السباق الرئاسي الإيراني: الخريطة الانتخابية قبل يوم من تقديم طلبات الترشح

29 مايو 2024
إيرانية تدلي بصوتها خلال الانتخابات الرئاسية السابقة، 18 يونيو 2021 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المشهد السياسي الإيراني يشهد ضبابية وتوتر قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 28 يونيو، مع عزم الإصلاحيين على العودة للسلطة وترقب قرارات مجلس صيانة الدستور بشأن المرشحين.
- لم تعلن الأحزاب الرئيسية عن مرشحيها بعد، وسط تسريبات وتكهنات حول المحتملين، وتقلل الحكومة من التوقعات حول ترشح أعضائها بعد وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي.
- دور مجلس صيانة الدستور متغير وغير متوقع في تحديد المرشحين النهائيين، مع إمكانية رفض شخصيات بارزة وتوقعات بقائمة مرشحين تضم محافظين وربما إصلاحيين ومعتدلين بناءً على نسبة المشاركة.

ما زال المشهد السياسي الإيراني ضبابيا لكنه بدأ يزداد سخونة قبل يوم من بدء موعد تقديم طلبات الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية في إيران، وهي انتخابات مبكرة ومزمع عقدها في 28 يونيو/حزيران المقبل، فيما يؤشر قرار الإصلاحيين بخوض غمار السباق خلافا للدورات السابقة، إلى عزمهم على العودة إلى السلطة، وهو ما سيزيد تعقيدات المشهد الانتخابي وسخونته، بانتظار ما سيقرره مجلس صيانة الدستور الإيراني بشأن هوية المرشحين ومن سيسمح لهم بالترشح.

وحول أسماء المرشحين المحتملين لخوض الانتخابات الرئاسية في إيران، فلم يعلن حتى الآن أي التيارات السياسية، المحافظة والإصلاحية والمعتدلة، عن ترشيحات، كما لم يترشح أي من الشخصيات من التيارات الثلاثة رسميا، والأنظار تتجه نحو مقر وزارة الداخلية الإيرانية التي ستستقبل ابتداء من يوم غد الخميس طلبات الترشح حتى يوم الاثنين المقبل.

لكن ذلك لم يمنع أن يسرب مقربون من بعض الشخصيات أنباء عن ترشحهم، كما أن التوقعات والتكهنات بشأن أسماء المرشحين المحتملين ما زالت سيدة الموقف. وتأتي هذه الانتخابات المبكرة، وهي الـ13 في إيران منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 والتي ستفرز الرئيس الإيراني الثامن، بعد وفاة إبراهيم رئيسي ورفاقه في حادث تحطم طائرتهم في 19 مايو/أيار الجاري، في محافظة أذربيجان الشرقية أثناء زيارة عمل إلى هناك.
 

  • الحكومة لن ترشح

في الأثناء، وفيما تتجه الأنظار إلى أروقة الحكومة الإيرانية التي فقدت رئيسها إبراهيم رئيسي عسى أن يترشح منها بعض أعضائها البارزين، أمثال الرئيس الإيراني المؤقت محمد مخبر، خرجت اليوم الأربعاء تصريحات حكومية قللت سقف التوقعات بشأن احتمال ترشحه.

وفي معرض رده على سؤال بشأن التقارير الصحافية عن احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية، قال مخبر إن "ما يشغل بالنا هو الخدمة وتنفيذ تعليمات الشهيد رئيسي". كما أن رئيس مكتب رئيس الجمهورية غلام حسين إسماعيلي علق على هذه الأنباء بالقول إن الحكومة لا تنوي تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية.

