اعتصام وسط الكويت احتجاجاً على تعطل أعمال البرلمان

26 مايو 2022
أُقيم الاعتصام في ساحة الإرادة في العاصمة الكويتية دون تسجيل أي مضايقات أمنية تذكر (Getty)
+ الخط -

تجمّع مئات المواطنين الكويتيين، أمس الأربعاء، في ساحة الإرادة، وسط العاصمة الكويت، من الساعة السابعة إلى الساعة العاشرة مساءً، احتجاجاً على تعطل أعمال مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، وعدم انعقاد جلساته العادية، لمدة قاربت الشهرين، بعد أن دعا إلى الاعتصام النائب السابق صالح الملا.

ودعا صالح الملا، عبر حسابه في "تويتر"، في 20 مايو/أيار الجاري، إلى الخروج في يوم الأربعاء إلى ساحة الإرادة، ما لم يُدعَ المجلس إلى الانعقاد في يوم الثلاثاء الذي يسبقه، وذلك احتجاجاً على استمرار عدم انعقاد جلسات مجلس الأمة العادية، منذ جلسة 29 مارس/آذار الماضي، التي شهدت مناقشة استجواب تقدم به ثلاثة نواب من المعارضة، هم مهند الساير وخالد العتيبي وحسن جوهر، إلى رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد.

وكان قد تقدم المحامي هاني حسين، يوم الأحد الماضي، بإخطار رسمي إلى وزارة الداخلية لإقامة الاعتصام، ولكنه قوبل بالرفض، حسبما كتب في حسابه على "تويتر"، يوم الثلاثاء الماضي، وقال: "وردني اتصال من العميد توحيد الكندري، يبلغني فيه أن التجمع المقرر عقده غداً (الأربعاء) في ساحة الإرادة، رُفض".

وأصدرت وزارة الداخلية الكويتية، بياناً، يوم الثلاثاء الماضي، حذرت فيه من أنّ "الخروج بتجمعات أو مسيرات، من دون الحصول على ترخيص من الجهات المعنية، يشكل خرقاً للقانون ويعرّض للمساءلة القانونية". وأضاف البيان أنّ "وزارة الداخلية لم تصدر أي تصريح لإقامة التجمع المشار إليه على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت عنوان (وقفة احتجاجية)، وتناشد الجميع ضرورة التزام القوانين المنظمة بهذا الشأن".

وأعلن النائب محمد المطير، أحد أقطاب المعارضة في البرلمان، عبر حسابه في "تويتر"، يوم الاثنين الماضي، عدم حضوره إلى تجمّع ساحة الإرادة، وعلّل ذلك بأنه "بعد تجربة سابقة، التي عانى منها وما زال الكثير من الشباب، أحكاماً وملاحقات وتهجيراً، وبعد النجاح بنقل محاربة الفساد إلى قاعة عبد الله السالم (مجلس الأمة)، حيث لا ضرر يصيب الشباب مهما ارتفع سقف المطالبات، ولوجود ذات الأسباب، التي قد يتكرر معها ما سبق من أحداث مؤلمة، لذلك لن أحضر تجمّع الإرادة"، في إشارة إلى أحداث الحراك الكويتي المعارض عام 2014، وتداعياته التي أدت إلى إسقاط الجنسية الكويتية عن عدد من المعارضين السياسيين.

وأعلنت "الحركة التقدمية الكويتية" اعتراضها على بيان وزارة الداخلية، بمنع التجمع في ساحة الإرادة، وقالت، في بيان: "انطلاقاً من المادة الـ 44 من الدستور، وبعد حكم المحكمة الدستورية سنة 2006، بعدم دستورية مرسوم قانون الاجتماعات الصادر 1979، فقد أصبحت الاجتماعات العامة مباحة، ولا تتطلب ترخيصاً".

ورغم بيان وزارة الداخلية الكويتية، الذي قد يكون ساهم في عدم تصاعد أعداد المعتصمين، أُقيم الاعتصام في ساحة الإرادة، دون تسجيل أي مضايقات أمنية تذكر، أو أي حال احتكاك بين المعتصمين والقوة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية، التي حضرت فقط بترتيباتها الأمنية حول ساحة الإرادة، وأغلقت المواقف القريبة منها، ما اضطر أعداداً كبيرة إلى الوصول إليها سيراً على الأقدام، ولكن بسلاسة.

وشهد اعتصام ساحة الإرادة حضور عدد من أعضاء المعارضة في مجلس الأمة، من بينهم حسن جوهر، وعبد الله المضف، ومهلهل المضف، ومهند الساير، وشعيب المويزري، وخالد العتيبي، وعبد العزيز الصقعبي، وثامر السويط، وعبد الكريم الكندري.

