استمع إلى الملخص
- اقترح قبيلات استقالة القيادة الحالية لتمهيد الطريق لقيادة جديدة، لكن المبادرة لم تُقبل، وقدم استقالته بعد عودة الخلافات رغم نجاح الحزب في الانتخابات.
- أكد عمر آميل عواد على أهمية مؤتمر استثنائي لمعالجة الخلافات، مشيراً إلى قدرة الحزب على تجاوز الأزمات رغم التحديات المالية والسياسية.
أعلن الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني سعود قبيلات، أمس الجمعة، تقديم استقالته من منصب الأمين العام، إلى اللجنة المركزية للحزب، بسبب ما وصفه بالوصول إلى طريق مسدود مع قيادات في الحزب، وعدم الوصول إلى حلول وسط وإيجاد آليات عمل مناسبة.
وقال قبيلات، في استقالته التي نشرها على صفحته على موقع فيسبوك: "لقد جئت إلى موقع الأمين العام للحزب الشيوعي الأردني، قبل حوالى سنة ونصف، في مناخات وحدة الشيوعيين، بنفس مفعمة بأحلام كبيرة عن الأشياء التي يمكن أن أنجزها، ثم وجدتني، على رأس حزب مشلول ومعطل، بلا هيكل تنظيمي يربط بين أعضائه، ويفعّلهم، وينسق أفعالهم، ويؤهلهم للتصدي للمهام الوطنية والاجتماعية الاقتصادية الملقاة على عواتقهم، ووجدت أن عدد الفاعلين في الحزب، قليل جداً".
وتابع: "دخلنا في طريقٍ مسدود: أنا الأمين عام، ونائب الأمين العام، وأعضاء في المكتب السياسي؛ وفشلت كل المحاولات لإيجاد آلية عمل مناسبة ومتفق عليها بيننا، ولم تتوافر حتى أدنى إمكانية لأي نوعٍ من الحلول الوسط، وجرى الدفع باستمرار باتجاه التصعيد والحلول الفئوية الحاسمة، الحلول التي من شأن إنفاذ أي منها أن يقود إلى تمزيق الحزب ودماره وليس إلى حل مشاكله العالقة".
وأضاف: "سبق أن طرحت، قبل أشهر، مبادرة تدعو إلى استقالة الأمين العام، ونائب الأمين العام، وأعضاء المكتب السياسي، وأن يلتزم كل منا بعدم ترشيح نفسه لأي موقع في القيادة الجديدة، فنحن فشلنا؛ وإذا كان لدينا الشعور بالمسؤولية، فأقل ما يجب أن نقومَ به هو الاستقالة، لنمهد الطريق أمام انتخاب قيادةٍ جديدة". وأوضح: "لم تُقبل مبادرتي، مع الأسف؛ ثم أخذنا هدنة قصيرة في فترة الانتخابات النيابية، كانت مشرفة وتمثل، بحد ذاتها، نجاحاً كبيراً، خصوصاً مع الظروف الصعبة التي مرّ بها تشكيل القائمة، والإمكانات المالية المحدودة التي رُصدت للحملة الانتخابية".
وتابع: "آنذاك، تشكل لدي أمل، بأن العمل المشترك الناجح في الحملة الانتخابية يمكن أن يكون درساً مفيداً لنا جميعاً، لكن، ما إن انتهت الانتخابات، حتى عاد جدول الأزمة والتأزيم، إلى واجهة الصدارة؛ ودارت ماكينة التعبئة، والتحريضِ، والشيطنة، وتزييف الوقائع والحقائق، من جديد". وأضاف: "انطلاقاً من شعوري بالمسؤولية تجاه الحزب، قبل أن أطلب من غيري، أبدأ بنفسي، فأعلن استقالتي من موقعي أميناً عاماً للحزب، راجياً قبولها، وللآخرين: نائب الأمين العام، وأعضاء المكتب السياسي، أن يقرروا بأنفسهم الموقف الذي يرونه مناسباً في إطار قيمهم وأخلاقهم وشعورهم بالمسؤولية وتعبيرهم عنها، وفي هذا السياق، أعلن أنني لن أرشح نفسي لأي موقع في القيادة الجديدة، وفي المقابل، أعد بأن أكون حاضراً، دائماً، في جميعِ ميادين النضال".
ولفت قبيلات في استقالته إلى تصاعد التوتر في المنطقة والعالم إلى حدود غير مسبوقة؛ وقال إن "الحرب الدموية البشعة، التي يشنها الكيان الصهيوني الهمجيّ على السكان المدنيين في قطاع غزة وفي لبنان، إنما هي حرب مصيرية سيترتب عليها الكثير من التغييرات الكبرى، في المنطقة وفي العالم (...) وأن الصّراعَ على النِّظامِ الدَّوليِّ كان دائماً يُحسم في هذه المنطقة؛ وأنه فيها أيضاً يتظهر النظام الدولي الجديد، وثمَّة احتمالات، في هذا الصراع المحتدم الآن، لأن تُمحى خرائط، وتُرسَم خرائط، وتتغير أحوال كثيرة على نحوٍ دراماتيكي".
