أصدر القاضي خالد العرابي أمر إحضار لشهود النيابة العامة، اليوم الأربعاء، وهم من أفراد الشرطة الفلسطينية، لتكرار عدم حضورهم، فيما قررت قاضية محكمة صلح برام الله مريم حليسي إعلان براءة 15 ناشطاً فلسطينياً من تهم "التجمع غير المشروع"، و"الذم الواقع على السلطة"، و"الاستمرار بالتجمهر وعدم التفرق إلا بالقوة".
وتأجلت محاكمة 18 ناشطاً إلى 16 مارس/ آذار المقبل، و4 إبريل/ نيسان المقبل، لعدم حضور شهود النيابة العامة، في حين نظم النشطاء وقفة قصيرة بسبب سوء الأحوال الجوية أمام مجمع المحاكم في مدينة البيرة الملاصقة لمدينة رام الله قبيل بدء الجلسات وعددها 9 لأكثر من 32 ناشطاً.
وأكد النشطاء أنهم سيتخذون موقفاً من حضور جلسات المحاكم في حال استمر تأجيلها، حيث يحاكم النشطاء على خلفية اعتقالهم لفترات مختلفة قبل الإفراج عنهم وتحويلهم إلى المحكمة، بسبب اعتصامات أو دعوات لاعتصامات ضد الفساد عام 2020، وتنديداً بمقتل المعارض الفلسطيني نزار بنات.
وأكد المحامي ظافر صعايدة من مجموعة "محامون من أجل العدالة"، لـ"العربي الجديد"، أن القاضية حليسي قالت خلال تلاوة قرارها إن "حق حرية الرأي والتعبير مكفول، وإن القضاء يكفل تلك الحريات"، مضيفاً أنها "بالتالي أعلنت قرار براءة 15 ناشطاً في جلستين منفصلتين، أحدهما لأحد عشر ناشطاً اعتقلوا في 21 أغسطس/ آب 2021، قبيل موعد مفترض لاعتصام مندد بمقتل بنات، بينما الجلسة الأخرى لأربعة نشطاء من دوار المنارة وسط رام الله في 22 أغسطس/ آب الماضي، بسبب دعوة لاعتصام مندد باعتقال النشطاء ومقتل بنات".
مؤشر جيد
وقال مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة"، المحامي مهند كراجة لـ"العربي الجديد"، إن "القاضي خالد العرابي أصدر مذكرات إحضار لشهود الشرطة في أحد الملفات، حيث لم يحضروا إلى الجلسات الماضية وجلسة اليوم، كما طلب القاضي من النيابة العامة تنفيذها".
واعتبر كراجة قرار القاضي مؤشراً جيداً مطالباً القضاة جميعهم بأن يأخذوا هذه الخطوة، وأضاف: "للأسف يتم تبليغ شهود الشرطة ولا يحضرون، وهذا يطيل أمد التقاضي، ولذلك يجب اتخاذ إجراءات حازمة لضمان حضور شهود النيابة من الأمن لعدم إطالة أمد المحاكمة".
ولم يحضر اليوم الأربعاء أي شاهد من شهود النيابة العامة وهم من أفراد الأجهزة الأمنية، وهو ما يعرقل مسير الجلسات ويبقيها متوقفة عند مرحلة تقديم النيابة لبيناتها، دون المضي نحو دور الدفاع والمداولات وإصدار القرار النهائي.
وأكد كراجة أن "فريق الدفاع دائمًا في مثل هذه القضايا ما يقول للمحكمة إنه لا يمانع إبراز الملفات التحقيقية، لأن شهود النيابة يفترض أن يشهدوا على المحاضر التي نظمتها النيابة العامة لشهاداتهم أمامها، ولا يرى الدفاع أي تجريم لموكليهم بها، خصوصاً أن الأمر يتعلق بحق دستوري وهو التجمع السلمي، وما حصل اليوم أن النيابة والمحكمة وافقتا على ذلك، وأبرزت النيابة الملف التحقيقي لتقرر القاضية البراءة".
