قبيل ساعات قليلة من الاجتماع المقرر لقادة القوى السياسية الحليفة لطهران والمنضوية ضمن ما يعرف بـ"الإطار التنسيقي"، تحدث سياسيون عراقيون في بغداد عن توقعات بأن تنتهي أزمة عدم قبول تلك القوى بنتائج الانتخابات إلى التهدئة، بعد مواقف مؤيدة أصدرها مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي حيال الانتخابات ومخرجاتها في العراق.
وتواصل "العربي الجديد"، مع عدد من أعضاء القوى التي يفترض حضورها في الاجتماع المقرر عند التاسعة من مساء اليوم في منزل رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وهي بطبيعة الحال الكتل الخاسرة في الانتخابات، لكن بعضا منهم أكد أن "الحل انحسر ما بين المالكي وهادي العامري وفالح الفياض، للتفاهم أولاً بشأن إنهاء الاحتجاجات المتواصلة في المدن العراقية، ومنع اقتحام المنطقة الخضراء، والتي قد يؤدي اقتحامها من قبل أنصار تلك القوى إلى نكسة أمنية وسياسية كبيرة في العراق".
وأعلن المالكي، في بيان صباح اليوم الأحد، أن اجتماع "الإطار التنسيقي"، المقرر عقده مساء اليوم الأحد، سيبحث سبل الخروج من الأزمة الحالية جراء الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لكنه بيّن أن "الاجتماع سيضم جميع القوى الوطنية للتداول في أزمة نتائج الانتخابات وموجة الاعتراضات التي أثيرت حولها، كما سيبحث الأفكار والآليات لمعالجة واحتواء الأزمة ومنع تداعياتها وإعطاء المتضررين حقهم بموجب الدستور والقانون حتى لا تخرج المطالبات عن إطارها الشرعي، كما أنه سيكون حلاً للأزمة وليس تحالفاً سياسياً".
وتأتي دعوة المالكي إلى الاجتماع بعد ساعات من تصعيد لأنصار القوى الخاسرة في الانتخابات العراقية والمحتشدة أمام بوابات المنطقة الخضراء باجتيازهم الحاجز الأمني الأول والاقتراب من البوابة الرئيسة للمنطقة الدولية التي تضم السفارة الأميركية والبريطانية، وبعثة الأمم المتحدة، إلى جانب مقار الحكومة، فيما تتواصل حالة التأهب الأمني في العاصمة العراقية بغداد على أشدها.
من جهته، لفت عضو تيار "الحكمة" رحيم العبودي إلى أن زعيمه، عمار الحكيم، لم يحسم لحد الآن قرار مشاركته في الاجتماع من عدمه، أو ربما سيرسل من يمثله فيه، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "الإطار التنسيقي وجه دعوات إلى معظم القوى الوطنية، مثل ائتلاف الوطنية بزعامة أياد علاوي وقوى سنية وكردية، إضافة إلى شخصيات سياسية مثل عدنان الزرفي وخميس الخنجر، ويبدو أن هناك توجها نحو منع التصعيد ضد مفوضية الانتخابات والعمل بالحكمة والعقلانية والخروج بموقف موحد يمنع تشتت الساحة السياسية دون إعلان أي تحالف قبل إعلان النتائج النهائية للانتخابات".
وأكمل العبودي أن "زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر (الفائز في الانتخابات بـ 73 مقعداً)، ما يزال متمسكا بخيار تشكيل الحكومة عبر الكتلة الصدرية باعتبارها حصدت المركز الأول وفق النتائج الأولية، إضافة إلى ممارسته سياسة السكوت أمام كل ما يشهده الشارع من رفض للنتائج".
وتوقّع أن "تتجه الأحزاب الشيعية في النهاية إلى التوافق في تشكيل الحكومة، بعد أن تتدخل المحكمة الاتحادية لحل بعض الخلافات بين الأطراف المتصارعة حالياً، لكن يبقى العامل الخارجي، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مؤثرا في مهمة تشكيل الحكومة الجديد".
ومن النجف، أفادت مصادر سياسية فيها بأن قطع الطرق والتهديد باقتحام المنطقة الخضراء وتوجيه تهديدات للمفوضية العليا للانتخابات ولبعثة الأمم المتحدة من قبل الأحزاب الخاسرة لا يلقى قبولا من المرجع الديني علي السيستاني، وهناك إشارات رفض لهذا النهج المهدد للدولة والعملية السياسية.
وفي هذا السياق، بيَّن رئيس حزب "المواطنة"، غيث التميمي، أن "القوى الخاسرة لا تمتلك أي خيارات حالياً غير حلّ الأزمة عبر التشاور مع مقتدى الصدر للخروج بتفاهم مقبول من جميع الأطراف، وإلا فقد تذهب الفصائل المسلحة إلى العنف، وتهديد السفارات مجدداً وقصف القواعد العسكرية واختطاف موظفين حكوميين"
وأكد، لـ"العربي الجديد"، أن "إيران تدعم الحل السلمي، وهي لا تريد اللجوء إلى العنف، وتمنع حدوث أي اقتتال داخلي، والرسائل الإيرانية الأخيرة كانت واضحة في هذا الإطار".
وتطالب القوى الخاسرة، بما فيها أجنحة المليشيات التي تشارك في الانتخابات العراقية، وأبرزها مليشيا "كتائب حزب الله"، بإعادة العد والفرز اليدوي للأصوات الانتخابية، والبالغة نحو 10 ملايين صوت انتخابي، في عموم مدن العراق، في وقت تتجه المفوضية إلى حسم الطعون الانتخابية بغية اعتماد النتائج وإرسالها لمجلس القضاء للتصديق عليها.