يناقش البرلمان الجزائري مسودة تعديلات على قانون الوقاية من تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، كانت قد طرحتها الحكومة بهدف تشديد الإجراءات الوقائية لحماية المنظومة المالية والبنكية والاقتصاد الوطني، من كل الأشكال الخطيرة لتبييض الأموال ومنع الشبكات الإجرامية من استخدام الممرات البنكية لشرعنة عائدات مالية أو تبييضها.
وتنص المسودة الجديدة على اتخاذ تدابير مستحدثة لفرض الرقابة على العمليات المالية التي تتم باسم أو لحساب زبائن البنوك، على غرار تلقي الأموال والودائع الأخرى والقروض وغيرها من العمليات الأخرى، لمنع أي عمليات مالية مشبوهة الجهة والمصدر الأصلي للأموال.
كما تشدد على ضرورة الإبلاغ عن العمليات المشبوهة، إذ "يلزم المؤسسات المالية وغيرها، بإبلاغ خلية معالجة الاستعلام المالي، بكل عملية يشتبه بأنها تتعلق بأموال متحصل عليها من جريمة أصلية أو مرتبطة بتبييض الأموال أو لها علاقة بتمويل الإرهاب أو تمويل انتشار الأسلحة".
وتسمح التعديلات للسلطات بمصادرة الأموال المشبوهة، حتى في حالة غياب حكم بالإدانة، إذا كانت تشكل عائدات ناتجة عن ارتكاب الجرائم المتعلقة بالعمليات المالية، أو تنفيذا لطلبات صادرة عن دولة أجنبية لمصادرة الأموال الناتجة عن جرائم، في إطار التعاون الدولي لطلبات التحقيق والإنابات القضائية الدولية وتسليم الأشخاص المطلوبين.
ويتضمن القانون أن تتولى الهيئات الرقابية وضع وتنفيذ تدابير وقائية لمكافحة هذه الجرائم في كل المؤسسات المالية، ويفرض على المؤسسات والمهن غير المالية التي تمارس نشاطات مهن حرة منظمة، مثل المحامين والموثقين والمحضرين القضائيين وخبراء المحاسبة، تدابير رقابية عند قيامهم بمعاملات ذات خصائص مالية لحساب موكليهم، للقيام بإخطار السلطات في حال وجود شبهات.
كما يلزم الجمعيات والمنظمات غير الربحية، التصرف الحذر والامتناع عن قبول التبرعات والمساعدات المالية مجهولة المصدر أو المتأتية من أعمال غير مشروعة أو من أشخاص أو تنظيمات أو هياكل ثبت تورطهم داخل تراب الجمهورية أو خارجه في أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية، وكذا الامتناع عن قبول أي مبالغ مالية نقدية دون رخصة من السلطات.
تزايد لافت في تبييض الأموال
من جهته، قال مقرر لجنة الشؤون القانونية حسين نكاكعة خلال جلسة النقاش العام، إن هناك تزايدا لافتا لجريمة تبييض الأموال التي تستفيد من العولمة والتطور التكنولوجي في مجال الاتصالات والمواصلات، ومن تطور الخدمات التي تقدمها البنوك والمؤسسات المالية.
وطالب نكاكعة الحكومة بتعزيز تبادل المعلومات بين مختلف الأجهزة القضائية والأمنية المكلفة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتأمين الاتصالات السريعة والسرية بين المؤسسات المالية لتسهيل متابعة العمليات المشبوهة إلى جانب إصدار المزيد من التشريعات لمسايرة تطور جريمة تبييض الأموال، ووضع تدابير مشددة للمؤسسات المالية لمراقبة علاقات العمل والعمليات مع الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات المالية، لا سيما من الدول مرتفعة المخاطر وفق مجموعة العمل المالي.
كما طالب نواب في البرلمان الجزائري الحكومة بالإسراع في فتح مكاتب الصرف وغلق السوق الموازية لصرف العملات، المحاذية لمقر البرلمان، وإنشاء إدارة متخصصة في التحري عن أنشطة تبييض الأموال، وتطوير قوانين سرية الحسابات المصرفية لتنسجم مع مكافحة غسيل الأموال، وكذا تدريب العاملين في المصارف والمؤسسات المالية وأسواق المال لزيادة قدرات كشف ورصد العمليات المشبوهة التي تتم داخل القطاع المصرفي.
واقترح النواب إقامة نظام معلوماتي يسمح بمراقبة التحركات المالية ويتيح معرفة مشروعيتها، ومصدرها وتتبع مسارها وكيفية استعمالها، معبرين عن مخاوفهم من غموض الآليات التي تسمح بمراقبة التبرعات، مطالبين بتوضيح ذلك لتجنب اصطدام القانون مع أفعال الخير والهبات التضامنية.
كما طالبوا بتوضيح السبل التي تمكن الجمعيات أو المنظمات غير الهادفة للربح، من التثبت من مصدر الأموال، مقترحين أن تقوم الجهات المسؤولة، بتحديد أسماء الكيانات أو الأشخاص أو التنظيمات التي تعتبر أنشطتها مصدرا للحصول على أموال غير مشروعة وإبلاغها للجمعيات والمنظمات غير الهادفة للربح.
وقال وزير العدل رشيد طبي، خلال عرضه نص القانون أمس الثلاثاء، إن التعديلات الجديدة تأتي في سياق تكييف المنظومة القانونية في الجزائر مع المستجدات الدولية، وبما يتوافق مع المعاهدات والاتفاقيات التي انضمت إليها، بما يعزز آليات حماية الاقتصاد الوطني والمنظومة المالية والبنكية من هذا الشكل الخطير للإجرام، واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة لتقييم مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.