في زيارة هي الأولى لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران في عهد الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، والثانية منذ توليه رئاسة حكومة العراق منتصف العام الماضي، حضرت مجموعة من الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية بين المسؤولين العراقيين والإيرانيين، من بينها ملف الوساطة العراقية بين الرياض وطهران. وعقد الكاظمي ومسؤولون حكوميون يرافقونه، سلسلة لقاءات مهمة في طهران أمس الأحد على مدار ساعات، كان أبرزها الاجتماع مع رئيسي. وعكس الوفد المرافق للكاظمي أهمية الملفات التي حملها الأخير قبل أقل من شهر على الانتخابات التشريعية التي تنتظرها بغداد، إذ رافقه وزراء الخارجية فؤاد حسين، والدفاع جمعة عناد، والتخطيط خالد البتال، والأمن القومي قاسم الأعرجي، والمالية علي علاوي، إضافة إلى وزراء ومسؤولين آخرين.
وحضرت في المباحثات ملفات مختلفة أمنية وسياسية واقتصادية، ومنها ملف المياه والروافد التي غيّرت طهران أخيراً مجراها أو أنشأت سدوداً عليها، إضافة إلى ملفات الحدود وتحديداً شط العرب في البصرة والحقول النفطية المشتركة بين البلدين، وملف إمدادات الغاز الإيراني التي تراجعت بالأيام الماضية إلى معدلات قياسية، علماً أن العراق يستعمله في تشغيل محطات الكهرباء، فيما تطالب إيران بسداد بغداد الديون المترتبة عليها.
عكس الوفد المرافق للكاظمي أهمية الملفات التي حملها إلى طهران قبل أقل من شهر على الانتخابات العراقية
وفي مؤتمر صحافي مشترك بين الكاظمي ورئيسي، بعد لقاءين منفصلين، الأول مغلق والآخر بحضور أعضاء وفدي البلدين، تحدث رئيسي عن "نبأ سار" تلقاه من ضيفه العراقي بشأن إلغاء التأشيرات بين البلدين بعد الإعلان عن موافقته على ذلك، قائلاً إن العلاقات بين إيران والعراق "تتجاوز علاقات الجوار وهي علاقات عميقة بين البلدين والشعبين والحكومتين". وأكد رئيسي أن بلاده تتطلع إلى توطيد العلاقات مع العراق أكثر من قبل، مضيفاً "نحن على قناعة بأن هذه العلاقات ستتعزز من خلال لعب أدوار إقليمية ودولية". وأشار إلى مناقشة جملة ملفات اقتصادية خلال الزيارة، منها الربط السككي بين العراق وإيران وقضايا مالية ومصرفية، مع حديثه عن اتخاذ قرارات بشأن هذه القضايا. من جهته، أكد الكاظمي أهمية علاقات بلاده مع إيران، قائلا إنها تتجاوز علاقات الجغرافيا والحدود المشتركة. وأكد أن العراق "يتطلع إلى أفضل العلاقات مع كل دول الجوار"، معلنا دعمه لـ"مساعي إيران الحوارية لإرساء الاستقرار في المنطقة".
وقال مسؤولان عراقيان في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن لقاءات الكاظمي مع المسؤولين الإيرانيين هدفت إلى وضع خريطة طريق لفض عدد من الملفات العالقة ومحاولة إيجاد تفاهم على ملفات أخرى. ووفقاً لمسؤول في مكتب رئيس الحكومة، طلب عدم ذكر اسمه، فإن ملف الوساطة العراقية بين الرياض وطهران من بين الملفات الرئيسة التي توجّه بها الكاظمي إلى طهران، متحدثاً عن "ترحيب إيراني متكرر بالوساطة العراقية، لكن المسألة تتعدى كونها خلافاً بين دولتين مهمتين في الإقليم، إلى صراع محاور قوى غربية كبرى"، على حد وصفه. واعتبر أن مهمة العراق "ليست حل الملفات، بل المساعدة على توفير منطقة محايدة وجمع الطرفين (الإيراني والسعودي) للبحث عن مناطق وسط بينهما قد تكون بداية لتطبيع العلاقات وحل الكثير من الملفات الخلافية". وتابع: "الدور الإسرائيلي المتزايد في المنطقة هو أكثر ما يثير قلق طهران من وجود تعاون بين بعض الدول الخليجية التي طبّعت أخيراً أو تقاربت مع الاحتلال الإسرائيلي، ضدها"، واصفاً الإدارة الإيرانية الجديدة بأنها "متطابقة كثيرا مع تصورات ومواقف الحرس الثوري على شكل مغاير لإدارة الرئيس السابق حسن روحاني".
مسؤول في مكتب الكاظمي: مهمة العراق ليست حل الملفات بين إيران والسعودية، بل المساعدة على توفير منطقة محايدة وجمع الطرفين
من جهته، ذكر مسؤول عراقي آخر، طلب عدم ذكر اسمه، أنه "تم الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لبحث الملفات المتعلقة بالغاز، والديون المترتبة على العراق، والتي تم الاتفاق على أن تسدد بغداد جزءاً منها خلال أيام، إضافة إلى ملف المياه وقطع روافد وأنهار تصب في نهر دجلة داخل العراق، وجرى بحثها بين الوزراء العراقيين ونظرائهم الإيرانيين". وأشار في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أنه "على المستوى السياسي والأمني أيضاً تم بحث ملف مدينة سنجار العراقية والقصف الإيراني الأخير على جيوب ومواقع قوى وأحزاب كردية إيرانية معارضة موجودة في مناطق حدودية عراقية ضمن إقليم كردستان".