كشف السفير الإيراني لدى بغداد إيرج مسجدي، اليوم السبت، عن تفاصيل الزيارة التي قام بها قائد "فيلق القدس" الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، للعاصمة العراقية خلال الشهر الماضي، مشيرا إلى أن الرجل يتولى نفس المهمة في العراق التي كان يقوم بها سلفه قاسم سليماني، الذي اغتالته واشنطن في ضربة جوية أميركية بالقرب من بغداد مطلع العام الجاري.
وجاءت تصريحات مسجدي في مقابلة مع قناة "العالم" الإيرانية، التي تحدثت عن أن الزيارة جاءت "بطلب" من رئيس الوزاء العراقي مصطفى الكاظمي، نافيا وقوع "أي طارئ في العلاقات بين البلدين" بعد اغتيال سليماني.
وأضاف مسجدي أن زيارات قاآني إلى بغداد تتم "بتنسيق" مع المسؤولين العراقيين، كاشفا عن أنه التقى خلال زيارته الأخيرة برئيس الوزراء العراقي، والرئيس العراقي برهم صالح، ومسؤولين آخرين لم يكشف عن أسمائهم.
وعن طبيعة المباحثات التي جرت بين قاآني والمسؤولين العراقيين، قال مسجدي إنها دارت حول "تعاون البلدين ومتابعة عدد کثير من القضايا. تباحثوا حول القضايا السياسية والأمنية، کما تباحثوا حول تعزيز العلاقات الأمنية بين البلدين، وتناولوا بالبحث بعض الملفات الاقتصادية وشددوا عليها"، مشيرا إلى أن قاآني "لا يخوض کثيرا في الجزئيات، لکن بما أنه مسؤول عن العلاقات بين البلدين، ويمثل الجمهورية الإسلامية في هذا الشأن، فإنه يبحث مع المسؤولين العراقيين ما يحتاجه البلدان والعلاقات بينهما".
مسجدي: زيارات قاآني إلى بغداد تتم "بتنسيق" مع المسؤولين العراقيين، وقد التقى خلال زيارته الأخيرة برئيس الوزراء العراقي مصكفة الكاظمي، والرئيس العراقي برهم صالح، ومسؤولين آخرين
وفي معرض الرد على سؤال بشأن الأنباء التي تحدثت عن أن قائد "فيلق القدس" الإيراني قد طلب من قيادات المجموعات المسلحة التابعة لـ"الحشد الشعبي" عدم إنهاء وقف إطلاق النار، وعدم استهداف القوات الأميركية خلال الفترة المتبقية لولاية ترامب، تهرب مسجدي من الإجابة الواضحة عن السؤال، قائلا إن "هذه المجموعات والأحزاب لها علاقاتها الإيجابية بالجمهورية الإسلامية، ولا ينکر أحد هذه الحقيقة".
وأضاف أن سياسات بلاده تجاه العراق تقوم على "عدم تدخل إيران في شؤون هذه المجموعات. نحن لا نتدخل مطلقا في شؤون هؤلاء، لکنهم يرغبون في استشارتنا ومعرفة وجهة نظر الجمهورية الإسلامية، والسيد قاآني، کما هم راغبون في أن نعرف آراءهم ووجهات نظرهم. وهذا طبيعي للغاية".
كما نفى السفير الإيراني أن تهدف إيران ومباحثات قاآني في العراق إلى "إضعاف الحکومة العراقية"، معتبرا أنها تريد "تعزيز حکومة العراق والتعاون معها".
ورد على تكرار السؤال عما إذا قدمت إيران استشارات لمجموعات "الحشد الشعبي" بشأن وقف إطلاق النار وعدم استهداف القوات الأميرکية، بالقول إن "تيارات المقاومة في العراق مستاءة للغاية من الأميرکيين" بعد اغتيال سليماني ونائب رئيس "الحشد" أبو مهدي المهندس، "ومطالبها واضحة، الأمر ليس بخفي أنه يتمثل في انسحاب القوات الأميرکية من العراق".
وفي السياق، أكد أن موقف طهران "الحازم، الذي أعلنته مرارا وتکرارا، هو المطالبة بانسحاب القوات الأميرکية من المنطقة برمّتها"، قائلا إن "إيران تعتقد أن أمن المنطقة يجب أن توفره دول المنطقة. المنطقة التي نقصدها تشمل العراق وغير العراق، لكن ما الذي يحدث؟ وهل ینسحب الأميركيون أم لا؟ وكيف ينسحبون؟ هذه کلها تتوقف على حكومات المنطقة".
ودعا مسجدي "جميع التيارات السياسية وجماعات المقاومة والإقليم الكردي" إلى "التكاتف مع حكومة العراق والتعاون"، مشيرا إلى الخلافات على الساحة العراقية بين القوى السياسية، وقال إن "لا شأن لها بالجمهورية الإسلامية"، معتبرا أن الخلافات في البيت الشيعي وفي العراق بين مكوناته السياسية "أمر طبيعي".
كما نفى أن تكون إيران مساهمة في إثارة الخلافات في العراق، إذ قال "إذا كان البعض يعتقد أننا نثير هذه الخلافات، أو على سبيل المثال نؤکد هذه الخلافات بين مجموعات المقاومة ونعززها، فهذا غير صحيح، فهم أنفسهم أصحاب آراء وذوو خبرات".
وشدد على أن "جماعات المقاومة لديها الكثير من المشاكل مع الأميركيين. مشكلتهم تکمن في أن الأميركيين عليهم أن يغادروا هذا البلد"، كاشفا عن تلقي هذه الجماعات "رسائل ومعلومات مفادها أن الأميركيين يرصدون أعضاء المقاومة أو يقومون بتهديدهم، ما يؤدي إلی قلق هؤلاء".
وفي معرض الرد على سؤال عما إذا كان الرئيس الأميركي قد يبحث عن ذرائع في العراق خلال الفترة المتبقية من ولايته لضرب الجماعات المقربة من إيران، وضرورة عدم تقديم هذه الذرائع، قال السفير الإيراني في العراق إن "ترامب هو الذي يقدم الذرائع للآخرين.. يجب على ترامب ألا يهدد أحدا وألا يقوم بأعمال استفزازية"، مضيفا أن "موقفنا واضح جدا، سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، سيكون رهنا بظروف ومواقف وإجراءات أميركا".
وتحدث مجددا عن حادث اغتيال سليماني والمهندس، موضحا أن بلاده "قامت بالرد"، متسائلا: "هل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت قد قامت بأي إجراء قبل ذلك؟ والآن أيضا لم يتغير أي شيء. إن ارتكب الأميركيون أي خطأ ضد إيران أو قاموا بأي إجراء ضدنا، فلا شك بأننا سنرد بحزم". وعن موقف حلفاء إيران في العراق في حال تعرضوا لهجمات أميركية، تساءل: "ما الذي يتوقعونه إن قاموا بأي عمل ضد تيارات المقاومة، وهددوا وهاجموا زعماء وقواعد المقاومة؟ لا شك أن المقاومة ستبدي رد فعل وتدافع عن نفسها، وهذا حق طبيعي".