أعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، أحد أبرز المطروحة أسماءهم لتشكيل الحكومة الجديدة، انسحابه من سباق رئاسة الوزراء، بعد خلافات داخل تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يجمع القوى الحليفة لإيران على المرشح لمنصب رئيس الحكومة الجديدة، في وقت يؤكد مقربون من التحالف أن المنافسة انحصرت الآن بين شخصيتين من "الخط الثاني للإطار التنسيقي"، في إشارة لاستبعاد قيادته من التكليف.
وبات "الإطار التنسيقي" الآن الكتلة الكبرى داخل البرلمان العراقي، بعد حصوله على غالبية مقاعد نواب الكتلة الصدرية، ما يجعله الفاعل الأساسي في عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
ومنذ أكثر من 9 أشهر تتواصل واحدة من أعقد الأزمات السياسية في العراق، عقب إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والتي أفرزت نتائج غير تقليدية لتوزيع القوى السياسية داخل البرلمان.
وقال الأعرجي في بيان له إنه "منذ تسعة أشهر والعملية السياسية تشهد انسداداً أضر بمصالح الشعب والوطن، وإيماناً مني بأن الوطن يستحق التضحية لذا أشكر لجنة الإطار التنسيقي الموقرة التي رشحت اسمي لمنصب رئاسة الوزراء، وهنا أعلن اعتذاري عن قبول الترشيح".
وأضاف: "أسمى آيات الشكر والتقدير لكل أبناء الشعب العراقي والنواب والكتل السياسية التي أعلنت دعمها لنا، ونأمل من الإخوة في الإطار أن يحسموا خياراتهم لما فيه مصلحة العباد والبلاد".
انسحاب لـ"تخفيف حدة الخلاف"
وقال مصدر سياسي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن "انسحاب مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي من سباق رئاسة الوزراء، جاء بعد احتدام الخلاف داخل الإطار التنسيقي بشأن شخص رئيس الوزراء الجديد، ولهذا أعلن الأعرجي الانسحاب لتخفيف حدة الخلاف وتقليل عدد المنافسين على هذا المنصب".
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أنه "بعد انسحاب الأعرجي من سباق رئاسة الوزراء أصبح التنافس الآن بين مرشحين اثنين فقط وهما كل من (محمد شياع السوداني وعلي شكري)، والسوداني حتى الآن هو الأوفر حظاً لنيل منصب رئيس الحكومة العراقية الجديدة".
وبين أن "الإطار التنسيقي حتى هذه الساعة لم يحسم قضية اختيار مرشح رئاسة الوزراء للمرحلة المقبلة، فالخلاف مازال قائم حتى بعد انسحاب الأعرجي، ومساء اليوم، سيكون هناك اجتماع مهم للإطار التنسيقي بهدف الوصول إلى اتفاق بشأن تسمية شخص رئيس الوزراء، وربما تدخل أسماء جديدة للمنافسة على رئاسة الوزراء خلال اجتماع قادة الإطار".
فيما قال القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "لجنة اختيار رئيس الوزراء المشكلة من قبل الهيئة القيادية للإطار، مازالت مستمرة في عملها ولم تنتهي من حسم اختيار شخص رئيس الوزراء حتى الساعة".
وبين الهلالي أن "اللجنة تقترب من الانتهاء من عملها، والتنافس حالياً منحصر بين (محمد شياع السوداني وعلي شكري)، دون اختيار أي شخصية منهما، وربما تطرح أسماء جديدة، فهذا الأمر وارد، لكن الإطار التنسيقي سوف يحسم هذا الأمر خلال الساعات المقبلة".
وأضاف أن "الإطار التنسيقي عازم في الإسراع في تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وربما بداية الشهر المقبل هو موعد الإعلان عن تشكيل الحكومة، ولهذا على القوى الكردية الإسراع بحسم قضية مرشح رئاسة الجمهورية، حتى لا تكون أي معرقلات لعملية تشكيل الحكومة".
من جهته قال السياسي العراقي البارز عزت الشابندر في تغريدة له إن "إعلان مستشار الأمن القومي قاسم الاعرجي انسحابه من دائرة التنافس على منصب رئاسة الوزراء ودعم الأخ العامري له خطوة مهمة ومضيئة لبقية المتنافسين للدخول في مرحلة تشكيل الحكومة بأسرع وقت".
ودخلت الأزمة السياسية في العراق منعطفاً جديداً بعد تقديم نواب الكتلة الصدرية (73 نائباً من أصل 329) استقالاتهم من البرلمان، وانسحاب الصدر من العملية السياسية. وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2006 التي يكون فيها "التيار الصدري" خارج البرلمان، بعدما حافظ لسنوات على نسبة لا تقل عن ثلث مقاعد القوى السياسية الشيعية، وسط هواجس من إعداد التيار لمرحلة جديدة من التحركات عبر قواعده الشعبية.
ورغم إعلان "الإطار التنسيقي" ما وصفه بانتهاء حالة الانسداد السياسي في العراق، إثر قرار الصدر الخروج من العملية السياسية، واستقالة نواب كتلته المتصدرة في الانتخابات، من البرلمان العراقي، إلا أنه لغاية الآن لم تخض أطراف التحالف أي مفاوضات رسمية مع الكتل والأحزاب السياسية العربية السنّية والكردية الرئيسة، المتحالفة مسبقاً مع الصدر، أو النواب المستقلين والكتل المدنية، لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وسط خلافات داخلية بين قوى الإطار.