تقدّم أهالي معارضين تونسيين موقوفين بشكوى إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، اليوم الأربعاء، للمطالبة بالإفراج الفوري عن أحبائهم.
وقال وزير الخارجية الأسبق وصهر الغنوشي رفيق عبد السلام، في حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "عدداً من عائلات المعتقلين السياسيين التونسيين تقدموا نيابة عن أوليائهم بشكوى للمحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان وحق الشعوب في أروشا بتنزانيا، تتقدمهم الدكتورة يسرى الخريجي ابنة الشيخ راشد الغنوشي، وكوثر الفرجاني ابنة القيادي في حركة النهضة سيد الفرجاني".
وأوضح عبد السلام أنّ "عائلات المعتقلين تطالب باتخاذ تدابير عاجلة من الحكومة التونسية بإطلاق سراح المساجين السياسيين دون قيد أو شرط، والتحقيق في ملابسات وفاة الشهيد رضا بوزيان الذي قُتل على أيدي الشرطة يوم 14 يناير/ كانون الثاني من عام 2022 بشارع الحبيب بورقيبة خلال مظاهرة في ذكرى الثورة التونسية، ووضع حد لانتهاك الحريات وحقوق الإنسان الآخذة في الاتساع يوم بعد آخر، في ظل حكم قيس سعيّد".
وذكّر عبد السلام أنّ "تونس هي واحدة من ست دول أفريقية فقط وقّعت بشكل كامل على المحكمة الأفريقية، وبالتالي هي ملزمة بتطبيق قراراتها وأحكامها".
وأضاف: "رفع المحامي البريطاني رودني ديكسون، نيابة عن أفراد عائلات المحتجزين والفقيد بوزيان، طلباً بتسليط عقوبات على المسؤولين السياسيين والأمنيين من فريق قيس سعيّد المتورطين في المس بالحريات وانتهاك حقوق الإنسان، وعلى رأسهم وزيرة العدل ليلى جفال، ووزير الداخلية السابق رضا شرف الدين، ووزير الداخلية الحالي كمال الفقيه، وعدد من القيادات الأمنية المتورطة في إعطاء الأوامر بالاختطاف والاعتقال والتعذيب ومداهمة بيوت المعارضين"، بحسب قوله.
وتابع: "لقد تحولت تونس في عهد قيس سعيد من دولة ديمقراطية ناشئة تتمتع بمساحة كبيرة من الحريات، رغم وجود بعض الصعوبات الاقتصادية، إلى دكتاتورية كاملة ودولة فاشلة، فقد دمر انقلاب سعيّد كل المكتسبات التي انتزعتها تونس بعد الثورة بشق الأنفس وبعد تضحيات متواصلة من الأجيال، حيث قضى على الحرية من دون أنّ بجلب التنمية الموعودة"، مضيفاً: "مشهد امتداد الطوابير الطويلة للحصول على رغيف الخبز يقدم صورة مكثفة عن حجم الأزمة التي صنعها سعيّد بعد انقلابه على الدستور وتدمير المؤسسات وجمع كل المؤسسات بين يديه".
ومنذ مطلع فبراير/ شباط، سجنت السلطات التونسية أكثر من 20 معارضاً وشخصية، من بينهم وزراء سابقون، في حملة قمع أدانها المجتمع الدولي وجماعات حقوقية. ومن أبرز الموقوفين رئيس "حركة النهضة" راشد الغنوشي، وهو أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس التونسي قيس سعيّد الذي حل البرلمان في يوليو/ تموز 2021، وتولّى كامل السلطات.
وأوقف الغنوشي (81 عاماً) في إبريل/ نيسان وحُكم عليه في 15 مايو/ أيار بالسجن لمدة عام بتهمة "تمجيد الإرهاب". وقالت يسرى الغنوشي (45 عاماً)، ابنة راشد الغنوشي التي تعيش في المملكة المتحدة، لوكالة "فرانس برس"، إن الاتهامات الموجهة إلى والدها رئيس البرلمان السابق، مدفوعة "بأهداف سياسية وملفقة"، وهي جزء من محاولة لسعيّد من أجل "القضاء على المعارضة".
من جهته، أكّد سعيّد أن الموقوفين "إرهابيون" متورطون في "مؤامرة على أمن الدولة الداخلي والخارجي". ووصف المعارضون التوقيفات والإدانات بأنها "انقلاب"، وعودة إلى الحكم الاستبدادي في الديمقراطية الوحيدة التي ظهرت بعد انتفاضات الربيع العربي قبل أكثر من عقد.
"لن نصمت"
وأكّدت يسرا الغنوشي في نيروبي، أمس الثلاثاء، عشية رحلة إلى أروبا بقولها لوكالة "فرنس برس": "نأمل أن يؤدي ذلك إلى إطلاق سراحهم وتحقيق العدالة لهم". وأضافت: "لن يصمتوا ولن نصمت". ودعت يسرا الغنوشي، على غرار العديد من أقارب موقوفين آخرين، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، إلى فرض عقوبات مستهدفة على سعيّد وعدد من الوزراء "المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان".
وقال رودني ديكسن، محامي الغنوشي وخمسة سجناء آخرين، لوكالة "فرانس برس": "إنهم يحاولون الدفاع عن قضاياهم في تونس، لكن كل الأبواب أغلقت". وأضاف أن الأهالي أرادوا اللجوء إلى القضاء ليثبتوا أن عمليات السجن كانت مخالفة لميثاق حقوق الإنسان الأفريقي، وإطلاق سراحهم. وأوضح ديكسن أنه "لا توجد عدالة في ظل النظام هناك... ولهذا السبب يتعين عليهم اللجوء" إلى المحكمة الأفريقية، مشيراً إلى أن الموقوفين ليس لديهم إمكان الوصول المنتظم إلى محامين، ويعانون من أجل الحصول على رعاية طبية مناسبة.
وأشار إلى أن "اتهامات بالتعذيب" في حق موقوف ستُثار في المحكمة أيضاً. وقالت يسرا الغنوشي إنها قلقة على صحة والدها، إذ يعاني ارتفاع ضغط الدم و"لم يعد شاباً".
وسُجن رئيس البرلمان السابق مرتين في الثمانينيات، بتهمة ممارسة نشاطات سياسية سرية، قبل أن يغادر البلد ويبقى في المنفى 20 عاماً، ثم يعود بعد إطاحة زين العابدين بن علي في ثورة الربيع العربي عام 2011.
وتونس واحدة من ست دول في القارة انضمت إلى المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.