتصادياً واجتماعياً، وجائحة كورونا تزيد تأزماً في البلاد، فإن الساحة لا تخلو من مناكفات وصراع صلاحيات، وكأن المسؤولين في غيبوبة لا ينتبهون لخوف الناس وآلامهم.
الرئيس التونسي الأسبق منصف المرزوقي دعا، وسط هذا اللغط الذي لا ينتهي، إلى هدنة وطنية سماها هدنة كورونا. وكتب المرزوقي نصاً مطولاً على صفحته الرسمية على "فيسبوك" قال فيه إنه "عندما يكون مصير شعب بأكمله على المحكّ، توضع كل الأحقاد والضغائن والخلافات جانباً إلى أن تنتهي الأزمة الوجودية، ولا بأس بعدها من العودة إلى خلافاتنا المحببة. وإلا بماذا سنشغل وقتنا ونثبت ذواتنا إن حُرمنا لذة الصراع؟". وأضاف "نحن في حرب حقيقية ضد عدو خطير يهدد حياتنا واقتصادنا بكيفية غير مسبوقة". وأضاف "أن تدير ظهرك لهموم الصراع من أجل السلطة لا يعني أن تدير ظهرك لهموم الوطن من أجل البقاء"، موضحاً "كونوا جزءا من الهدنة، لأنه لا يوجد غرق درجة أولى". فهل ستجد هذه الدعوة صدى لدى آذان أصمّتها الخلافات وحب السلطة؟