قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن المنطقة ليست بحاجة لمزيد من الأزمات والصراعات، بل إلى التعاون والتنسيق، معربًا عن أمله في تغيير سلوك إيران تجاه المنطقة.
وأضاف في حوار مع صحيفة "الرأي المحلية"، نشر اليوم الأحد، قائلا: "دوما، الأردن ينادي بمد جسور التعاون بدلا من بناء الأسوار والحواجز، وهو معني بأمن المنطقة، فأمن الأشقاء العرب هو جزء من أمننا".
وحول العلاقات مع إيران، قال: "نحن لا نريد توترا في المنطقة، والأردن وكل الدول العربية تريد علاقات طيبة مع إيران مبنية على الاحترام المتبادل، وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها، ونرى أن الحوار هو السبيل لحل الخلافات".
وتابع: "كما سبق أن أكدت، التدخلات الإيرانية تطاول دولا عربية، ونحن اليوم نواجه هجمات على حدودنا بصورة منتظمة من مليشيات لها علاقة بإيران، لذا نأمل أن نرى تغيرا في سلوك إيران، ولا بد أن يتحقق ذلك على أرض الواقع لأن في ذلك مصلحة للجميع في المنطقة، بما في ذلك إيران والشعب الإيراني".
وعن التحدي الأمني على حدود الشمالية، أشار إلى أن عمليات تهريب المخدرات والسلاح تستهدف الأردن كما تستهدف العرب، إذ إن التهريب يصل إلى دول عربية وأوروبية، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا مع الدول العربية في مواجهة هذا الخطر .
وذكر أن هناك تبعات كثيرة وكارثية للأزمة السورية، مؤكدًا أن حلها يكون بالتوصل إلى حل سياسي شامل يعالج كل تبعاتها، وينهي معاناة الشعب السوري، ويوفر ظروف العودة الطوعية للاجئين، ويعيد لسورية الأمن والاستقرار.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، أكد الملك أن الأردن هو الأقرب إلى الفلسطينيين، وأنه لا يقبل بتهميشهم، مشددًا على ضرورة بناء فرص إقليمية لتركيز الاستمرار على مستقبل فلسطين، وأضاف: "لنكن واضحين، لا يمكن تجاوز القضية الفلسطينية، فهي أساس الصراع، وهي مفتاح السلام الشامل والدائم، ولا أمن ولا استقرار ولا سلام في المنطقة من دون حل يرفع الظلم عن الشعب الفلسطيني".
الملك الأردني: نحن بحاجة إلى منظومة عمل دفاعي عربي
وتوضيحا لتصريحاته السابقة حول الناتو العربي، لفت إلى أن السؤال الذي طرح عليه حول مدى ملاءمة فكرة مثل هذا التحالف للمنطقة العربية، مبينا أن الأردن معني بتعزيز العمل العربي المشترك وتفعيله، "خدمة لقضايانا ولمصالحنا، فالأردن لم يكن يوما، ولن يكون أبدا، إلا مع حلف أمته العربية ومصالحها وقضاياها".
وتابع: "نحن نتحدث عن الحاجة إلى منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي، وهذا يتطلب تشاورا وتنسيقا وعملا طويلا مع الأشقاء، بحيث تكون المنطلقات والأهداف واضحة"، مشيرا إلى أن هذا الطرح جزء أساسي من المبادئ التي قامت عليها جامعة الدول العربية، ومع ذلك، فإن موضوع الحلف لا يجرى بحثه حاليا.
وحول دور الأردن في دعم تحقيق التعاون الإقليمي، قال: "بدأنا في الأردن مبكرا بتشجيع التعاون الإقليمي، ولدينا آلية للتعاون الثلاثي مع مصر والعراق، وهناك تعاون مستمر مع السعودية ودولة الإمارات، إضافة إلى آلية التعاون الثلاثي مع اليونان وقبرص.. بلد بمفرده لا يُمكن له أن ينجح في مواجهة كل هذه التحديات المشتركة وتحقيق الأهداف الطموحة التي نريدها، خصوصا في مجالات مثل الطاقة والأمن الغذائي والأمن المائي والدوائي والبيئة وغيرها من القطاعات الحيوية".
وعلى الصعيد المحلي، تحدث ملك الأردن عن توجيهاته للحكومة بخصوص تخفيف أثر الأزمات العالمية على المواطنين، وعن مآلات التحديث السياسي، ومستقبل الرؤية الاقتصادية، وعن أهمية تحديث الإدارة العامة التي وصفها بأنها "العصب المركزي للدولة"، التي يجب أن تطور كفاءتها وإنتاجيتها.
وحول نقاشات الصالونات السياسية، قال: "اختلاف الآراء أمر صحي وحق للجميع، لكن لا يكفي أن نستغرق في نقد الوضع الحالي، بل يتعين علينا العمل لتغييره لمواصلة تحقيق أهداف التحديث، فنحن في مرحلة انتقالية طال أمدها ولا يمكن أن نظل فيها للأبد ".
وفي الموضوع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، قال ملك الأردن: "هذا الموضوع في صلب اهتماماتنا اليومية، ولا بد من تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأقل دخلا من هذه الارتفاعات غير المسبوقة لأسعار السلع عالميا، ومن آثار التضخم والتباطؤ الاقتصادي العالميين، فهذه العوامل مجتمعة ألقت بظلالها على جميع دول العالم".
ودعا الحكومة إلى منع الاحتكار وضبط ما يمكن من الارتفاع غير المبرر لبعض السلع الأساسية، وتعزيز إمكانات القطاع المحلي للتصنيع الغذائي.