إشادة بقرار إعادة عبد اللطيف المكي إلى السباق الرئاسي في تونس

28 اغسطس 2024
عبد اللطيف المكي خلال مؤتمر صحافي بتونس، 21 مارس 2020 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- قرار المحكمة الإدارية بإعادة عبد اللطيف المكي إلى السباق الرئاسي في تونس أثار ضجة كبيرة، حيث اعتبره البعض قراراً تاريخياً ومنصفاً، بينما رأى آخرون أنه مناورة انتخابية من قبل الرئيس قيس سعيّد.

- مدير حملة المكي أكد أن الحكم نهائي وغير قابل للطعن، مما يلزم الهيئة العليا للانتخابات بإدراج المكي في قائمة المترشحين المقبولين، واعتبر البعض القرار مكسباً وطنياً يعزز الديمقراطية.

- القرار أثار تساؤلات حول نزاهة الهيئة الانتخابية واحتمالات تدخلات مستقبلية، مع ردود فعل متباينة بين الترحيب والشكوك حول تكتيكات انتخابية.

أثار حكم المحكمة الإدارية بإعادة المترشح عبد اللطيف المكي إلى السباق الرئاسي في تونس، ضجة لدى الرأي العام، كذلك عمل على قلب موازين المنافسة الانتخابية، بعد جدل غير مسبوق حول إقصاء غالبية المرشحين الجديين من المنافسة. هذا القرار اعتبره جزء من المعارضة تاريخياً ومنصفاً ويعيد الأمل في تغيير الواقع السياسي، في مقابل من اعتبره مناورة وتكتيكاً انتخابياً من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد.

وتصدّر قرار المحكمة الإدارية اهتمام التونسيين، بعد قبول الطعن المقدم من المكي، وبالتالي القضاء من جديد بقبول ترشحه وإعادته إلى المنافسة في انتخابات 6 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، ليلتحق بالمترشحين الثلاثة المقبولين إلى حد الآن، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، ومؤسس حركة عازمون العياشي زمال، في انتظار ما سيصدر عن المحكمة غداً الخميس بالنسبة إلى بقية الطعون.

وقال مدير حملة المترشّح للانتخابات الرئاسيّة عبد اللطيف المكي، ونائب رئيس حزب العمل والإنجاز، إن "هذا الحكم يُعَدّ نهائياً وباتّاً وغير قابل للطعن، كما بينه المتحدث باسم المحكمة الإدارية، وبالتالي ما على الهيئة العليا للانتخابات إلا أن تطبق هذا القرار وتدرج الدكتور عبد اللطيف المكي في قائمة المترشحين المقبولين، وبالتالي نستطيع أن نقول اليوم إن الدكتور المكي مترشح في انتخابات الرئاسية لسنة 2024".

وأضاف النفاتي في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "منذ أن أعلن المكي ترشحه وبعد ثلاثة أيام تمت دعوته لقضية اتُّهم فيها بالقتل العمد للجيلاني الدبوسي (من رجالات النظام السابق للثورة، سجين بعد الثورة، توفي بعد مغادرته للسجن، بعد خروج المكي من وزارة الصحة). وبعد ذلك تم تحريك قضية مفبركة حول التزكيات وكل مرة تقدم قضايا وتفرض عليه قرارات بعدم مغادرة منطقة سكنه بجهة الوردية بالعاصمة، ومنعه من الظهور الإعلامي، وبالتالي هي رغبة في إعدامه انتخابياً وإعلامياً".

وأضاف النفاتي: "رغم كل ذلك تنقل الفريق رغم محدودية الموارد وقد قدمنا نحو 17.200 تزكية في غياب الدكتور المكي، ولو كان حاضراً لكنا جمعنا 50 ألف تزكية". وشدد النفاتي على أن "كل ذلك يبين أن المكي مرشح جدي، خصوصاً بعد كل العراقيل والصعوبات فإننا رفعنا التحدي"، مشيراً إلى أن الفريق القانوني سيقوم اليوم الأربعاء بنقض الإجراء القاضي بعدم مغادرته منطقة الوردية باعتباره إجراءً وليس حكماً، فليس معقول في تونس أن يوجد مرشحون يعانقون الناخبين ويتجولون شمالاً وجنوباً، ومرشحون آخرون في أروقة المحاكم، وهذا يمسّ بصورة تونس".

واعتبر النفاتي أن "قرار المحكمة الإدارية قرار تاريخي وقرار منصف وعادل سيخلد في الذاكرة الوطنية كما خلد التاريخ قراراتها التاريخية زمن الديكتاتور بن علي، وأنصفت عديد الناس، وهذا يُعد مكسباً وطنياً يبنى عليه في انتظار إنصاف باقي المترشحين حتى تكون منافسة ديمقراطية"، وتابع: "بعد فشل محاولة إقصاء المكي نتمنى أن ترفع عنه إجراءات المنع من الظهور الإعلامي والتنقل حتى يتمكن من القيام بحملته الانتخابية".

وقال أستاذ القانون، إبراهيم بلغيث، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "بشأن قرار المحكمة الإدارية بخصوص ملف المكي، اعتقدنا للوهلة الأولى أن المحكمة تعهدت بمراقبة دستورية الملفات، وكان ذلك مصدر أمل كبير في انتظار الاطلاع على حيثيات نص الحكم والأساس القانوني له، ولكن يبدو أن الأمر يتعلق فقط بالتثبت وحساب التزكيات في دائرتين انتخابيتين، بما وفّر العدد القانوني في شرط التزكيات، وهذا لا يُنقِص من قرار المحكمة قانونياً باعتبارها تصدت لمسألة شرط تقديم البطاقة عدد 3 الخاصة بنقاوة السوابق العدلية".

