المحامي حسن جبارين: تضييق على مليوني فلسطيني في الداخل وحالة هستيريا إسرائيلية
توقف مدير مركز عدالة الحقوقي بالداخل الفلسطيني، المحامي حسن جبارين، في مقابلة مع "العربي الجديد" عند حالة التضييق على قرابة 2 مليون من فلسطيني الداخل، والانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحقهم في ظل عدوانه على قطاع غزة المتواصل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد عملية طوفان الأقصى.
ويشهد الداخل الفلسطيني حملة مسعورة من الملاحقات والتضييق والاعتقالات من قبل الاحتلال الإسرائيلي ضمن سياسة كم الأفواه ومنع التعبير عن الرأي أو التظاهر ضد الحرب على غزة، إذ اعتقل المئات من فلسطينيي الداخل مع تقديم 38 لائحة اتهام تصب بمعظمها في خانة "التحريض والتماهي مع منظمة إرهابية".
ما هو دور مركز عدالة الحقوقي بهذه الفترة؟
وظيفة مركز عدالة في حالة الطوارئ الحالية في الداخل الفلسطيني منذ 7 أكتوبر، رصد جميع الاعتقالات والتواصل مع المحامين بخصوصها، وتمثيل قسم من المعتقلين، إذ لا إمكانية لتمثيل الجميع.
كيف تقرأ الحالة الراهنة لفلسطينيي الداخل في ظل الاعتقالات والملاحقات؟
الصورة هي كالآتي. الأغلبية الساحقة من الاعتقالات، عدا 11 حالة، كانت بسبب منشورات على مواقع التواصل مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك. هذه المنشورات كانت بين 7 و12 أكتوبر. أود أن أشير هنا إلى أنه خلال هذه الاعتقالات نشهد لأول مرة منذ عام 1948 (النكبة الفلسطينية) أن عدد النساء المعتقلات يفوق عدد الرجال. هناك أكثر من مائة حالة اعتقال وأكثر من 34 لائحة اتهام والعدد يزيد يومياً.
ما طبيعة الاعتقالات على أساس المنشورات على مواقع التواصل؟
تضع الشرطة من تحقق معهم رهن الاعتقال، وبعدها تطلب تمديد الاعتقال حتى نهاية الإجراءات، وهو ما قد يمتد عملياً لأكثر من سنة. هذه السياسة هي المتبعة في جميع الملفات، بعد قرار النائب العام بذلك.
عملياً، تنصاع المحاكم بغالبية الملفات لطلب الشرطة وتمدد الاعتقالات، ومعركتنا الكبيرة الأسبوع المقبل ستكون في مواجهة التمديد حتى نهاية الإجراءات، حتى الآن لم نبدأ بها بشكل جدي.
90 بالمائة من الملفات تخضع لطلب الشرطة ويجرى تمديد الاعتقال. وجزء من التسويغات التي تقدمها المحاكم هي حالة الحرب التي تحتم في ما ترى أنّ النشر التحريضي والمتماثل مع منظمات إرهابية (المقصود حركة حماس) هو فعل خطير ويدعم الإرهاب.
نحن نقول في حالة الحرب وغير الحرب، إنّ القانون الجنائي لا يتوقف ويجب دراسة كل حالة بحد ذاتها، وبحث مدى مصداقية الاتهامات. في أغلبية هذه الملفات نحن نرى أنه لا مصداقية. الادعاء بالتحقيق والاستمرار فيه أصبح وسيلة من أجل تمديد الاعتقال، والاعتقال أصبح في حد ذاته وسيلة عقاب.
هل يمكن اعتبار الاعتقالات على خلفية التظاهر ملاحقة سياسية؟
اعتقل في تظاهرة حيفا يوم 18 أكتوبر 5 أشخاص أطلق سراحهم لاحقاً بشروط، علماً أنهم من العرب واليهود. وفي 19 أكتوبر كانت هناك تظاهرة بأم الفحم اعتقل خلالها 11 شخصاً، أطلق سراح منهم 9 وبقي اثنان هما محمد طاهر جبارين وأحمد خليفة. تجري الشرطة ملاحقة سياسية في حقهما لأنهما ناشطان سياسيان، وتظاهرا سابقاً ضد تقاعس الشرطة في التصدي للعنف في آخر ثلاث سنوات. ولا شك أنّ الشرطة تنتقم منهما لأجل نشاطهما السابق وتريد أن تلقنهما درساً.
هذه ملاحقة سياسية لأنّ 9 أشخاص في الملف نفسه أطلق سراحهم. الشرطة تعترف بذلك بطريقة غير مباشرة لأنها تقول إنهما معتقلان لقيادتهما التظاهرة. ليس هناك جناية في القانون تقول إنّ من يقود تظاهرة يختلف حكمه عمّن يشارك فيها.
كيف تقرأ تأثير حالة الطوارئ على عرب 1948؟
دائماً، في كل حالة طوارئ، نقول إنّنا لم نشهد تضييقاً وقمعاً مماثلاً، هذا يدل على أن الوضع يتدحرج إلى الأسوأ. لكنّ ما يميز الوضع الراهن منع العرب من التظاهر بالكامل، بما في ذلك منع التظاهرات التي يشارك فيها النشطاء اليهود إلى جانب العرب.
في المقابل، لا تمنع الشرطة تظاهرات عائلات الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس".
هل التظاهرات ضد الحرب ممنوعة؟
للمرة الأولى يُمنع التظاهر ضد الحرب، ونعتقد أن جميع القضاة انصاعوا للوضع القائم. حتى القضاة العرب برأيي في حالة خوف. أصدر قاض عربي في محكمة مركزية قراراً عادياً بإطلاق سراح صاحب منشور على فيسبوك، وكان قراره مسنوداً قانونياً، لكنّ وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، العنصري هاجمه بشكل شخصي.
ما الذي يميز هذه الحالة؟
هي حالة هستيريا لم نشهد مثلها داخل المجتمع اليهودي. أنا أعيش مع يهود وأقرأ العبرية وأستطيع أن أعيش اللحظات الصعبة التي يعيشونها، لكن لا أتفهم الأسلوب الشرس للشرطة، لا أتفهم الخوف الذي يقع بالمحاكم بقضايا الاعتقال. هذا الشيء لا أستطيع أن أتفهمه أو أقبل به.