أثار التقرير الذي نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن تقديم 31 أسيراً، ممن أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد الإفراج عنهم بموجب صفقة "وفاء الأحرار"، التماساً قانونياً إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية للإفراج عنهم، تساؤلات عدة حول توقيت تقديم الالتماس وما إذا كانت الخطوة تتجاوز البُعد القانوني، وترتبط بتحضيرات لصفقة تبادل أسرى جديدة بين الاحتلال وحركة "حماس"؟
وتزامن نشر التقرير مع معلومات حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر فلسطينية تفيد بأن جهاز "الشاباك" الإسرائيلي عقد، قبل نحو أسبوعين، جلسة مع نحو ستة من الأسرى المُعاد اعتقالهم، وسألهم عمّا سيفعلون في حال أفرج عنهم؟ وماذا سيقولون للإعلام؟ كما أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، نفى أمس الإثنين، في لقاء مع صحافيين في مكتبه بمدينة غزة، وجود مفاوضات تبادل أسرى مع إسرائيل. وشدد على أن موقف حركته ثابت، ومفاده بأنه يجب أن يسبق أي حديث عن تبادل أسرى الإفراج عن كل أسرى الصفقة الأولى الذين أعاد الاحتلال الإسرائيلي اعتقالهم، في إشارة إلى أسرى صفقة "وفاء الأحرار" الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم في العام 2014. وبالتالي، في حال قُبل التماس الأسرى وتم إطلاق سراحهم لأسباب قانونية، فإن هذا التحول يمكن أن يسمح، بحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر في نادي الأسير الفلسطيني، بإجراء مفاوضات حول تبادل أسرى بما يتماشى مع الشروط التي حددتها "حماس".
في موازاة ذلك، أوضحت أمان نافع، وهي زوجة الأسير نائل البرغوثي، أن "أكثر من 31 أسيراً، أعاد الاحتلال اعتقالهم بعد الإفراج عنهم بموجب صفقة وفاء الأحرار، تقدموا بالتماس قانوني إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية الخميس الماضي". وقالت نافع، وهي أسيرة محررة لـ"العربي الجديد": "لقد أنهى الأسرى المُعاد اعتقالهم مرة ثانية، أشهراً طويلة من الإجراءات في المحاكم الإسرائيلية التي أعادت لهم الأحكام السابقة (أي الأحكام الصادرة بحقهم قبل الصفقة وبات يتوجب عليهم إكمال ما تبقى من مدة الحكم)، وبقيت هناك خطوة لم يتم استنفادها من قبل الأسرى، وهي اللجوء لما يُسمى محكمة العدل العليا الإسرائيلية، حيث تقدم المحامي أفيغدور فيلدمان بالتماس أمامها باسم الأسرى". مع العلم أن صحيفة "هآرتس" نقلت عن فيلدمان قوله إن الاحتلال أعاد اعتقال الأسرى لأسباب سياسية، على الرغم من أنهم لم يرتكبوا أي مخالفة أمنية ولم يشكلوا أي تهديد لأمن إسرائيل.
وأضافت نافع: "بحسب ما أخبرنا به المحامي فيلدمان، فقد سلم ملفاً باسم نحو 31 أسيراً يوم الخميس 28 فبراير/شباط (الماضي)، مؤكداً أنه ينتظر تحديد جلسة من المحكمة، ويأمل أن تكون قريبة". وتابعت: "كل هؤلاء الأسرى، البالغ عددهم 31، ذهبوا جميعاً في ملف واحد، وتم تقديم الالتماس باسمهم جميعاً، وسيتم الترافع عنهم جميعاً". وحول إن كان التوقيت الحالي يحمل أي دلالات، أوضحت نافع أنه "كان يجب أن ننتظر حتى تُصدر المحاكم الإسرائيلية جميع قراراتها بعودة الأحكام السابقة ما قبل صفقة وفاء الأحرار، على اعتبار أنه بعد صدور هذه الأحكام بحق الأسرى فإن الإجراء القانوني المتبقي أمامهم يتمثل في الاستئناف، وبعد استنفاد إجراءات الاستئناف يبقى التوجه للمحكمة العليا كخطوة أخيرة". وذكرت مثالاً على ذلك؛ "ما جرى مع الأسير نائل البرغوثي الذي تم الحكم عليه 30 شهراً، وبعد أن أنهى محكوميته أمضى شهرين دون أي قرار، وهو ما زال في السجن، ولاحقاً أصدرت المحكمة حكماً بإعادة الحكم السابق ما قبل الصفقة".
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد اعتقل نحو 70 أسيراً من الأسرى الذين أفرج عنهم بموجب صفقة "وفاء الأحرار" في أكتوبر/تشرين الأول العام 2011، إذ تمّت إعادة اعتقالهم في 18 يونيو/حزيران العام 2014 بعد خطف وقتل ثلاثة مستوطنين في الخليل، حيث انتقمت حكومة الاحتلال من حركة "حماس" وأعادت اعتقال العشرات من الأسرى المُفرج عنهم، عقاباً لها على العملية. وأدت صفقة "وفاء الأحرار"، التي أبرمتها حركة "حماس" مع الاحتلال الإسرائيلي إلى الإفراج عن 1027 أسيراً وأسيرة فلسطينية على دفعتين.