وأضاف إسماعيلي في تصريحات لوسائل إعلام إيرانية على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية الأسبوعي، أن "السيد مخبر لا يواجه منعا قانونيا في الترشح، لكنني لست مطلعاً على قراره وإرادته". كما أعلن وزير التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية الإيراني عزت الله ضرغامي، الذي سبق أن كان أحد مرشحي الانتخابات الرئاسية في إيران لعدة دورات، أنه لن يترشح هذه المرة، مضيفا أنه اذا لم يتشدد مجلس صيانة الدستور في مسألة الترشيحات، ستكون هناك انتخابات رئاسية أكثر إقبالا ونشاطا.

 

  • حسابات مجلس صيانة الدستور

يتوقع الخبير الإيراني أحمد زيد أبادي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن يقوم عدد ملفت من مختلف الشخصيات في التيارات الرسمية الإيرانية للنظر بالترشح للانتخابات الرئاسية المبكرة، لكنه يضيف في الوقت ذاته أن "تقديم طلبات الترشح يعني حل 50 في المائة من المسألة أو يعني ذلك رضا العريس فقط، لكن مفتاح الوصول إلى باستور (موقع الرئاسة) هو رضا مجلس صيانة الدستور".

وعما إذا كان المجلس سيرفض ترشيحات الإصلاحيين لخوض الانتخابات الرئاسية في إيران على غرار الدورات السابقة، يقول زيد أبادي إن حسابات مجلس صيانة الدستور في كل دورة انتخابية مختلفة عن سابقاتها، بالتالي ليست واضحة طبيعة حسابات المجلس هذه المرة في المصادقة على أهلية البعض ورفض الآخرين.

وعليه، يخلص الخبير الإيراني إلى أنه "لا يمكن توقع أداء مجلس صيانة الدستور في هذه الدورة الانتخابية بسهولة، فربما ثمة من يُتوقع أن ينالوا ثقة المجلس يتم رفضهم والعكس صحيح أيضا، فربما يُتوقع رفض أشخاص لكن تتم المصادقة على أهليتهم". لكن الشخصيات المعروفة بانتقاداتها الصريحة من التيارين الإصلاحي والمعتدل "لا حظ لها في تجاوز فلتر مجلس صيانة الدستور ويمكن أن نضع (الرئيس السابق) محمود أحمدي نجاد أيضا ضمن هذه الفئة"، التي على الأغلب سيُرفض ترشح أفرادها.

يشير زيد أبادي في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى المشاركة العامة في الانتخابات الرئاسية في إيران كمحدد مؤثر في رسم توجهات مجلس صيانة الدستور في تحديد قائمة المرشحين النهائية، قائلا إنه بناء على ذلك يمكن أن تشمل القائمة طيفا متنوعا من المحافظين، أو فقط المحافظين المتشددين.

فإذا كانت التصريحات بشأن نسبة المشاركة "جادة" يمكن أن تكون القائمة النهائية، وفق زيد أبادي، خليطا من ممثلين عن مختلف التيارات المحافظة، فضلا عن "وجوه إصلاحية ومعتدلة (التيار المعتدل من أبناء مدرسة الرئيس الراحل هاشمي رفسنجاني) كانوا حذرين في التعبير عن مواقفهم".

لكن إذا كانت نسبة المشاركة قد فقدت أهميتها وبريقها، فبحسب الخبير الإيراني، يمكن أن يقتصر التنافس بين المحافظين المتشددين، مشيرا إلى أنه إذا ما ترشح الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني ورئيسه الحالي محمد باقر قاليباف، فذلك ستكون له دلالات باتجاه أن الطريق بات مفتوحا لحضور طيف متنوع من المحافظين.

يشير زيد أبادي إلى تعرض قاليباف لحملة من المتشددين لإقصائه في الأشهر الأخيرة، قائلا إن ترشحه يمثل تحديا أمام المحافظين المتشددين، وهو ما سيمنح حضوره ولاريجاني السباق الرئاسي دلالات انتخابية باتجاه السماح بمشاركة طيف متنوع من المحافظين، وربما يُسمح أيضا بالتحاق وجوه إصلاحية ومعتدلة بهم.

