لا يزال الإسرائيليون والأميركيون، يبحثون، عن الأسباب المباشرة وغير المباشرة، للإخفاق الإسرائيلي في استباق عملية "طوفان الأقصى" التي نفذّتها حركة "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، في مستوطنات غلاف غزة، وأدت إلى اندلاع الحرب اليوم بينها وبين إسرائيل في القطاع المحاصر، والذي يهدّد باشتعال المنطقة برمتها.
وفي تقرير جديد، لشبكة "سي أن أن" الأميركية، يبدو أن أحد أسباب الإخفاق، مردّه أيضاً إلى أن الاستخبارات الأميركية نفسها التي رصدت تحركات وأنشطة غير عادية لـ"حماس"، تعاملت بدورها مع المسألة وكأن ذلك "يحصل كل يوم" في فلسطين المحتلة، والتي تصنّف لدى الاستخبارات الأميركية بأنها "منطقة ساخنة". لكن تقرير "سي أن أن" الجديد، الذي نشرته أمس الجمعة، يضع بشكل أو بآخر اللوم على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، المنشغلة ربما أكثر بحرب أوكرانيا، أو المطمئنة بعد الكلام السعودي الإسرائيلي بأن "التطبيع يقترب".
وأصدرت الاستخبارات الأميركية، تقديري موقف على الأقل، استندا في جزء منهما إلى معلومات استخبارية وفّرتها إسرائيل، محذرين إدارة بايدن من ارتفاع خطر اندلاع حرب أو مواجهة عسكرية بين إسرائيل والفلسطينيين، وذلك قبل أسابيع من عملية حركة "حماس" في مستوطنات غلاف غزة، بحسب مصادر مقربة من الاستخبارات.
مصدر لـ"سي أن أن": المشكلة كانت تكمن بأن أياً من هذه التقديرات لم يكن بأمر جديد
وحذّر تحديث للاستخبارات، مؤرخ في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي، بناء على معلومات متعددة من الجهاز الأميركي، من أن حركة "حماس" مصممة على تصعيد إطلاقها للصواريخ عبر حدود قطاع غزة مع الأراضي المحتلة. وفي برقية استخبارية مؤرخة في 5 أكتوبر/ تشرين الأول الحالي، حذّرت وكالة الاستخبارات المركزية "سي أي إيه"، بشكل عام، من أن احتمال اندلاع أعمال عنف بقيادة "حماس" يرتفع. وفي 6 أكتوبر، أي في اليوم الذي سبق عملية الحركة، تداول مسؤولون أميركيون، تقريراً من إسرائيل أشار إلى نشاط غير طبيعي للحركة التي تحكم غزة، وهي إشارات أصبحت اليوم واضحة، ومعناها أن "هجوماً كان وشيكاً".
لكن أياً من التقارير الأميركية الاستخبارية، لم يقدم تفاصيل تكتيكية أو إشارات تدل على المشهد الأوسع، وحجم الهجوم غير المسبوق، أو العنف الذي يحتويه، بحسب "سي أن أن"، كما قالت لها مصادرها. وليس واضحاً، بحسب الشبكة، إذا ما كان أي من هذه التقديرات الاستخبارية قد جرى تشاركها مع إسرائيل، التي وفّرت الكثير من المعلومات للأميركيين لبناء تقرير موقفهم. علماً أن إسرائيل وغزة والضفة الغربية هي دائماً على لائحة "المناطق الساخنة" في تقارير الاستخبارات الأميركية بشكل يومي، وتلك التي يتداولها المسؤولون الأميركيون الكبار يومياً، بحسب ما قال شخص حصل على هذه التقارير الأخيرة.
وقال مصدر لـ"سي أن أن"، إن "المشكلة كانت تكمن بأن أياً من هذه التقديرات لم يكن بأمر جديد"، مضيفاً أنه "أمر بدا وكأنه الشيء الطبيعي الذي يحصل تاريخياً بين حماس وإسرائيل". وقال: "أعتقد أن ما حصل هو أن كل من اطلع على هذه التقارير فكّر بالطريقة التالية: طبعاً، نعرف هذه الأمور".
كما لفت مسؤول عربي من دولة عربية، في تعليق للشبكة، بأن بلده رفع بشكل متكرر قلقه للمسؤولين الأميركيين والإسرائيليين بأن الغضب الفلسطيني بدأ يصل إلى درجات غير مسبوقة، "لكنهم لم ينصتوا كل مرة كنا نحذرهم فيها".
وأخبر دبلوماسي من الشرق الأوسط مقيم في واشنطن "سي أن أن"، أن حكومته لطالما حذّرت البيت الأبيض والاستخبارات الأميركية من أن حركة "حماس" تراكم ترسانتها من الأسلحة وأن الغضب الفلسطيني "على وشك الانفجار".
وأضاف الدبلوماسي: الأسلحة الموجودة في غزة هي فوق ما يمكن أن يتصوره أي شخص. كما أن الأسلحة التي تصل إلى الضفة من غزة، أصبحت أيضاً مشكلة حقيقية، وأن سيطرة حماس على الضفة أمر حقيقي.
وشدّد على أن هذا الكلام "كنا نردده في كل اجتماع، كل اجتماع خلال العام ونصف العام الماضي".