قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، إن سياق تنفيذ الاتفاق النووي الإيراني وقرار مجلس الأمن 2231 (2015) شهد تحسناً منذ إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن قبل ستة أشهر لمناقشة المسألة النووية الإيرانية.
وجاءت تصريحات ديكارلو ضمن إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الموضوع وتقرير الأمين العام للأمم المتحدة.
وقالت ديكارلو: "إن الجهود الدبلوماسية المستمرة في فيينا تشكل فرصة حاسمة لكل من الولايات المتحدة وإيران للعودة إلى التنفيذ الكامل والفعال للخطة والقرار. وأكدت في الوقت ذاته على ضرورة "أن تعمل جميع الدول الأعضاء على تعزيز بيئة مساعدة وتجنب أي عمل قد يكون له تأثير سلبي على هذه الجهود الدبلوماسية الجارية، وكذلك على الاستقرار الإقليمي".
وأكدت على أهمية جميع المبادرات الداعمة للعلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران، لا سيما بالنظر إلى التحديات الاقتصادية والصحية الحالية التي تفرضها جائحة كورونا". وكررت ديكارلو مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، للولايات المتحدة "برفع أو إلغاء عقوباتها المبينة في الخطة، وتمديد الإعفاءات في ما يتعلق بتجارة النفط مع إيران، وتسهيل الأنشطة المتعلقة بالمجال النووي مرة أخرى. بما يتفق مع الخطة والقرار".
وأشارت في هذا السياق إلى أن "العودة إلى التنفيذ الكامل والفعال لخطة العمل الشاملة المشتركة والقرار أمر مهم للغاية في ضوء الخطوات الإضافية التي اتخذتها جمهورية إيران الإسلامية لتقليص التزاماتها المتعلقة بالمجال النووي بموجب الخطة، بعد انسحاب الولايات المتحدة منها".
ولفتت الانتباه في هذا السياق إلى تقرير سابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية لمجلس الأمن مفاده أن "إيران قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي جديدة ومتقدمة وبدأت أنشطة البحث والتطوير لإنتاج معدن اليورانيوم". كما أشارت إلى "تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة تصل إلى 60 بالمائة ولديها الآن مخزون إجمالي من اليورانيوم المخصب يبلغ 3241 كغم - وهو ما يتجاوز الحدود المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة في كلتا الحالتين". ولفتت الانتباه إلى تصريحات إيران في هذا السياق ومفادها أنه يمكنها التراجع عن تلك الإجراءات التي اتخذتها منذ يوليو/تموز للعام 2019.
وقالت ديكارلو إن إيران "قررت اعتبارًا من 23 فبراير/شباط 2021، تعليق تدابير الشفافية الطوعية المنصوص عليها في خطة العمل الشاملة المشتركة، بما في ذلك البروتوكول الإضافي لاتفاقية الضمانات الشاملة الخاصة بها". وأضافت: "مع ذلك، في فبراير، توصلت الوكالة ومنظمة الطاقة الذرية الإيرانية إلى تفاهم تقني ثنائي مؤقت، يسمح للوكالة بمواصلة أنشطتها الضرورية للرصد والتحقق. انتهى هذا التفاهم في 24 يونيو/حزيران، ولم توضح إيران ما إذا كانت تعتزم الإبقاء على الترتيب الحالي".
ودعت إيران "إلى استئناف التفاهم التقني المؤقت مع الوكالة دون تأخير، والامتناع عن اتخاذ مزيد من الخطوات لتقليص التزاماتها، والعودة إلى التنفيذ الكامل للخطة". وأشارت إلى ضرورة أن تنظر إيران بعناية "إلى الشواغل الأخرى التي أثارها المشاركون في الخطة والدول الأعضاء الأخرى في ما يتعلق بالقرار 2231 (2015)".
وحول الأحكام في القرار المتعلقة بالمجال النووي، قالت ديكارلو: "لم نتلق أي تقرير عن توريد أو بيع أو نقل المواد النووية والمواد النووية ذات الاستخدام المزدوج إلى إيران".
