ونقلت الإذاعة العبرية، قبل يومين، عن مصدر كبير في قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال قوله إن السلطة أبلغتهم أنّ ممثليها يتجوّلون في المدارس ويلقون محاضرات أمام الطلاب ويحذّرونهم من أن تنفيذ هذه العمليات سيفضي إلى المس بعائلاتهم عبر توفير الفرصة لإسرائيل لتبرير تدمير منازلهم. كما ينبّهونهم إلى أنّ تنفيذ عمليات الطعن والدهس سيمس بـ"المصالح العليا" للشعب الفلسطيني، وأنه يتوجب منح فرصة لجهود السلطة الفلسطينية في الساحة الدولية والهادفة إلى تأمين اعتراف بحق الشعب الفلسطيني في دولة. وبحسب المصدر، فإن ممثلي السلطة يحاولون تقليص تأثير الإهانات والاعتداءات التي يتعرض لها الطلاب وعائلاتهم من قبل جنود الاحتلال والمستوطنين، وعدم تحويلها إلى محفّز لتنفيذ عمليات ضد أهداف الاحتلال.
ويقول المصدر الذي زعم أنّه اطلع على محتوى هذه الرسائل، إنّ السلطة تطالب الطلاب بأن يكونوا "أكثر تحضّراً" من الإسرائيليين، وألا يردوا بالعنف مثلهم. ويضيف المصدر ذاته أن ممثلي السلطة الفلسطينية لا يترددون في التوجه لعائلات فتيان يُستدلّ من مناشيرهم على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ لديهم توجه لتنفيذ عمليات، ويطالبونهم بالتأثير على أولادهم. ويلفت هذا المصدر إلى أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أقرّ صراحة، في مقابلة بثّتها قناة التلفزة الإسرائيلية، في مارس/آذار الماضي، ضمن برنامج "عوفداه"، بأنّ السلطة الفلسطينية تقوم بأنشطة داخل المدارس الفلسطينية لمنع تنفيذ عمليات ضد إسرائيل، ومن ضمن ذلك تفتيش حقائب الطلاب لمصادرة ما فيها من سكاكين.
وزعم عباس حينها أنّ عناصر الأمن التابعين للسلطة صادروا في مدرسة واحدة 70 سكيناً كانت بحوزة الطلاب. لكن المفارقة تكمن في أنه على الرغم من إقرار أوساط الأمن الإسرائيلية بجهود السلطة في مجال إحباط عمليات المقاومة سواء عبر التعاون الأمني المباشر أو عبر الأنشطة "التعبوية الثثقيفية"، فإن اليمين الإسرائيلي يطالب بإجراءات أكثر جذرية لمواجهة "التحريض" في الساحة الفلسطينية.
وتعتبر صحيفة "يسرائيل هيوم" المقربة من ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن فوز قائمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في انتخابات جامعة "بيرزيت"، أخيراً، يعدّ مؤشراً على أن ظروف التحريض على إسرائيل في الضفة الغربية مثالية. وفي مقال نشرته الصحيفة، أمس الأول الثلاثاء، يقول معلقها للشؤون الإسلامية، الدكتور إفرايم هراري، إنه كلما زادت نسبة تمثيل الإسلاميين في الجامعات كلما زادت فرصة المس بإسرائيل. وادعى هراري أن بحثاً أُجري في إسرائيل، أخيراً، دلّ على أنّ ثلث منفذي العمليات الاستشهادية التي تمت خلال انتفاضة الأقصى كانوا طلاب جامعات أو خريجين جامعيين.
ويحث هراري على "تنظيف" مناهج التعليم في السلطة الفلسطينية من كل النصوص الدينية والمواد التي تحث على "الجهاد" والمس بإسرائيل، معتبراً أن أساليب التربية الدينية التي تدرّس في مناطق السلطة الفلسطينية "تحثّ على كراهية اليهود". ويدعو هراري صناع القرار في تل أبيب إلى إجبار السلطة الفلسطينية على القيام بالخطوات التي قام بها نظام الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي لـ"إصلاح العملية التعليمية"، والتي تضمنت حذف كل المواد التي تحث على الجهاد والعنف.
ويشدد هراري على ضرورة وقف "التحريض الإعلامي"، مستهجناً أن تواصل إسرائيل السماح لقناة "الجزيرة" بالعمل في الضفة وإسرائيل على الرغم من "دورها في التحريض". كما يدعو المعلّق ذاته إسرائيل لـ"التعلّم" من السيسي الذي أغلق مكاتب "الجزيرة"، ومن الحكومة العراقية التي اتخذت إجراءً مماثلاً أخيراً.
وتأتي جهود السلطة الفلسطينية لإقناع الشباب الفلسطيني بعدم الانضمام للمقاومة في الوقت الذي دل استطلاع أجرته جمعية "مبادرة جنيف" على أن الشباب الإسرائيليين يبدون معارضة كبيرة لفكرة حلّ الصراع مع الشعب الفلسطيني بالوسائل السياسية. وتنقل صحيفة "معاريف"، في عددها الصادر الخميس الماضي، عن مدير القسم الإسرائيلي في "مبادرة جنيف" غادي بلطيانسيكي، قوله إنه كلما قلّ عمر الإسرائيليين زادت معارضتهم للتسوية السياسية، مشيراً إلى أن الإسرائيليين حتى سنّ 34 عاماً يبدون معارضة أكبر للتسوية السياسية من الذين يكبرونهم في العمر.
ويشير إلى أنه حتى قادة اليمين في إسرائيل يقرّون أن مناهج التعليم في إسرائيل تشجع على التطرف والإرهاب. وفي مقال نشره في صحيفة "هارتس"، الأسبوع الماضي، قال المدير العام لمجلس المستوطنات اليهودية السابق في الضفة، يسرائيل هارئيل، إن خطة التعليم الجديدة التي أقرها وزير التعليم نفتالي بنات "ستفضي إلى تشكيل داعش يهودية".