عبّر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، اليوم الجمعة، عن قلقه إزاء الغزو الروسي لأوكرانيا، قائلاً إن محكمته قد تحقق في جرائم حرب محتملة في البلاد.
وقال خان في بيان، وفق "رويترز"، "أتابع عن كثب التطورات الأخيرة في أوكرانيا وما حولها بقلق متزايد"، مذكّراً "جميع الأطراف التي تُجري أعمالاً قتالية على الأراضي الأوكرانية، أن مكتبه قد يمارس سلطاته القضائية، ويحقق في أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب التي تُرتكب داخل أوكرانيا".
وتشمل جرائم الحرب، وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة 12 أغسطس/آب 1949، والانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلّحة في النطاق الثابت للقانون الدولي، مثل تعمّد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، وضد مواقع مدنية، وتعمّد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح، أو عن إصابات بين المدنيين، أو عن إلحاق أضرار مدنية، ومهاجمة، أو قصف المدن، أو القرى، أو المساكن، أو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت.
وتشمل جرائم الحرب أيضاً استخدام أسلحة، أو قذائف، أو مواد، أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أو آلاماً لا لزوم لها، أو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة.
كيف يمكن للمحكمة الجنائية الدولية التحرّك تجاه روسيا؟
يشير نظام المحكمة إلى أنه يحق لها أن تمارس اختصاصها فيما يتعلق بجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب وجريمة العدوان، في ثلاث حالات:
- إذا أحالت دولة طرف إلى المدعي العام، وفقاً للمادة 14، حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت، وهذا ما لا ينطبق على روسيا، بعدما انسحبت من نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية عام 2016، مع العلم أنها وقّعت عام 2000 على نظام المحكمة، لكنها لم تصادق عليه.
- إذا أحال مجلس الأمن، متصرفاً بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت. وهذا الخيار ساقط أيضاً، كون روسيا تمتلك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، ما يجعل من المستحيل على المحكمة التحرّك ضدها من باب مجلس الأمن.
- إذا كان المدعي العام قد بدأ بمباشرة تحقيق في ما يتعلق بجريمة من هذه الجرائم وفقاً للمادة 15، وهو الخيار الوحيد المتاح أمام المحكمة، إذ يتيح نظام المحكمة للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه، على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة.
وفي وقت روسيا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أنه يمكن للمحكمة التحقيق في مزاعم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية على الأراضي الأوكرانية بغض النظر عن جنسية مرتكبيها.
ويقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة، ويجوز له، لهذا الغرض، التماس معلومات إضافية من الدول، أو أجهزة الأمم المتحدة، أو المنظمات الحكومية الدولية، أو غير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة، ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة. وإذا استنتج المدعي العام أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق، يقدّم إلى الدائرة التمهيدية طلباً للإذن بإجراء تحقيق، مشفوعاً بأية مواد مؤيدة يجمعها، ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة التمهيدية وفقاً للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات، وفق نظام المحكمة.
ويذكر النظام أنه "إذا رأت الدائرة التمهيدية، بعد دراستها للطلب وللمواد المؤيدة، أن هناك أساساً معقولاً للشروع في إجراء تحقيق، وأن الدعوى تقع على ما يبدو في إطار اختصاص المحكمة، كان عليها أن تأذن بالبدء في إجراء التحقيق، وذلك دون المساس بما تقرره المحكمة فيما بعد بشأن الاختصاص ومقبولية الدعوى".
وأظهرت صور انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بقايا صاروخ روسي في مدينة أوكرانية، يرتبط عادة باستخدام الذخائر العنقودية، المحظورة بموجب "اتفاقية الذخائر العنقودية" التي اعتمدتها 107 دول في مؤتمر دبلوماسيّ انعقد في دبلن بأيرلندا في مايو/أيار 2008، مع الإشارة إلى أن روسيا لم توقّع عليها.
These remains of rocket motors from BM-30 multiple rocket launcher rockets have been documented in various civilian areas, and considering these are usually associated with cluster munition use it raises concerns of cluster munitions being used by Russia in civilian areas. pic.twitter.com/zNstU53KoQ
— Eliot Higgins (@EliotHiggins) February 25, 2022
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي في الساعات الأخيرة أن الضربات الروسية تستهدف كلّا من الأهداف العسكرية والمدنية.
من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية الأوكرانية أن روسيا قصفت 33 موقعاً مدنياً خلال هجومها على أوكرانيا في الساعات الأربع والعشرين الماضية، مع تقدم القوات الروسية في العاصمة.
يذكر أنه بعد أن ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في مارس/آذار 2014، وما أعقب ذلك من قتال في شرق أوكرانيا بين موالين لروسيا وقوات الحكومة الأوكرانية، قبلت أوكرانيا الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب ارتُكبت على أراضيها منذ فبراير/شباط 2014.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلن مكتب المدعي العام أن لديه ما يدعوه للاعتقاد بارتكاب جرائم حرب، وجرائم أخرى خلال الصراع الذي دار في شرق أوكرانيا.
وأُغلق ملف التحري المبدئي، لكن لم يتم بعد تقديم طلب رسمي للقضاة بفتح تحقيق كامل. ولا بد من موافقة القضاة قبل أن يتسنى فتح تحقيق.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال خان إنه لم يطرأ جديد في القضية عندما سئل عن ذلك.
وروسيا ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، واعترضت على القضية.