أسبوعٌ جديدٌ ينطلق على وقع تعطيل التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ضمن مسار يستمر فيه المسؤولون السياسيون المدعى عليهم، والمتسلّحون بإجراءات قانونية ومناورات "تفننية" وخطابات تصعيدية تهويلية للتهرب من العدالة.
وما يزال المحقق العدلي القاضي طارق البيطار "مكفوف اليد" منذ نحو شهر تقريباً بفعل طلب الردّ المقدّم ضده من قبل الوزيرين السابقين النائبين علي حسن خليل (صادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية) وغازي زعيتر، والذي كان تبلّغه في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وربطاً أيضاً بطلب الردّ المقدّم من المذكورَيْن المدعى عليهما ضد القاضي ناجي عيد رئيس الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز المدنية الناظر بطلب رد البيطار.
ويلفت مصدر قانوني مطلع لـ"العربي الجديد" إلى أن التحقيق "معطل اليوم تبعاً لهذين السببين، إذ يحاول المدعى عليهم تكرار أسلوب المماطلة وعرقلة مسار العدالة والتمييع اللذين مورسا في عملية الاستئناف أمام التمييز".
ويشير المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أنه "علينا الآن أن ننتظر البت بطلب رد القاضي ناجي عيد من قبل رئيس الغرفة الثانية لدى محكمة التمييز القاضية رولا المصري، والمستشارين القاضيين غادة شمس الدين وحسن سكينة، وفي حال استمراره في مهامه سيبت بطلب رد البيطار، وإذا عين بديلاً عنه عندها على القاضي البديل البت بطلب رد المحقق العدلي، وهذه كلها إجراءات تأخذ وقتاً، علماً أن السرعة مطلوبة في ملف بهذا الحجم بيد أن التأخير سيد المشهد".
وتوقف المصدر عند مسألة مهمة جداً تتمثل في دعاوى مخاصمة القضاة أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، التي لم تعد مكتملة النصاب القانوني مع إحالة أحد أعضائها القاضي روكز رزق على التقاعد، ما يحول دون إمكانية اجتماعها وأخذ القرارات، الأمر الذي يؤثر على التحقيق وقد لا يبت به قريباً، باعتبار أن التعيينات القضائية تدخل في دائرة الصراع السياسي.
وهنا خطورة المماطلة لأن هذه الدعاوى توقف الملاحقات والإجراءات بحق الشخص طالب المخاصمة، وهو في هذه الحالة وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، الصادرة بحقه مذكرة توقيف غيابية، وهو مسار متوقع أن يسلكه أيضاً زعيتر وخليل.
تصعيد لأهالي الضحايا
وقرر أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت رفع حدّة المواجهة لوضع حدٍّ لمسلسل التعطيل وكف يد البيطار للمرة الثالثة، إذ عمدوا صباح اليوم الاثنين إلى إقفال مداخل قصر العدل في بيروت وإحراق الإطارات ومستوعبات النفايات ملوحين بتحركات أكثر تصعيدية.
وأكدت جمعية أهالي الضحايا وقوفها وراء المحقق العدلي اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى، محملة المسؤولية "للمجرمين المدعى عليهم الذين لا يمارسون شيئاً إلا التعطيل والتهرب من العدالة".
وقالت في بيانٍ "نحن ننتظر من القضاء الشريف أن يوقف هذه المهزلة ويجد حلاً ولو اضطر إلى فرض غرامات باهظة على من يعيد تقديم طلبات الرد، التي من شأنها أن توقفهم عند حدّهم أو بأي طريقة أخرى، لأنه من الواضح أن هؤلاء المجرمين ابتدعوا طريقة لتعطيل العدالة وبدأنا نرى النهج نفسه في قضايا أخرى".
وطالبت الجمعية القوى الأمنية بتنفيذ المذكرات الصادرة عن القضاء، كما طالبت بتعيين قاضٍ جديدٍ ليكتمل نصاب الهيئة العامة لمحكمة التمييز حتى تتمكن من الاستمرار في عملها.
وشددت الجمعية على أن "الاستمرار بالإفلات من المحاسبة في قضيتنا سيدفعنا إلى اتخاذ خطوات لا تحمد عقباها"، معلنة البدء بالتجهيز لعصيان قضائي يجبر المتهمين على الخضوع للقانون.