تسببت الهجمات الدامية التي شهدتها محافظة صلاح الدين شمالي العراق، خلال الأشهر الأخيرة، بعودة المطالبة على المستويين السياسي والشعبي، بتولي قوات الجيش والشرطة العراقية مسؤولية الملف الأمني في المحافظة وإبعاده عن الفصائل المسلحة التابعة لـ"الحشد الشعبي"، المنتشرة في المحافظة.
وعلى الرغم من تأكيد السلطات العراقية أن المجزرة التي وقعت في منطقة البو دور، أخيراً، نفذها مسلحون من تنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما تبناه الأخير أيضاً في بيان له، إلا أن السكان المحليين وسياسيين عن المحافظة يطالبون بإخراج فصائل "الحشد الشعبي" المنتشرة في المحافظة، لاعتقادهم بوجود تقصير في حفظ أمن الأهالي، واستبدالها بقوات من الجيش والشرطة.
وما زالت بلدات عديدة في محافظة صلاح الدين منزوعة السكان، إذ تسيطر عليها فصائل مسلحة وتمنع أهلها من العودة، مثل العوجة ويثرب وعزيز بلد والثرثار.
وأشار عضو البرلمان السابق عن محافظة صلاح الدين، شعلان الكريم، إلى أن المحافظة شهدت خروقات أمنية متكررة في المناطق التي تتولى فصائل "الحشد الشعبي" مسؤولية حفظ الأمن فيها، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أن عمليات قتل واغتيال وقعت في مناطق بصلاح الدين تحت سيطرة "الحشد".
ولفت إلى أن السكان المحليين يريدون إخراج هذه الفصائل بسبب الخروقات والضغوط التي تمارس عليهم، مضيفاً أن "الكلام أصبح علنياً ومكشوفاً، وأمام مرأى ومسمع كل الجهات المسؤولة في بغداد وصلاح الدين بأن تكون هذه المناطق تحت سيطرة الشرطة المحلية والجيش، أو السماح للسكان المحليين بحماية مناطقهم وأنفسهم".
وتابع أن "السكان يتحدثون عن مشاكل ومضايقات كثيرة تمارس ضدهم، ونتيجة لذلك هم يطالبون بإخراج الحشد واستبداله بالجيش والشرطة"، مؤكداً أن الأهالي أوصلوا صوتهم إلى وزير الدفاع جمعة عناد بشأن رغبتهم بمجيء قوات أمنية بدلاً من "الحشد".
من جهته، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، نعيم الكعود، إن سكاناً في صلاح الدين يرفعون شكاوى عن وجود مضايقات تمارس ضدهم، وتجب محاسبة القوات الماسكة للأرض، وعدم الاكتفاء بتصريحات التنديد التي تخرج بعد كل حادثة.
وانتقد عدم إعلان السلطات العراقية عن الإمساك بأي من المتورطين في الخروقات الأمنية، مطالباً في حديث لـ"العربي الجديد"، قيادات "الحشد الشعبي"، بـ"لقاء السكان المحليين والاستماع لمشاكلهم"، مؤكداً أن الأهالي يفضلون الجيش لحفظ الأمن في مناطقهم.
ودعا رئيس حزب "الخيار العربي"، عبد الكريم عبطان، إلى تقوية المؤسسات الرسمية التابعة للدولة مثل الجيش والشرطة والأمن الوطني والاستخبارات والمخابرات، لأن فيها ضباطاً مدربين، ولديهم خبرة في مجال حقوق الإنسان، مبيناً في تصريح، لـ"العربي الجديد"، أن المؤسسة الأمنية هي المسؤولة عن مسك الملف الأمني.
وتابع: "حسب الكلام الذي يصلنا، توجد تصرفات فيها مضايقات للأهالي في صلاح الدين"، مضيفاً: "لا يجوز قتل الناس بدم بارد".
وشهدت منطقة البو دور في صلاح الدين، الجمعة الماضي، اعتداء دامياً، ذهب ضحيته 9 أشخاص رمياً بالرصاص على يد مسلحين يرتدون زياً عسكرياً، قالت السلطات فيما بعد إنهم ينتمون لتنظيم "داعش"، سبقته جريمة قتل 12 عنصراً من أهالي بلدة الفرحاتية وجهت أصابع الاتهام إلى مليشيات "عصائب أهل الحق"، ورغم تعهد الحكومة آنذاك بسحب المليشيات من المنطقة، ومحاسبة المتورطين، غير أن أياً من ذلك لم يحدث.