 

  • موقف المعسكر المحافظ من الانتخابات الرئاسية في إيران

التسريبات والتصريحات من المعسكر الإيراني المحافظ لا تشي حتى الآن بأن المعسكر سيخوض الانتخابات الرئاسية في إيران ككتلة واحدة ومن خلال مرشح واحد، لكن الوضع قد يتغير إذا ما دخل الإصلاحيون بقوة في الانتخابات ونال مرشحهم ثقة مجلس صيانة الدستور.

وتبرز حاليا في بازار التوقعات أسماء العديد من الشخصيات الأصولية المحافظة كمرشحين محافظين محتملين في الانتخابات المقبلة، في مقدمتهم رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، والأمين السابق لمجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، والأمين العام لجبهة الصمود صادق محصولي، ورئيس لجنة "الإمام" الحكومية برويز فتاح، ووزير المواصلات مهرداد بذرباش، وآخرين.

في الأثناء، قال مصدر مقرب من ممثل المرشد الإيراني في مجلس الأمن القومي المحافظ سعيد جليلي، لـ"العربي الجديد"، إنه "قرر فعلا خوض السباق الرئاسي"، مضيفا أنه أيضا شكل أعضاء فريق حملته الانتخابية.

كما أفادت صحيفة "دنياي اقتصاد" الإيرانية، اليوم الأربعاء، في تقرير لها بأن جبهة الصمود المحافظة تشهد خلافات داخلية بشأن مرشحها، حيث تفضل أوساط منها ترشيح سعيد جليلي، فيما أوساط أخرى فيها مع ترشيح برويز فتاح. ووسط هذا الانقسام الانتخابي، ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن الأمين العام لجبهة الصمود (بايداري) صادق محصولي قرر الترشح للانتخابات.

  • ماذا عن المعسكر الإصلاحي؟

هذا المعسكر خلافا للدورات السابقة منذ عام 2013، قرر خوض الانتخابات الرئاسية في إيران، وفق ما كشف عنه الناشط السياسي محمد علي أبطحي، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، لـ"العربي الجديد"، أمس الثلاثاء. وقال أبطحي أنّ الإصلاحيين أولاً قرّروا مبدئياً الترشّح للانتخابات الإيرانية المقبلة، وثانياً عدم دعم المرشحين غير الإصلاحيين في ظل التجربة التي مرّوا بها بدعم الرئيس السابق حسن روحاني، الذي قال إنه "أضرّ بتيار الإصلاحات كثيراً".

في الأثناء، تحدثت وسائل إعلام إصلاحية، أمس الثلاثاء، عن أن نائب وزير الخارجية الإيراني الأسبق في حكومة محمد خاتمي محمد صدر يعتبر المرشح الرئيس للإصلاحيين في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقال صدر، وهو حاليا عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، أمس الثلاثاء، لموقع "منيبان" الإيراني، إنه التقى أخيرا الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في بيته، وإنه اقترح عليه الترشح للانتخابات الرئاسية. وأضاف صدر أنه لم يتخذ بعد قراره النهائي ويقوم حاليا بدراسة الترشح للانتخابات.

إلى جانب صدر، الذي إذا قرر خوض الانتخابات الرئاسية في إيران ونال ثقة مجلس صيانة الدستور على الأغلب سيصبح مرشح الإصلاحيين الرئيس في ظل دعم خاتمي له، تبرز أسماء أخرى حاليا، أمثال المشرع الإصلاحي مسعود بزشكيان، والنائب الأول لخاتمي في عهده محمد رضا عارف، والقيادي الإصلاحي إسحاق جهانغيري الذي شغل منصب النائب الأول لخاتمي وروحاني أيضا، فضلا عن رجل الدين مجيد أنصاري، ونائب روحاني للشؤون التنفيذية محمد شريعتمداري. كما قرر حزب "كوادر البناء" الإصلاحي مبدئيا ترشيح محسن هاشمي، نجل الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني.

المساهمون