وعلق كراجة على قرار البراءة بالقول إنه "كان قراراً متوقعاً منذ اللحظة الأولى، لأن الأمر يتعلق بالتجمع السلمي وهو حق دستوري لكل مواطن فلسطيني"، مشدداً على أنه لم يفاجأ من القرار، وأن الدفاع لم يكن يعترض على أي بينة للنيابة لأن التجمع السلمي حق دستوري مضمون، مطالباً الأمن بوقف ملاحقة النشطاء واعتقالهم بسبب المظاهرات.
وقال كراجة إن "عدداً من النشطاء أكدوا بعد المحكمة أنهم سيتوجهون للمحاكم للمطالبة بالتعويضات"، مؤكداً أن ذلك حق لهم، "خاصة أن العديد من المحاكم تتواصل لسنة أو سنتين، وتستغلها السلطات لمعاقبة الناس من خلال استمرار مثولهم أمام المحكمة، فضلاً عن توقيفهم في بداية الأمر قبل عرضهم على المحكمة"، على حد تعبيره.
كذلك طالب كراجة "النيابة العامة والقضاء الفلسطيني برفض استقبال الشكاوى الجزائية في مثل هذه القضايا التي تتعلق بالتجمع السلمي تحت عنوان التجمهر غير المشروع، أو أي حقوق دستورية أخرى"، مؤكداً أن عدداً آخر من النشطاء ستتواصل محاكماتهم خلال الأيام المقبلة للأسباب نفسها.
ناشط: اعتقال على النية في التظاهر
الناشط جهاد عبدو الذي واجه اليوم ثلاث جلسات محاكمة، اثنتان بسبب التظاهرات ضد الفساد وضد مقتل بنات، وقد حصل على براءة من إحدى تلك الجلسات كان قد قال لـ"العربي الجديد" قبيل بدء الجلسة "إن لديه ملفين إضافيين متواصلين أمام المحاكم الفلسطينية".
وأعرب عن اعتقاده بأن استمرار المحاكم يهدف إلى إلهاء النشطاء والضغط عليهم بلقمة العيش، قائلاً: "نحن بشر ولدينا التزامات وأطفال، هم يحاكموننا على جرائم غير موجودة، لا أركان للجريمة، تم اعتقالنا قبل التوجه إلى التجمع وبالتالي هذا اعتقال على النية في التظاهر وليس على التظاهر نفسه".
واعتبر الناشط حمزة زبيدات، وهو أحد المتهمين بقضايا "التجمهر غير المشروع" في حديث مع "العربي الجديد"، أن هذه "المحاكم سياسية وتهدف لإنهاء أي عمل أو تحرك جدي في الشارع الفلسطيني"، مؤكداً أن قرار النشطاء حتى اللحظة بشكل جماعي الاستمرار في حضور الجلسات، لكن القرار من الاستمرار في حضور الجلسات من عدمه؛ سيتخذ في ضوء تطورات المحكمة.
وقال زبيدات: "عدم إحضار شهود النيابة وهم أفراد أجهزة أمنية وموظفون في السلطة الفلسطينية دليل إضافي على أن الهدف فقط إرهاقنا، وزيادة الأعباء علينا، وإطالة أمد القضية لإماتتها، هذه محاكم صورية منذ البداية وتأجيلها لعدم حضور الشهود دليل آخر على ذلك".
أما عضو "الحراك الوطني الديمقراطي"، عمر عساف فقال لـ"العربي الجديد" إنه "يخشى من أن القضاء يخضع للجهاز التنفيذي والسلطة التنفيذية"، مشيرًا إلى "أن النشطاء يفترضون أن الادعاء العام سينهي مرافعته، وسيقوم النشطاء بتقييم الجلسات واتخاذ القرار إن كانوا سيستمرون في حضور الجلسات، لأن القضايا ملفقة وباطلة وهي بتوجيه سياسي من قبل السلطة والأجهزة الأمنية". وشدد على استمرار النشطاء في الدفاع عن الحقوق والحريات والمطالبة بالعدالة لبنات والتغيير الديمقراطي.