قالت الحكومة الجزائرية، اليوم الأربعاء، إن الأجهزة الأمنية تمكنت من إحباط "خطط تخريبية"، كانت مجموعات مرتبطة بحركات إرهابية وانفصالية تتمركز قياداتها في الخارج، تعتزم تنفيذها، لزعزعة استقرار البلاد.
وأعلن المتحدث باسم الحكومة الجزائرية وزير الاتصال عمار بلحيمر، في تصريح صحافي اليوم الأربعاء، إلقاء القبض على أفراد ومجموعات تخريبية "تعمل بإمرة فلول الدمويين الذين كانوا سببا في العشرية السوداء، ودعاة الانفصال الممولين من طرف أعداء الجزائر المعروفين"، مضيفاً أن تورط أطراف خارجية في توظيف الحراك لاستهداف الجزائر، إذ تستعمل هذه الأطراف كل الوسائل لبلوغ هدفها التخريبي، لا سيما عن طريق الحرب الإلكترونية لتغليط الرأي العام وتزوير الحقائق وإحداث الفتنة بين المواطنين، بحسب قوله.
ويقصد بلحيمر بالدمويين في العشرية السوداء، حركة رشاد المتمركزة في الخارج، ويقودها نشطاء سابقون في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، أو داعمون لها، والتي تتهمها السلطات بتخريج مجموعات إرهابية بعد انقلاب الجيش في يناير/كانون الثاني 1992. في حين يقصد بالانفصاليين حركة "الماك" الانفصالية التي تطالب بانفصال منطقة القبائل عن الجزائر، علمًا أنه تم تصنيف الحركتين إرهابيتين بناء على قرار مجلس الأمن القومي المجتمع، برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، أمس الثلاثاء.
وشدد المسؤول الجزائري، على أن كافة الأجهزة الأمنية وعلى رأسها الجيش تعمل ميدانيا لإفشال "الثورة المضادة" التي تقودها "بقية العصابة"، (وهو وصف تطلقه السلطات على المجموعات السياسية والمالية التي كانت مقربة من محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة)، لحماية أمن الجزائر ومنع زعزعة الاستقرار.
وقال المتحدث باسم الحكومة الجزائرية، إن الاتفاق الحاصل بين السلطة والمؤسسات الأخرى كالأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات والتنظيمات النقابية والمؤسسات الإعلامية، يزعج تلك الأطراف التي تسمي الدفاع عن القضايا الوطنية تطبيلا ومهادنة للسلطة، مشيرا إلى أنه لن يتم الالتفات لتلك الأصوات لسبب واحد، وهو معرفة مصدرها ومن يغذيها ويدفع لها مقابل محاولة تشتيت اللحمة الوطنية، بحسب تعبيره.
واعتبر أن تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة، خطوة في الاتجاه الصحيح، وأن الإقبال الكبير للشباب على الترشح فاجأ الجميع وخلط حسابات أعداء الجزائر.
من جهته، قال قائد أركان الجيش الفريق السعيد شنقريحة، خلال لقاء مع قيادة المنطقة الغربية، إن الجزائر تعیش مرحلة حاسمة من تاريخھا المعاصر، محذرًا من المساس بالوحدة الترابية للوطن، ودعا أبناء الجزائر إلى التحلي باليقظة الشديدة والحس الوطني الرفيع، والسھر على الحفاظ على الوحدة الوطنية، الترابية والشعبية، خاصة في ظل ما تفرضه الأحداث الجارية من تداعيات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقال نوري إدريس الباحث الأكاديمي وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة سطيف شرقي الجزائر ، في تصريح لـ"العربي الجديد"،إن غياب المشروع والتصور للأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وعدم الاستعداد عن التنازل عن السلطة ومزاياها، هو الذي حشر السلطة في هذه الزواية، وجعلها تبحث عن مبررات للفشل وعدم الإصلاح، بدلًا من الحلول التي تطلب تغييرًا شامًلا، وهو الأمر الذي لا تستعد السلطة له.
وأوضح إدريس، " معظم أصحاب القرار يميلون إلى ثقافة سياسية ما قبل ديمقراطية، ويرون فيها تهديدًا للأمن والوحدة الوطنية، لافتًا إلى أن تفاعل هذين العاملين، هو الذي أنتج هذا العطل الشامل للدولة، وجعلها تبحث عن أعداء وهميين يمكن بهم تبرير العطالة.
ويكثف المسؤولون السياسيون والعسكريون في الجزائر، في الفترة الأخيرة تصريحات تشير إلى وجود مؤمرات مدبرة ضد البلاد من قبل حركات تدعمها دول أجنبية، والزعم بوجود خطط لتفجير الأوضاع الأمنية في البلاد، حيث بثت السلطات على التلفزيون الرسمي، اعترافات لنشطاء يقرون بسعيهم للحصول على الأسلحة وتنفيذ تفجيرات في تظاهرات الحراك الشعبي، على أن يتم نسب مسؤوليتها لاحقا للسلطات، لزيادة الضغط الدولي عليها.
في المقابل، يلقى هذا الخطاب السياسي للسلطة انتقادات كبيرة، لكونه يتضمن حسب المحللين مبالغات كبيرة من قبل السلطة في تقديرها من جهة، ولكونها جزءا من خطة هروب سياسي للسلطة من مواجهة المطالب السياسية التي يرفعها الحراك الشعبي منذ عامين.