رفضت مصر مقترحاً إثيوبياً يدعو لتشكيل آلية لتبادل البيانات حول إجراءات تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، التي أعلنت إثيوبيا أنها تنوي تنفيذها خلال موسم الأمطار المقبل في صيف العام الجاري، فيما أعلن السودان أنه يرحب بهذه الخطوة من حيث المبدأ، لكن ضمن اتفاق قانوني وملزم للملء والتشغيل.
وقال محمد غانم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الري المصرية، إن مصر رفضت مقترحاً إثيوبياً يدعو لتشكيل آلية لتبادل البيانات حول إجراءات تنفيذ المرحلة الثانية من ملء سد النهضة، التي أعلنت إثيوبيا أنها تنوي تنفيذها خلال موسم الأمطار المقبل في صيف العام الجاري.
وأضاف غانم في بيان رسمي صادر عن الوزارة أن هذا المقترح جاء في خطاب تلقاه الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، من نظيره الإثيوبي، و"تضمن العديد من المغالطات والادعاءات التي لا تعكس حقيقة مسار المفاوضات على مدار السنوات الماضية".
وأوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري أن هذا المقترح الإثيوبي "يخالف مقررات القمم الأفريقية التي عقدت حول ملف سد النهضة، والتي أكدت ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل سد النهضة"، مضيفاً أن هذا المقترح الإثيوبي "لا يعدو كونه محاولة مكشوفة لاستخلاص إقرار مصري على المرحلة الثانية من الملء التي تنوي إثيوبيا تنفيذها خلال صيف العام الجاري، حتى لو لم تصل الدول الثلاث لاتفاق حول ملء وتشغيل سد النهضة".
وشدد في هذا السياق على أن مصر "ترفض أي إجراءات أحادية تتخذها إثيوبيا ولن تقبل بالتوصل لتفاهمات أو صيغ توفر غطاءً سياسياً وفنياً للمساعي الإثيوبية لفرض الأمر الواقع على دولتي المصب".
وتابع المتحدث الرسمي، في البيان، بالتأكيد على أن مصر متمسكة بضرورة التوصل إلى اتفاق متكامل حول ملء وتشغيل سد النهضة تنفيذاً لأحكام اتفاق إعلان المبادئ المبرم في عام 2015، مضيفا أن مصر تحلت على مدار عقد كامل من المفاوضات بالمسؤولية وأبدت قدراً كبيراً من المرونة من أجل التوصل إلى اتفاق على سد النهضة يراعي مصالح وحقوق الدول الثلاث، وأنه أصبح الآن على إثيوبيا أن تتخلى عن تعنتها وتبدي الإرادة السياسية اللازمة للتوصل إلى الاتفاق المنشود.
مصر متمسكة بضرورة التوصل لاتفاق متكامل حول ملء وتشغيل سد النهضة
من جهة أخرى قال غانم إن مصر لن تعود للتفاوض مرة أخرى مع إثيوبيا حول أزمة سد النهضة، إلا بوجود لجنة الوساطة الرباعية الدولية، مؤكدًا أن الاتحاد الإفريقي لم ينجح في حل أزمة السد.
وتابع غانم، في مداخلة هاتفية عبر فضائية صدى البلد، "نطالب مجددًا بوجود اللجنة الرباعية الدولية، لأن إثيوبيا خالفت اتفاق إعلان لمبادئ، ولن نعود إلى مائدة التفاوض مرة أخرى دون اللجنة لأن ذلك مضيعة للوقت".
وأضاف المتحدث باسم وزارة الري المصرية أن الجانب الإثيوبي "يماطل في كل مراحل المفاوضات، ونحتاج إلى إرادة سياسية ورغبة حقيقية في التفاوض، لأنها ليست غير موجودة عند الجانب الإثيوبي"، موضحًا أن مصر مستعدة للتفاوض وفق كل الآليات والمنهجيات الواضحة.
