أجبرت الاحتجاجات الشعبية الواسعة التي شهدها عدد من المدن اليمنية، وتردي الأوضاع المعيشية، رئيس الحكومة المعترف بها دوليا معين عبد الملك على العودة من العاصمة السعودية الرياض إلى محافظة شبوة، وذلك بعد نحو 5 أشهر من الغياب.
وقال مصدر حكومي، لـ"العربي الجديد"، إن عبد الملك وصل مساء الاثنين إلى مدينة عتق، عاصمة محافظة شبوة، برفقة عدد من الوزراء، وسيمارس مهامه من هناك مؤقتا، من دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
وتأتي عودة رئيس الحكومة على وقع غليان شعبي غير مسبوق شهدته مدن تعز والمكلا وأبين وسقطرى، إثر تردي الخدمات وارتفاع أسعار السلع الغذائية جراء الانهيار القياسي للريال، الذي سجل 1200 أمام الدولار الواحد.
ومن المتوقع أن تثير عودة الحكومة اليمنية إلى شبوة، وليس إلى عدن حيث يقع مقرها المؤقت، غضب المجلس الانتقالي الجنوبي الذي كان السبب في رحيلها أواخر مارس/آذار الماضي، وينادي بعودتها لممارسة مهامها من عدن.
ولا يُعرف ما إذا كانت عودة رئيس الحكومة اليمنية ستسهم في تعافي الريال اليمني أم لا، وخصوصا في ظل ظهور الصراع بين البنك المركزي في عدن والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا إلى العلن، وتبادل الاتهامات بالوقوف وراء الانهيار القياسي للعملة المحلية.
وبعد ساعات على اتهام البنك المركزي المجلس الانتقالي بتوظيف جمعية الصرافين للتدخل في شؤونه واتخاذ ما أسماه بـ"القرارات العشوائية" التي أدت إلى الانهيار الأخير، حمّل المجلس الانتقالي، مساء اليوم الاثنين، إدارة البنك المركزي اليمني ورئيس الحكومة والوزراء المُقيمين في الخارج المسؤولية الكاملة عن انهيار سعر العملة، وما يترتب عليه من أوضاع معيشية كارثية وأزمات اقتصادية مُدمرة.
في السياق العسكري، كثّفت مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية، الاثنين، غاراتها الجوية على مواقع وتحركات لجماعة الحوثيين في الأطراف الجنوبية لمحافظة مأرب، بالتزامن مع تصاعد المعارك على الأرض في مديرية حريب للأسبوع الثاني على التوالي.
وأعلنت جماعة الحوثيين أن مواقعها في مديريتي حريب والجوبة تعرضت لـ27 غارة جوية من مقاتلات التحالف، في معدل يومي هو الأعلى منذ انتقال المعارك من الأطراف الغربية لمحافظة مأرب إلى أطرافها الجنوبية المتاخمة لمحافظة شبوة.
وذكرت قناة "المسيرة" الناطقة بلسان الجماعة أن الطيران الحربي شن أيضا 5 غارات على مديرية صرواح غربي مأرب و3 على مديرية خب والشعف، فضلا عن غارة واحدة على مديرية الحزم بمحافظة الجوف.
ولم تكشف القناة عن حجم الخسائر البشرية نتيجة تلك الضربات المكثفة، لكن وسائل إعلام أخرى تابعة للحوثيين أذاعت بيان تشييع 10 ضباط في موكب جنائزي موحد، فيما تحدثت مصادر إعلامية عن 50 قتيلا في صفوف الحوثيين خلال الساعات الماضية، نتيجة الغارات الجوية والمعارك مع الجيش اليمني.
وخلافا للمكاسب السهلة التي حققتها الأسبوع الماضي بالسيطرة على 3 مديريات في أطراف محافظة شبوة ومديرية حريب جنوبي مأرب، وجدت جماعة الحوثيين صعوبة بالغة في تعزيز مكاسبها بالتوغل نحو مديرية الجوبة، بسبب الهجوم المضاد الذي نفذته قوات الجيش اليمني والغارات الجوية المكثفة للتحالف.
وقال مصدر عسكري في القوات الحكومية، لـ"العربي الجديد"، إن معارك استنزاف ما زالت تشهدها السلاسل الجبلية في مديرية حريب منذ منتصف الأسبوع الماضي، من دون تحقيق أي تقدم يُذكر.
في الأثناء، أدانت الحكومة اليمنية، مساء الاثنين، استمرار مليشيا الحوثي باستهداف منازل المواطنين والأعيان المدنية، والتي كان آخرها قصف منزل محافظ مأرب سلطان العرادة بصاروخين باليستيين، واعتبرت ذلك "تعديا سافرا للقيم وتجاوزا خطيرا للمبادئ اليمنية الأصيلة" وفقا لبيان صحافي.
وأشار البيان الصادر عن وزارة الخارجية إلى أن حياة المدنيين في مأرب "عُرضة للخطر بشكل دائم بسبب ممارسات مليشيا الحوثي أعمال القتل بأشد الوسائل فتكاً وتدميرا"، لافتا إلى أن حماية المدنيين في الحروب "مسؤولية إنسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره".
وفي سياق غير بعيد، كشفت وزارة الداخلية اليمنية، مساء الاثنين، عن مقتل 3 ضباط من منتسبيها، إثر قصف لجماعة الحوثيين أول من أمس السبت، استهدف منصة احتفالات ثورة 26 سبتمبر بعدة صواريخ باليستية.