كذلك حضر إلى الاعتصام عدد من النواب السابقين، إلى جانب منظم الاعتصام صالح الملا، أبرزهما النائبان السابقان فيصل المسلم وبدر الداهوم، بالإضافة إلى عدد من ممثلي التيارات السياسية، وشخصيات سياسية مستقلة.

وقال منظم الاعتصام، النائب السابق صالح الملا، عند وصوله إلى ساحة الإرادة، رداً على بيان وزارة الداخلية الكويتية، في تصريح أدلى به إلى وسائل إعلام محلية، إن "حق الاجتماع العام مكفول وفق الدستور، دون إذن من السلطات الأمنية".

وأردف الملا: "إذا كان العائق (لعقد الجلسات) عدم استطاعة النواب التعامل مع رئيس المجلس أو مع رئيس الحكومة، فليُحلّ مجلس الأمة ولنعد إلى الصناديق".

من جانبه، صرّح الأمين العام السابق لـ"الحركة التقدمية" الكويتية، أحمد الديين، في ساحة الإرادة، بأنّ سبب التجمع هو "الحالة السيئة التي وصلت إليها البلاد، في ظل إدارة سياسية فاشلة"، وأضاف: "الشعب عبّر عن نفسه في البرلمان وعبّر صناديق الاقتراع، ولم تتم الاستجابة له، فبالتأكيد سيُعبّر عن نفسه بمثل هذه الوقفات الاحتجاجية السلمية"، وأشار إلى أن "الشعب الكويتي سبق أن أحرز في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، انتصاراً تاريخياً بإسقاط رئيس الحكومة ومجلس عام 2009".

بدوره، طالب النائب السابق والمعارض السياسي البارز، فيصل المسلم من ساحة الإرادة، برحيل الرئيسين (رئيس مجلس الأمة ورئيس الحكومة)، وحل مجلس الأمة والدعوة إلى انتخابات جديدة، معتبراً أنّ هذا هو الحل الوحيد، في ظل عدم تمكين أعضاء مجلس الأمة من ممارسة حقوقهم الدستورية، وإلى أنّ حتى تعيين رئيس وزراء جديد، خلفاً للشيخ صباح الخالد، لن يؤدي إلى مُباركة المعارضة وتعاونها معه، في ظل وجود رئيس مجلس الأمة الحالي مرزوق الغانم، وفق قوله.

ورأى محمد غانم القناص، رئيس مكتب القطاعات والتنظيم، في "حركة العمل الشعبي" الكويتية (حشد)، التي يتزعمها النائب السابق والمعارض السياسي البارز مسلّم البراك، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ تداعي المواطنين إلى ساحة الإرادة جاء "بسبب الاستياء العام لديهم، وحال الإحباط الكبيرة التي يعيشونها، من تفشي الفساد"، موضحاً أنّ وجود حكومة تصريف العاجل من الأمور بعد استقالتها، وتعطيل أعمال البرلمان مدة شهرين، أدى إلى إصابة البلد بحال شلل وجمود طوال هذه الفترة.

وعن مشاركة "حركة العمل الشعبي"، في اعتصام ساحة الإرادة، التي حضرت بكوادرها القيادية، قال القناص إنّ الحركة "ترحب بأي دعوة وطنية صادقة للإصلاح، فهي كانت وما زالت فاعلاً رئيساً ومشاركاً في جميع القضايا الوطنية"، وأضاف: "الحركة أطلقت في وقت سابق شعاراً رئيساً لها، وهو عودة المهجرين، والدفاع عن سجناء الرأي، واستقرار المواطنة للحفاظ على الهوية الوطنية ببسط سلطة القضاء على مسائل الجنسية".

في المقابل، قال رئيس اللجنة المركزية في "المنبر الديمقراطي" الكويتي، بندر الخيران، حسبما نقلت عنه صحيفة "الجريدة" الكويتية، إنّ المنبر الديمقراطي لم يشارك في تجمع ساحة الإرادة، وذلك "بالتنسيق والترتيب مع القوى والتنظيمات السياسية الكويتية، لإعداد مشروع إنقاذ وطن، وتقديم رؤية معمقة"، دون أن يسمي التيارات السياسية، وأكد أنّ "المنبر الديمقراطي" يدعم حق التعبير للمواطن ويؤيده بكافة المجالات السلمية من رأي أو اجتماع، سواء المتفق أو المختلف عليها.

المساهمون