تفاصيل الرد السوداني
من جهتها، قالت الحكومة السودانية إنها تلقت الخميس الماضي رسالة من إثيوبيا تدعو لتسمية مندوب لتبادل المعلومات حول الملء الثاني لسد النهضة في يوليو/ تموز المقبل
وذكر بيان صادر من وزارة الري والموارد المائية أن السودان يرحب بتلك الخطوة من حيث المبدأ، ويؤكد على موقفه الثابت بأن تكون عملية تبادل المعلومات ضمن اتفاق قانوني وملزم للملء والتشغيل "لأن تبادل المعلومات هي إحدى العمليات التي تم التوافق عليها ضمن حوالي 90 بالمائة من القضايا التي وصل فيها السودان ومصر وإثيوبيا إلى توافق في مسودة الاتفاقية منذ يونيو/ حزيران الماضي".
وأوضح البيان أن تبادل المعلومات "إجراء ضروري، لكن العرض الإثيوبي لتبادل المعلومات بالطريقة التي أشارت إليها الرسالة ينطوي على انتقائية مريبة في التعامل مع ما تم الاتفاق عليه، وميل غير مقبول لاتخاذ الخطوات التي تلائمها فحسب، دون الاعتداد بمطالب السودان ومخاوفه وتجنب السعي الجاد للتوصل لاتفاق شامل وملزم قانونا حول ملء وتشغيل سد النهضة".
وأضاف "كما أن عرض تبادل المعلومات بإجراء أحادي الجانب من إثيوبيا، في الوقت الذي يناسبها فقط، يجعل تبادل المعلومات مجرد منحة من إثيوبيا، توفرها أو تحجبها متى شاءت، الأمر الذي يمكن أن يعرض المصالح الوطنية لمخاطر جسيمة".
وأشارت وزارة الري إلى أن تسمية مندوبين لتبادل المعلومات دون التوقيع على اتفاق يعني عمليا تخفيض سقف التفاوض من اتفاق شامل إلى تبادل بيانات فقط، الأمر الذي يصعب على السودان القبول به.
تسمية مندوبين لتبادل المعلومات دون التوقيع على اتفاق، يعني عمليا تخفيض سقف التفاوض من اتفاق شامل إلى تبادل بيانات فقط
وكشفت أن إثيوبيا أخطرت السودان عبر رسالة وزير المياه، بأنها ستختبر البوابات السفلى للسد بإطلاق حوالي مليار متر مكعب من المياه، بعد أقل من 48 ساعة من تسلمنا للإخطار مساء الخميس الماضي، وهي فترة قصيرة لاتخاذ الإجراءات الفنية الوقائية، مما يؤكد من جديد أهمية التوصل لاتفاق ملزم قبل ملء السد.
وزادت الوزارة "أن تلك الإجراءات تعني أن جزءاً من عملية الملء سيحدث خلال شهري مايو ويونيو خلافا للجداول المتبادلة التي تؤكد بدء الملء في يوليو القادم"، مؤكداً أن ذلك يشكل ضغطاً على منظومة توليد الكهرباء السودانية.
وأعادت الوزارة التأكيد أن أهمية تبادل المعلومات تتضاءل إلى حد كبير جداً إن لم تتم وفق اتفاق قانوني ملزم للملء والتشغيل حسب اتفاق المبادئ الموقع عام 2015 والذي يمكن التوصل إليه وتوقيعه خلال الأسابيع القليلة القادمة، خاصة أن رؤساء الدول الثلاث في اجتماع القمة الأفريقية يوم 26 يونيو/ حزيران من العام الماضي، وبعد التأكد من اتفاق الدول حول 90 بالمائة من بنود مسودة الاتفاقية، طالبوا وفودهم بالتوصل لاتفاق كامل خلال أسبوع واحد فقط.
كما أكدت الوزارة أن السودان يرى الآن أن توقيع اتفاق قانوني ملزم هو هدف واقعي، يمكن تحقيقه، بمساعدة ودعم منظمات إقليمية ودول ذات ثقل تشارك في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث السودان ومصر وإثيوبيا للتوصل لاتفاق على 10 بالمائة هي ما تبقى من قضايا خلافية.
واستطردت الوزارة في بيانها أنه يمكن التوصل إلى هذا الاتفاق الذي يضمن للسودان استمرارية تبادل البيانات تحت إطار قانوني لا تحكمه أهواء الدول، أو التغيرات السياسية الداخلية للدول أو التغيرات الإقليمية، مما يمّكن السودان من التخطيط لإدارة موارده المائية وضمان سلامة سدوده وسلامة 20 مليون سوداني يعيشون حول النيل في السودان ومشاريعه الزراعية الحيوية لاقتصاده الوطني.