جددت الحكومة الجزائرية مطالبتها باريس بمعالجة أكثر جدية، لملف تعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية، والتي كانت قد أجريت في الصحراء الجزائرية خلال فترة الاستعمار الفرنسي منذ عام 1958، وخلفت ضحايا وآثاراً كبيرة على البيئة في المنطقة ما تزال تتسبب في أضرار حتى الوقت الراهن.
وقال وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، خلال مشاركته في اجتماع يخص التجارب والأسلحة النووية في أفريقيا "إن الجزائر تستذكر معاناتها من تجارب تلك الأسلحة المدمرة التي قام بها الاحتلال الفرنسي على أراضيها، وهذه التجارب خلفت عدة وفيات وأضرار لدى الآلاف من الجزائريين علاوة على آثارها على البيئة"، مشدداً على أنه "يتوجب معالجة المسائل المتعلقة بالتعويضات عن التجارب النووية بطريقة أكثر جدية".
وتوحي هذه التصريحات، إضافة إلى تصريحات مكثفة لمجموع المسؤولين في الجزائر، سياسيين وعسكريين في الفترة الأخيرة بشأن ملف التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية، بوجود توجه جدي من قبل الجزائر لوضع هذا الملف على رأس الأولويات في العلاقة مع باريس.
كما تشير إلى وجود توجه لتحميل الجانب الفرنسي مخلفات التجارب ومسؤولية تطهير المنطقة من الإشعاعات والآثار النووية، وتحمل عبء تعويض الضحايا، قبل مفاوضات لجنة عسكرية مشتركة تجتمع في مايو/أيار المقبل، وهو ملف تسعى من خلاله الجزائر إلى امتلاك ورقة ضغط إضافية في العلاقة مع باريس.
وقبل أسبوع، كان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أكد إصراره على طرح ملف التفجيرات النووية في أية محادثات مع فرنسا بشأن تسوية ملف الذاكرة.
والخميس الماضي، طالب قائد الجيش الجزائري الفريق السعيد شنقريحة من قائد الجيش الفرنسي فرانسوا لوكوانتر الذي زار الجزائر "بموافاة الجيش الجزائري بالخرائط الطبوغرافية، من أجل تحديد مناطق دفن النفايات الملوثة، المشعة أو الكيماوية غير المكتشفة لحد اليوم، بهدف التكفل النهائي بعمليات إعادة تأهيل موقعي رڨان و"إن إيكر" جنوبي الجزائر.
كما طالب شنقريحة في هذا الإطار بحل إشكالية المفاوضات حول مواقع التجارب النووية القديمة، والتجارب الأخرى بالصحراء الجزائرية خلال انعقاد الدورة 17 للفوج المختلط الجزائري-الفرنسي، المزمع عقدها خلال شهر مايو المقبل.
وقامت فرنسا بـ 17 تفجيرا، بينها أربعة تفجيرات سطحية في منطقة رقان و13 تفجيرا باطنيا في منطقة "إن إيكر" في قلب الصحراء الجزائرية، إضافة إلى تجارب تكميلية أخرى، مشيراً إلى أن "التجارب الباطنية في "إن إيكر" قد خرج العديد منها عن السيطرة، مما أدى إلى انتشار النواتج الانشطارية للانفجار وتلوث مناطق واسعة.
وتعتقد السلطات الجزائرية أن التفجيرات النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية تعادل أضعاف قنبلة هيروشيما اليابانية، وتشير دراسة جزائرية أن مخلفات التفجيرات بلغت 42 ألف ضحية، ممن تسببت الإشعاعات في إصابتهم بالسرطان والتشوهات الخلقية وأمراض العيون والشلل وغيرها، إضافة إلى تبعاتها المتواصلة على البيئة والغطاء النباتي والحيواني، فضلاً عن الآثار الصحية المدمرة التي خلفتها على سكان المنطقة.
وفي نفس سياق اجتماع اليوم، مناسبة الذكرى الـ25 لمعاهدة "بليندابا"، والتي تهدف إلى خلق منطقة خالية من الأسلحة النووية في أفريقيا، أكد بوقادوم أن الجزائر ستستمر في العمل من خلال كل الآليات اللازمة من أجل القضاء التام على أسلحة الدمار الشامل، وتوسيع تجارب إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية.
وأوضح بوقادوم أن الجزائر تعتبر من بين أولى الدول الموقعة على معاهدة بليندابا وساهمت في تنصيب اللجنة الأفريقية للطاقة الذرية، ما يعكس التزامها بهذا المسعى الدولي.