أمرت محكمة العدل الفرنسية الإثنين بإحالة وزير العدل إريك دوبون موريتي إلى المحكمة، بتهمة استغلال منصبه لتصفية حسابات مع قضاة اصطدم بهم عندما كان محامياً.
ولم يسبق في فرنسا أن أحيل وزير للعدل خلال توليه حقيبته إلى المحكمة. وعلى الأثر، أعلن وكيلا الوزير تقديم طعن في القرار.
والاتهامات الموجّهة إلى الوزير على صلة بتحقيقات إدارية بحق ثلاثة قضاة. وكان القضاة الثلاثة قد أمروا الشرطة في العام 2014 بالتدقيق في السجلات الهاتفية لعشرات المحامين والقضاة، ومن بينهم دوبون موريتي، في إطار تحقيق يطاول الرئيس السابق نيكولا ساركوزي.
واتّهم القضاء دوبون موريتي بشن حملة اضطهاد. لكن الوزير رفض الاتهام الموجّه إليه وقال إنه تصرّف بناء على توصيات فريقه بالتحقيق في احتمال أن يكون القضاة المشرفون على ضبط السجلات الهاتفية قد ارتكبوا أخطاء.
وأمرت لجنة التحقيق في "محكمة العدل في الجمهورية" في باريس المكلّفة النظر في قضايا الاشتباه بارتكاب وزراء في المنصب مخالفات، بإحالة الوزير إلى المحكمة.
وشدّد وكيلا الوزير كريستوف إنغران وريمي لوران على أن الأمر القضائي "لم يعد قائماً". وأشار لوران إلى "مخالفات كثيرة" تشوب القضية المرفوعة ضد الوزير، متّهما المدعي العام فرنسوا مولينس بأنه "غير منصف ومتحيّز".
وتعود قضية دوبون موريتي إلى يناير/كانون الثاني حين تقدّمت مجموعة "انتيكور" لمكافحة الفساد ونقابة للقضاة بشكوى قضائية ضدّه تتّهمانه فيها باستغلال منصبه الوزاري لتصفية حسابات مع خصوم له في السلك القضائي.
ووجّه الاتّهام إليه في يوليو/تموز2021.
وعلى الرغم من مطالبة معارضين له بتنحيته، عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجددا وزيرا للعدل خلال تعديل للتشكيلة الحكومية أوصل في مايو/أيار من العام الحالي إليزابيت بورن إلى رئاسة الوزراء خلفاً لجان كاستيكس.
ووصفت النقابتان الرئيسيتان للقضاة في فرنسا إحالة دوبون موريتي على المحكمة بأنها "غير مسبوقة".
وشدّدت النقابتان في بيان على احتمال حصول "تضارب جديد في المصالح"، في حال اختار دوبون موريتي مدّعيا عاما جديدا خلفا لمولينس الذي سيتقاعد في يونيو/حزيران.
وحذّرت النقابتان من أن دوبون موريتي سيكون في هذه الحال "قادرا على تعيين الجهة التي تتّهمه".
التحقيق مع كبير مستشاري ماكرون لشبهة استغلال النفوذ
على صعيد آخر، قال مكتب المدعي العام الفرنسي إن المدعي العام للجرائم المالية يحقق مع كبير أعضاء الفريق المعاون للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لشبهة تضارب المصالح في ما يتعلق بصلاته المزعومة بشركة الشحن السويسرية الإيطالية "إم.إس.سي".
ويتربع أليكسي كولر، أقرب مستشاري ماكرون وأكثرهم نفوذا، على قمة الهرم الإداري لقصر الإليزيه.
وقال مكتب المدعي العام، في بيان، إنه "يؤكد أن أليكسي كولر، الأمين العام الحالي للرئاسة الفرنسية، يخضع لتحقيق رسمي لتحقيقه مصالح بشكل غير قانوني".
ولم يرد مكتب ماكرون على الفور على طلب للتعليق. وقالت صحيفة لو فيغارو إن ماكرون قرر إبقاء كولر في المنصب رغم التحقيق.
وقال مكتب ماكرون من قبل، إن كولر لم يخف قط صلاته العائلية بأسرة أبونتي التي أسست وما زالت تمتلك "إم. إس. سي".
ويأتي التحقيق بعدما تقدمت مجموعة "آنتيكور" لمكافحة الكسب غير المشروع بشكوى تتهم فيها كولر بخرق القواعد الخاصة بتضارب المصالح، بعدما تبين أن لديه صلات عائلية بالمالكين الإيطاليين لشركة "إم. إس. سي" الذين عمل لديهم أثناء الانتقال بين وظيفتين حكوميتين.
وتعد "إم. إس. سي"، التي تدير السفن السياحية، من أكبر عملاء حوض بناء السفن الفرنسي "شانتي دو لوتلانتيك" الذي حاولت الحكومة الفرنسية إعادة هيكلته عدة مرات خلال العقود الماضية.
وتزعم الشكوى وجود تضارب في المصالح استنادا إلى تعامل كولر مع "إم. إس. سي"، أثناء عمله في وكالة حكومية فرنسية بين عامي 2012-2014 ثم لاحقا كمسؤول كبير في فريق ماكرون بوزارة المالية بين عامي 2014 و2016.
وترك كولر وزارة المالية عام 2016 حين ترك ماكرون منصب وزير الاقتصاد. ثم انتقل إلى جنيف لتولي منصب في مجلس إدارة "إم. إس. سي." وبعد تسعة أشهر، استقال كولر من هذا المنصب للانضمام إلى الإليزيه بعد انتخاب ماكرون عام 2017.
وبموجب القانون الفرنسي، يعني التحقيق الرسمي أن هناك دليلا على وجود شبهة، لكنه لا يعني توجيه الاتهام للشخص محل التحقيق. ويمكن اتهام الشخص لاحقا إذا ظهرت أدلة أخرى ضده، أو يمكن إسقاط التحقيق.
(فرانس برس، رويترز)