استمع إلى الملخص
- الخبير آرون دافيد ميلر أشار إلى أن الزيارة كانت تهدف لدفع مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، لكن التوترات بين إيران وإسرائيل جعلت الخطوة غير مجدية، مع توقع تأجيل خطة بايدن.
- المبعوث عاموس هوكشتاين وصل إلى بيروت لتحذير حزب الله، وسط تقديرات برد إيراني مباشر على إسرائيل، وتكهنات حول من سيشعل فتيل المواجهة أولاً.
ألغى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، مساء الثلاثاء، وبصورة مفاجئة زيارة كان يعتزم القيام بها إلى المنطقة. اللافت فيها أنها خلافا لزياراته الثماني السابقة بقيت طي الكتمان ولم يصدر بيان مسبق بشأنها كما جرت العادة، وكذلك جاء خبر إلغائها من دون بيان.
نائب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية فيدانت باتيل أنكر أثناء الإحاطة الصحافية، الثلاثاء، أن يكون الوزير في وارد السفر "الآن". ربما تكون جولته قد تأجلت إلى وقت قريب. لكن الغموض الذي رافقها أثار أكثر من علامة استفهام. وازداد التساؤل بعدما ربطت وزارة الخارجية صرف النظر عن الزيارة "بالمجهول" الذي يخيم على الوضع الحالي في المنطقة. وكأن الإدارة الأميركية كانت مترددة في زيارة بلينكن أصلاً ثم تأكد لها في آخر النهار أنها لن تكون مجدية لأن الأحداث قد سبقتها وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صار يمسك بزمام الأمور أكثر من ذي قبل. فإذا كانت الغاية من زيارة بلينكن توفير دفعة زخم لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة والمقرر انطلاقها غدا الخميس، فإن اللحظة الراهنة المشحونة بخطر مواجهة إيرانية - إسرائيلية مفتوحة "لا تسمح بإنجاز مثل هذه الخطوة"، وفق الخبير آرون دافيد ميلر، وخصوصاً أن محاولاته السابقة وفي ظروف أقل سخونة لم تفلح في ترجمة المرحلة الأولى على الأقل من الخطة التي طرحها الرئيس بايدن في 31 مايو/أيار الماضي والتي وضع نتنياهو كل العصي في دواليبها وباعتراف الإدارة ولو بصورة ملتوية.
الآن بعد التطورات الأخيرة في المنطقة، يستبعد ميلر تنفيذ هذه المرحلة "قبل نوفمبر/ تشرين الثاني القادم" والانتهاء من الانتخابات الأميركية. تقدير يغلب على معظم القراءات التي ترى بأن الأولوية انتقلت منذ أسبوعين إلى الجبهة الشمالية وربما إلى "جبهات أخرى موسعة" إذا فشلت المساعي المختلفة والتحذيرات الشديدة اللهجة (منها تحذير البنتاغون اليوم لإيران من عواقب هجوم على إسرائيل) في لجم الاندفاع في هذا الاتجاه. ومن هذه المساعي، الاتصالات التي جرت مع طهران أخيرا "عبر شركائنا في المنطقة"، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الذي رفض ما زعمته السفارة الإيرانية في الأمم المتحدة قبل أيام عن حصول "تواصل مباشر" بين طهران وواشنطن حول الأزمة الراهنة، مع أن نفيه جاء بصيغة ضبابية بدأها بالقول إن الوزارة "لا تتحدث عن اتصالاتها الدبلوماسية"، وإنه "لا تعليق" لديها على كلام السفارة، من دون تكذيب الكلام سوى بنفي وجود "اتصال مباشر" مع إيران.
وفي هذا المجال يصل المبعوث الخاص عاموس هوكشتاين، اليوم الأربعاء، إلى بيروت، حاملا ما هو "أكثر من تحذير" لحزب الله. ويبدو أن واشنطن تتصرف في ضوء ما أعربت عنه الاستخبارات الإسرائيلية أخيراً لجهة أن ايران "قررت الرد" المباشر على إسرائيل. وتعزز هذا التقدير بعد استقالة نائب الرئيس الإيراني محمد جواد ظريف، يوم الأحد الماضي، والذي أوحى توقيته بوجود خلاف داخل الحكومة الإيرانية حول موضوع الضربة ضد إسرائيل، ولو أن الاستقالة جرى ربطها بإشكالات الإصلاح والعقبات القائمة في طريق ظريف في هذا المجال.
وواكب هذا التقدير أو بالأحرى تكونت على أساسه قناعة بأن الضربة باتت وشيكة. وثمة من يتوقع وبما يشبه التأكيد أن استئناف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة الخميس، قد يكون بمثابة المحاولة الأخيرة لاجتناب التفجير الذي تحول إلى حديث الساعة في واشنطن والذي جاء تراجع الوزير بلينكن عن زيارته ليرجح كفة وقوعه. وتعزز هذا التفسير بعد تلميحات إسرائيل الأخيرة حول احتمال قيامها بضربة "استباقية"، كان قد جرى ما يشبه التمهيد لها من خلال التركيز المكثف طوال الأسبوعين الماضيين على "اقتراب ساعة الهجوم الإيراني" كما على استعدادات حزب الله "وتوسيعه" لمدى وكثافة نيرانه وبما يساعد في تحضير الأجواء وبالتالي تسويغ أي عملية إسرائيلية بحجة دفع هجوم إيران قبل وقوعه.
وكشفت "وول ستريت جورنال"، في وقت متأخر من ليل الثلاثاء الأربعاء، عن أن مثل هذا الخيار متداول في مطبخ القرار الإسرائيلي الذي يبدو أن مصادره مررت المعلومة للصحيفة الأميركية كمؤشر مسبق إلى ما قد يحصل. وبذلك صارت التكهنات تدور حول من يسبق في إشعال فتيل المواجهة، إيران - حزب الله أم إسرائيل؟ وفي كل حال تبقى خشية جهات أميركية، ومنها الإدارة، من التمادي المتعمد لحكومة نتنياهو في الضربة بحيث تضمن صعوبة وقف الانزلاق نحو الاشتباك الأوسع الذي ينشده نتنياهو ويرفضه بايدن الذي صار بلا قدرة أو بالأحرى تخلى عنها، حتى في حدود فرض وقف إطلاق نار في غزة.