يلتئم اليوم الأحد اجتماع شرم الشيخ المُكمّل لقمة العقبة (التي عُقدت في 26 فبراير/ شباط الماضي)، ويشارك فيه ممثلون عن السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر والأردن والولايات المتحدة. ويأتي الاجتماع على وقع تهديدات لجيش الاحتلال بتكثيف عمليات الاغتيال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية قبل حلول شهر رمضان، واحتجاجات فلسطينية على مشاركة السلطة في القمة.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، إنه من المقرر أن تعقد لقاءات ثنائية بين الأطراف المشاركة في اجتماع شرم الشيخ، بناء على رغبة أميركية تهدف إلى "إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتعزيز التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال، على الرغم من فشل قمة العقبة وعدم تنفيذ مخرجاتها من قبل إسرائيل، وفشل مساعي التهدئة".
وقالت المصادر إن "اجتماعات جرت خلال الأيام القليلة الماضية بين مسؤولين فلسطينيين وأميركيين في رام الله، حاول فيها المسؤولون الأميركيون إقناع نظرائهم الفلسطينيين بالمشاركة في قمة شرم الشيخ".
من المقرر أن تعقد لقاءات ثنائية بين الأطراف المشاركة في اجتماع شرم الشيخ، بناء على رغبة أميركية
إدانة لمشاركة السلطة بلقاء شرم الشيخ
ودانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي، في بيان مشترك، "إصرار السلطة الفلسطينية على المشاركة في قمة شرم الشيخ الأمنية"، واعتبرتا ذلك "انقلاباً على الإرادة الشعبية، وخروجاً سافراً عن القرارات الوطنية ومخرجات الحوار الوطني".
وقال الفصيلان إن "العدو الإسرائيلي يستغل هذه اللقاءات الأمنية لشن المزيد من العدوان والمجازر ضد شعبنا، التي كان آخرها مجزرة جنين، إضافةً لمواصلة استهداف المقاومين واغتيالهم". ودعيا إلى "وقف التعلق بأوهام التسوية والمفاوضات والالتزام بالإرادة الشعبية وقرارات الإجماع الوطني، ووقف العبث بالأمن والسلم الوطني الفلسطيني"، وحذرا من "مخطط خطير للإجهاز على الوحدة الميدانية التي جسدها مقاتلو شعبنا على طول خطوط الاشتباك والمواجهة مع الاحتلال، والعودة لمربعات الصراعات الداخلية والعداوات الوهمية".
من جهته، قال رئيس دائرة العلاقات الوطنية في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش إن مشاركة السلطة في القمة "تشكل طوق نجاة لحكومة اليمين المجرم في تل أبيب". وأضاف: "هذه الخطوة وفي هذا التوقيت تحديداً، هي خدمات مجانيّة للحكومة الصهيونيّة اليمينيّة التي بات العالم يضيق ذرعاً بممارساتها وسلوكها الفاشي، ومشاركة السلطة ستصب زيتاً على نار الأزمات الداخلية، ومن ناحية أخرى تعطي الفرصة للكنيست الصهيوني للمضي قدماً في إقرار قانون إعدام الأسرى الذي سيشكل عصا في مواجهة نتنياهو خصومه في أزمته الداخلية".
مفاوضات بلا نتائج
وتعليقاً على التطورات والقمة، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية، في الأردن، جمال الشلبي، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد الإعلان عما تُسمى صفقة القرن عام 2019، وما تلاها من دخول العالم في أزمة كورونا، التي غاص العالم بعدها في حرب كبرى بين روسيا وأوكرانيا منذ 2022، لم يعد هناك حيز حقيقي لمناقشة المسألة الفلسطينية والسعي للبحث عن حلول عملية واقعية لأطول قضية دولية منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 وإلى الآن".
وأضاف: "لذلك، تبدو القمم أو اللقاءات الرفيعة المستوى منذ لقاء بئر السبع، والعقبة، واليوم في شرم الشيخ بين الفاعلين الأساسيين في مشكلة الشرق الأوسط، مجرد "دبلوماسية الحضور البهيج" بغض النظر عن النتيجة المعروفة سلفاً وهي بقاء الوضع القائم كما هو في ظل تراجع الاهتمام العالمي بالقضية كما كان في السابق، وعدم وجود الرغبة الجادة والصادقة لإسرائيل بتقديم أي شيء للفلسطينيين، لا سيما بعد وصول الحكومة الأكثر تطرفاً منذ نشأة ما يسمى بدولة إسرائيل برئاسة بنيامين نتنياهو، فضلاً عن بروز "موجة التطبيع" العربي الثالثة التي أضعفت الموقف العربي الموحد تجاه إسرائيل".
وأشار إلى أن "الوضع الفلسطيني الداخلي الذي يمر في وضع يرثى له بسبب الانقسام الحاصل بين غزة ورام الله، ساهم في استبعاد القضية أو على الأقل عدم وضعها في أولويات جدول الأعمال الدولي والإقليمي".
ولفت الشلبي إلى أن "كل تلك الوقائع تشكل بالنسبة للأردن قلقاً سياسياً خطراً، خصوصاً أن هناك مشروعاً سياسياً يطبخ بين إسرائيل وبعض الدول لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن ووجوده المادي والمعنوي تحت شعار الوطن البديل".
الشلبي: الكل يعرف بمن فيهم الذي يجلسون على طاولات المفاوضات، أن هذه الاجتماعات ليست لها نتائج بتاتاً
وأضاف "بالنسبة لمصر فهي أكبر دولة عربية، ولكنها تعاني من مشاكل داخلية وخارجية لا تجعلها قادرة على لعب الدور المناط فيها تاريخياً وسياسياً، ومع ذلك تحاول عبر هذه اللقاءات الدورية المتعلقة بالمسألة الفلسطينية لعب دور الوسيط أحياناً، وتخفيف حدة التوتر أحياناً أخرى". وتابع: "لكن بالنتيجة النهائية، لا أحد لديه القدرة الحقيقية على إيجاد حل أو التفكير به أيضاً للشعب الفلسطيني الرازح تحت احتلال يستخدم كل أشكال القتل والتدمير والإهانة".
ورأى أنه "بالنتيجة النهائية، الكل يعرف بمن فيهم الذي يجلسون على طاولات المفاوضات في هذه اللقاءات المهمة نظرياً وإعلامياً، أن هذه الاجتماعات ليست لها نتائج بتاتاً، ومع ذلك يحضرون لإثبات الحضور، ولإبراز حسن النوايا المكشوفة في البحث عن حل، فهناك مصلحة لكل الأطراف في المشاركة لكسب الوقت على أمل ان يكون هناك تحول دراماتيكي يعيد الأمور إلى نصابها".