يبدو أن اجتماعات نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأيام الأخيرة، وتبادل الرسائل بين إيران والولايات المتحدة، لم يحدثا اختراقاً في المفاوضات النووية المتعثرة مع إيران، فالطرفان ما زالا يمارسان لعبة رمي الكرة إلى الطرف الآخر ولومه، مع تمسّك طهران بمواقفها من دون تنازل، وتأكيد واشنطن أن "لا توقعات بإحياء الاتفاق النووي على المدى القصير".
الجانب الإيراني ما زال يكرر مطالبه بشأن الضمانات التي يطلبها من الجانب الأميركي، وإغلاق التحقيقات الأممية حول أنشطة نووية غير معلنة، حسب إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي السياق، أكد مستشار الوفد الإيراني المفاوض، محمد مرندي، اليوم الاثنين، في تصريحات صحافية أوردتها وكالات الأنباء الإيرانية، أن إيران "تريد ضمانات قبل التوقيع على الاتفاق" في المفاوضات النووية، قائلاً إن الأميركيين والأوروبيين "ليسوا في موقع يسمح لهم بزيادة الضغط على إيران".
واتهم مرندي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الذي تطالب طهران بالرد على أسئلة الوكالة حول ثلاثة مواقع مشتبهة بممارسة أنشطة نووية سرية، بأنه ينفّذ ما تمليه عليه الإدارة الأميركية، معلناً في الوقت ذاته استعداد طهران للتعاون مع الوكالة، مع تأكيده أن أسئلتها الأخيرة "لم تكن جدية".
كذلك، اتهم الولايات المتحدة باستخدام الوكالة للضغط على إيران، وتضمين الاتفاق "بنوداً غامضة للتهرب لاحقاً من الاتفاق".
من جهته، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، في كلمة في المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا، أنه "لا توجد في إيران أي نشاطات أو مواد نووية غير معلنة"، قائلاً إن "جميع الاتهامات أساسها معلومات مزورة وغير صحيحة من الكيان الصهيوني الغاصب".
ودعا إسلامي، الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى عمل بـ"استقلالية" في تقاريرها بشأن برنامج إيران النووي، وعدم اعتماد "المزاعم والإدعاءات" في هذه التقارير، مضيفاً أن إيران "لطالما دعمت التنفيذ الكامل من دون تمييز لمعاهدة عدم الإشاعة واتفاقيات الضمانات" التابعة للمعاهدة.
وأضاف المسؤول الإيراني أن إيران "ما زالت متعهدة بالاتفاق النووي" المبرم عام 2015، معلناً استعدادها للعودة إلى تعهداتها في رفع العقوبات الأميركية المفروضة علها والتي وصفها بأنها "غير قانونية".
ومن المقرر أن يلتقي رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي خلال زيارة فيينا.
وعلى الضفة الأميركية، لا أمل بحصول الاتفاق، أقله قريباً، والتشاؤم يزداد يوماً بعد يوم، مع اتهام طهران بعرقلة الوصول إليه، إذ أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم الاثنين، لبرنامج "ستون دقيقة" في محطة "سي بي إس" الأميركية، أنه لا يرى أي توقعات في المدى القريب بخصوص إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
وأضاف بلينكن أن الرد الإيراني على النص الأوروبي المقترح للاتفاق الشهر الماضي، لإحياء الاتفاق النووي "كان خطوة كبيرة إلى الوراء"، مؤكداً: "لا توجد لديّ أي توقعات في المدى القصير لإحياء الاتفاق النووي".
وتأتي تصريحات بلينكن بعد يوم من إعلان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، من نيويورك، أن الطرف الأميركي "أرسل خلال الأيام الأخيرة رسائل عدة أكد فيها أن لديه الإرادة وحسن النية اللازمة للتوصل إلى الاتفاق"، قائلاً: "أبلغناهم بضرورة ترجمة هذه الإرادة وحسن النية على أرض الواقع، وأن يثبتوا ذلك لنصل إلى مرحلة الاتفاق".
كما تلقّى الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، خلال وجوده في نيويورك، رسائل من الجانب الأميركي عبر نظيريه الفرنسي والسويسري، بشأن إجراء لقاء مباشر وحل القضايا الخلافية العالقة بالمفاوضات، لكن رئيسي رفض اللقاء، مؤكداً أن بلاده لن تتنازل عن ضرورة إنهاء التحقيقات حول المواقع الثلاثة.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً إنها عثرت فيها على آثار اليورانيوم المخصب، داعية إيران إلى التعاون بشأن معرفة مصير ومصدر تلك المواد، متهمة إياها بعدم التعاون وعدم الرد على أسئلتها، لكن إيران من جهتها تتهم الوكالة بأنها تبني على "مزاعم إسرائيلية" بشأن تلك المواقع.