وتابع: "وفي هذه الأثناء، تُواصل شلالاتُ الدم التدفق في غزة وفي لبنان، بوساطة آلة القتلِ الصهيونيةِ الهمجية، المدعومة من الإمبرياليةِ الأميركية والغرب الأطلسي". وتابع: "يحدث هذا، أيضاً، وبلادنا رهينة للمخططات الإمبريالية والصهيونية، ومهددة بأفدحِ أنواعِ المخاطرِ من جراءِ وجود القواعدِ العسكرية الأميركية والأطلسية على أرضِها، وفوقَ هذا وذاك، فشعبنا يعاني الأمرَّين من ضنك أحوالِه المعيشية، ومن مصادرة حقوقه، وتقييدِ حرياته، ومنعه من أن يكون سيداً في بلاده، ومن أن يكون هو مصدر السلطات، كما ينص الدّستور، وكما تقتضي قيم العصر والحداثة وجميع لوائح حقوق الإنسان والمواطن".
ما وراء استقالة قبيلات من رئاسة الحزب الشيوعي الأردني
من جهته، قال القيادي في الحزب الشيوعي الأردني وعضو اللجنة المركزية عمر آميل عواد، لـ"العربي الجديد"، إنه "يُتوقع أن تسير الاستقالة في سياقها التنظيمي وتخضع للبحث، وكان يفضل أن تقدم الاستقالة داخل الحزب، وبعد ذلك يعلن القرار ببيان"، مشيراً إلى أنّ "هناك أوضاعاً وسلوكاً تنظيمياً بحاجة لإعادة نظر، من ضمنها استقالة الأمين العام". وأضاف: "كانت هناك سابقاً دعوات إلى عقد مؤتمر استثنائي للحزب، في أقرب وقت ممكن لمعالجة العديد من القضايا التنظيمية"، مؤكداً أهمية الذهاب لحلول ديمقراطية ومؤسسية لحل الخلاف التنظيمي الموجود.
وأوضح أنّ "الخلافات في الحزب أمر سابق للانتخابات، وتجاوز الأعضاء العديد من الخلافات التنظيمية من أجل المشاركة في الانتخابات، وجرى تأجيل بحث هذه القضايا، وبالتالي اليوم كان يجب البحث عن تحديد موعد لعقد المؤتمر الاستثنائي للحزب". وتابع: "الأهم من الاستقالة أو عدمها إيجاد طريقة ديمقراطية، التي تتمثل بالمؤتمر لحسم الخلافات التنظيمية"، مؤكداً أنّ الخلافات تنظيمية وليست سياسية.
ورأى أنّ قانوني الأحزاب والانتخاب الأخيرين "كانا ضاغطين على الأحزاب، بخاصة القديمة مع إعطاء فقط عام واحد لتصويب الأوضاع، وبالتالي فإن المؤتمر التأسيسي للحزب خضع للتسريع، ولو لم ينجح المؤتمر بنصابه لكان من الممكن خسارة المشاركة في الانتخاب البرلمانية ، ولذا أرجأ الجميع خلافاتهم إلى ما بعد الانتخابات، خصوصاً أنه كانت هناك اعتراضات كبيرة على النظام الداخلي للحزب وتعديلاته وبعض الموضوعات التنظيمية".
وقال عواد إنّ "الحزب الشيوعي الأردني حزب عريق ويملك من الخبرة والتقاليد التنظيمية الكثير، وكل من راهن على أن هذا الحزب سيتراجع مخطئ. نعم، الحزب يعاني من شحّ الموارد المالية وتضييقات، وخوف مستمر منذ عهد الأحكام العرفية، لكن في الانتخابات الأخيرة، ورغم ضيق الموارد حصل الحزب على ما يزيد على 38 ألف صوت"، مضيفاً: "نحن قدمنا اعتراضاً قانونياً على احتساب العتبة، ولو قبل الاعتراض لوصلنا إلى البرلمان". وتابع أنّ الحزب الشيوعي الأردني، رغم أزمته الداخلية ومحاربته أخرج كل طاقاته من أجل المشاركة بالمعركة الانتخابية، خاتماً بالقول إنه "لا خوف عليه، فهو يستطيع معالجة أزماته بطريقة ديمقراطية، وبتاريخه وهمّة أعضائه يستطيع تجاوز كل ما يمرّ به".