وفي ما يخص الصواريخ الباليستية وأحكام القرار المتعلقة بذلك قالت ديكارلو: "قدمت كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيران وإسرائيل وروسيا معلومات إلى الأمين العام ومجلس الأمن في ما يتعلق بإطلاق إيران الصواريخ الباليستية واختبار لمركبة إطلاق فضائية في يناير/كانون الثاني وفبراير للعام 2021". ثم أضافت: "تعكس المعلومات المقدمة آراء متباينة بين تلك الدول الأعضاء حول ما إذا كانت عمليات الإطلاق هذه تتعارض مع القرار".
وختمت ديكارلو إحاطتها بالتشديد على أهمية وقيمة الاتفاق النووي لقضية عدم الانتشار، وكذلك للأمن الإقليمي والدولي.
بدوره، قال نائب السفيرة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، جيفري ديلورينتي، "إن إيران تواصل تجاهل البند في القرار 2231 الذي يدعو إلى عدم القيام بأي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية المصممة لتكون قادرة على إيصال أسلحة نووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية هذه"، وأضاف: "نشارك المخاوف التي أعربت عنها مجموعة الثلاث الأوروبية (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة) وإسرائيل في رسائلها بشأن أنشطة الصواريخ الباليستية الإيرانية، ونرفض تأكيدات روسيا وإيران بأن هذه الأنشطة لا يشملها القرار 2231".
ثم تحدث الدبلوماسي الأميركي عن نشاطات إيران في المنطقة وما سماه "دعم إيران للإرهاب الذي يهدد القوات الأميركية والموظفين الدبلوماسيين وشركاءنا في المنطقة وأماكن أخرى". وأضاف أن ذلك "يؤدي إلى عدم الاستقرار ويؤثر سلبًا على ملايين المدنيين. سنواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لنا لمواجهة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ولتعزيز تنفيذ قرارات مجلس الأمن الأخرى للتصدي لانتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية، بما في ذلك حظر القرار 1701 النقل غير المصرح به للأسلحة والمواد ذات الصلة إلى حزب الله في لبنان، وحظر القرار 2216 نقل الأسلحة والأعتدة ذات الصلة إلى الحوثيين في اليمن".
من جهته، تحدث السفير الروسي للأمم المتحدة في نيويورك، فاسيلي نيبنزيا، عن استمرار الجانب الأميركي بممارسة أقصى درجات الضغط على إيران وفرض عقوبات بما يتنافى مع القرار 2231 (2015). وفي ما يخص الوضع الأمني في المنطقة قال نيبنزيا: "هذا موضوع مهم ولكنه خارج نطاق الاتفاقية. وهو موضوع علينا نقاشه في المستقبل عندما تتم العودة والالتزام بالاتفاق بشكل كامل". ثم تحدث عن فكرة طرحتها روسيا في الماضي مفادها إطلاق حوار في منطقة الخليج يتعلق بالأمن والسلم، مؤكدا في الوقت ذاته أن تلك القضايا يجب أن تترك للدول في المنطقة ويجب أن لا يتم ربطها بالاتفاقية والعودة إليها.
أما ممثل إيران في الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي، فتحدث عن أن الخطوات الإيرانية جاءت بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية وفرضها عقوبات أنهكت شعبه وأن هذه العقوبات كانت بمثابة إعلان حرب اقتصادية على إيران. وقال إنها "استخدمت الطعام والأدوية كسلاح حرب وهو ما يخالف القانون الدولي حتى في حالات الحرب وهو ما يشكل جرائم ضد الإنسانية".
وقال إن بلاده، وعلى الرغم من ذلك، لم ترد على تلك الخطوات إلا بعد سنة من انسحاب الولايات المتحدة. ثم تحدث عن أن العقوبات الأميركية كلفت الاقتصاد الإيراني مليارات الدولارات وأدت إلى معاناة واسعة ووفاة إيرانيين.
ثم تحدث عن أن واقع الحال لم يتغير حتى بعد إعلان الولايات المتحدة نيتها العودة للاتفاقية. ثم قال "إن الوقت قد حان لأن تعود الولايات المتحدة، والدول الأوروبية الثلاث، لاتخاذ قرارات صعبة والعودة للالتزام بشكل كامل مع خطة العمل الشاملة". وأكد السفير الإيراني أن الخطوات التي اتخذتها بلاده يمكن العودة عنها في حال تمت العودة والالتزام بشكل كامل بالاتفاقية ورفع العقوبات. ثم أكد على ضرورة أن تقدم الولايات المتحدة الضمانات اللازمة المتعلقة بضمان عدم انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية مجددا.