وتابع بلغيث: "سياسياً هذه صفعة للرئيس قيس سعيّد وللهيئة الانتخابية التي ثبت أنها غير جديرة، باعتبار أن المحكمة الإدارية تصدت لقراراتها وأظهرت أخطاءه‍ا". وأضاف أن "تونس تعيش منعرجاً مهماً في انتظار بقية الأحكام لبقية المترشحين، وبالتالي أصبح المسار مهدداً، ويبدو أن سعيّد لن يقبل بمنافسة نزيهة لا يضمن فيها الفوز من الدور الأول".

وتساءل بلغيث: "كيف ستؤتمن الهيئة المعيّنة من الرئيس على بقية العملية الانتخابية، من حملة انتخابية ومسار انتخابي؟ وكيف يؤتمن على أصوات الناخبين والتصويت والاحتساب؟". ونبه بلغيث إلى أن "سيناريو عودة مترشحين للسباق لم يكن في حسبان سعيّد، ما يجعل إمكانية أن يتحجج الرئيس سعيد بوجود خطر داهم والتسبب بأي إشكال والتحجج بوجود مؤامرة وخطر داهم كالعادة والاعتماد على تطبيق الفصل 90 فقرة 2 من دستوره والذهاب إلى مجلس النواب لإقرار قانون يمدد له باعتبار تعذر إجراء انتخابات".

وأفاد بلغيث أن "احتمال إبعاد المكي عبر إيقافه وإيداعه السجن على خلفية اتهامه في قضية الجيلاني الدبوسي ليس مستغرباً في تونس، فقد شهدنا مرشحاً للانتخابات الرئاسية في السجن وهو نبيل القروي في 2019 ولم يُسرّح إلا قبيل الدور الثاني". وأشار إلى أنه "من الناحية السياسية والانتخابية قد يمنح ذلك للمكي زخماً انتخابياً، خصوصاً إذا تعرض مترشح لمظلمة واستُهدف من النظام سيكون محل تعاطف وتضامن من قبل الناخبين".

وقال القاضي الإداري السابق، أحمد صواب في تصريح صحافي، إن "قرار المحكمة الإدارية من المنطقي أن يطيح الحكم الذي أصدرته الدائرة الجناحية الصيفية بحرمان المترشح عبد اللطيف المكي الترشح مدى الحياة، خصوصاً أن المحكمة الإدارية أعلى سلطة في المادة الانتخابية والتزكيات، حيث اعتبرت التزكيات سليمة".

ودوّن رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي، قائلاً: "تحية لقضاة الجلسة العامة الذين طبقوا القانون وأرجعوا الحقوق لأصحابها رغم الضغوطات. في انتظار باقي مآلات الطعون، لا تفقدوا الأمل في تونس يحترم فيها القانون ويكون فيها القضاء مستقلاً".

وتقدم المترشح للانتخابات الرئاسية عماد الدائمي بالتهنئة للمكي عبر تدوينة في صفحته الرسمية، قائلاً: "نشكر المحكمة على انتصارها للحق وتصديها لكل الضغوطات. ولدينا يقين بأن تنصفنا وتصدر حكمها لصالحنا إثر جلسة المفاوضة صباح الخميس، بالنظر لأن ملفنا مستوفٍ لكل الشروط وإقصاؤنا كان ظالماً".

وقال الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي على صفحته الرسمية بفيسبوك، إن "القرار الشجاع الذي اتخذته المحكمة الإدارية بإعادة الأخ عبد اللطيف المكي إلى سباق الانتخابات الرئاسية، وإن لا يغير شيئاً من حكمي على هذه الانتخابات، له دلالتان على قدر كبير من الأهمية، أن الثورة التي آمنت ودعمت استقلال القضاء وكرامة القضاة تركت بصماتها عميقاً، كما أن مشروع المنقلب بالعودة للقضاء المستغل لن يكون سهلاً (...) وأن الدولة العميقة ليست على قلب رجل واحد وفيها عقلاء يدركون خطر تواصل شخص مثل المنقلب على رأس الدولة للخمس سنوات المقبلة".

وقال أستاذ القانون عبد الوهاب معطر، على صفحته بفيسبوك: "كما توقعنا قضت الجلسة العامة للمحكمة الإدارية نهائياً بإلغاء قرار هيئة بوعسكر وإرجاع الدكتور عبد اللطيف المكي إلى السباق الرئاسي، وأصبح لدينا اليوم ثلاثة مترشحين مع الانقلابي في انتظار وصول بقية المترشحين. ولطمأنة الشعب فإن الحكم الجناحي الظالم الصادر ضد الدكتور عبد اللطيف بحرمانه الترشح مدى الحياة هو حكم ابتدائي وغير نافذ ولا تأثير له في الانتخابات المعينة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول".

في مقابل ذلك، اعتبرت النائب بمجلس الشعب المساندة لسعيّد، فاطمة المسدي، على صفحتها بفيسبوك، أن "قرار المحكمة الإدارية دليل على ضعف هيئة بوعسكر". فيما اعتبرت الناشطة المساندة لسعيّد منجية العبيدي أن "رجوع عبد اللطيف المكي للترشح للرئاسة دليل على نزاهة الانتخابات واستقلالية القضاء، قيس سعيّد لا يظلم أحداً"، على حد وصفها. وقالت المحامية وفاء الشاذلي إنّ "القرار تكتيك لإضعاف حظوظ زمال (...) النهضة والمعارضة ستتشتت أصواتها بين عبد اللطيف المكي والعياشي الزمال". وكتب الناشط المساند لسعيّد مبروك الطرشوني: "اتمنى أن يعود عبد اللطيف المكي للسباق الرئاسي حتى يكون انتصار قيس سعيّد عن جدارة وينتهي اللغط والتشكيك في النتيجة".

المساهمون