اتفقت 6 أحزاب من المعارضة التركية، أخيراً، على اللقاء دورياً تحت قبّة البرلمان، من أجل إكمال إعداد مسودة دستور جديد للبلاد، واعتمادها من قبل رؤساء الأحزاب لاحقاً، حيث تسعى المعارضة التركية إلى طرحها كورقة انتخابية واستمالة الناخبين. وتهدف المعارضة إلى وضع مسودة دستور جديد يعود بتركيا إلى النظام البرلماني، معتبرة أن النظام الرئاسي الحالي يمنح صلاحيات كبيرة للرئيس رجب طيب أردوغان، فيما يصّر الأخير على أن النظام الحالي هو الأنسب للبلاد.
ويشكل موضوع الدستور ساحة صراع بين قطبي السياسة التركية في الوقت الحالي، حيث يسعى التحالف الجمهوري بقيادة أردوغان إلى كتابة دستور جديد ويدعو المعارضة للمشاركة فيه معه، فيما ترفض المعارضة، ممثلة بتحالف الشعب والذي يضم أحزاباً عدة، دعوته.
تهدف المعارضة إلى وضع مسودة دستور جديد يعود بتركيا إلى النظام البرلماني
وأفادت صحيفة "خبر تورك"، اليوم الإثنين، بأن ممثلي أحزاب "تحالف الشعب" المعارضة الأربعة، وهي حزب الشعب الجمهوري، والحزب الجيد، وحزب السعادة، والحزب الديمقراطي، إضافة إلى ممثلي حزبي "دواء" و"المستقبل"، اجتمعوا قبل أيام في البرلمان واتفقوا على مجموعة من النقاط. وأضافت "خبر تورك" أن الاجتماع الذي جرى يوم الثلاثاء الماضي، استمر لمدة ثلاث ساعات ونصف الساعة، على أن يتم الاجتماع أسبوعياً من أجل الوصول إلى نصّ مشترك يحدد الإطار العام للتوافقات بين الأحزاب، على أن يتألف النص من فقرتين: الأولى تتضمن الأسباب، وقد بدأ فعلياً خبيران بكتابة هذا القسم، ثم تأتي الأقسام المتعلقة بالسلطات التشريعية والتنفيذية والقضاء، والحديث عن تعزيز البرلمان والفصل بين السلطات فضلا عن قانون الأحزاب السياسية، وآلية انتخاب الرئيس، إضافة إلى تناول مواد عن الادعاء العام والمحكمة الدستورية العليا.
وبحسب الصحيفة، فإن النص والمسودة سيتألفان من خمسة أقسام، فيما خصصت الخاتمة من أجل الحقوق الأساسية والحريات، وخصوصاً حرية الصحافة والإدارة، والأهلية في التوظيف وتولي المناصب. وسيعمل على المسودة، بحسب "خبر تورك"، فقط ممثلو الأحزاب الستة، دون أن يضموا ممثلي أي حزب جديد آخر، في إشارة إلى عدم انضمام حزب الشعوب الديمقراطية الكردي المعارض، حيث تتهم الحكومة "تحالف الشعب" بالاتفاق سرّاً مع الحزب الكردي.
وتعقيباً على الموضوع، قال المحامي بولنت كايا، الذي حضر الاجتماع عن حزب السعادة الإسلامي، أحد أطراف تحالف الشعب، وهو مساعد رئيس الحزب والمسؤول عن الشؤون الانتخابية، لـ"العربي الجديد"، إن "هذه الاجتماعات تأتي للتوافق بين ستة من الأحزاب السياسية الساعية للتوافق على إنجاز مسودة مشتركة تؤدي إلى الانتقال في نظام الحكم بالبلاد من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني". ولفت كايا إلى أن الهدف هو "وضع تصور مشترك، ولأن العمل يحتاج إلى وقت لإتمامه، ولن ينجز بسرعة، فقد تمّ التوافق بداية على مجموعة من المبادئ، ومنها الاستمرار بالاجتماع والعمل المشترك".
وأوضح المحامي من المعارضة التركية أن "ممثلي الأحزاب يعملون على إعداد نص مشترك يتناول السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضاء، وسيتم تحويل المقترحات المقدمة من جميع الأحزاب إلى نص توافقي مشترك، وهو ما يستدعي بالضرورة العمل المشترك والاجتماع في ما بين ممثلي الأحزاب".
بولنت كايا: تمّ التوافق بداية على مجموعة من المبادئ، ومنها الاستمرار بالاجتماع والعمل المشترك
وعن الاجتماع السابق والاجتماعات المقبلة، قال كايا إنه "تم وضع أجندة، ويتم الاجتماع وفقها، ولا يتم الاجتماع إلا بعد تحديد أجندة وتناول الموضوع المطروح وفق ذلك"، معرباً عن اعتقاده بأن "هذه الاجتماعات قد تستغرق وقتاً يصل لما بين شهر ونصف إلى شهرين". وأضاف: "ربما عندها نصل إلى نتيجة مشتركة بين الطرفين". واعتبر كايا أن "النظام البرلماني واضح، وهو يتألف من السلطات الثلاث الأساسية المحددة، وهي التنفيذية والتشريعية والقضاء، ووفق العناوين الفرعية التابعة لها، ونحن نعمل ضمن هذا الإطار، وسيكون هناك قسم رابع يتعلق بالحريات والحقوق الأساسية، وحاليا تم التوافق على الاجتماع مرة واحدة في الأسبوع"، دون إضافة مزيد من التفاصيل.
وتدفع المعارضة التركية باتجاه إجراء انتخابات مبكرة عن موعدها في صيف عام 2023، وتطالب بها بأسرع وقت، مستفيدة من تجمعها على هدف إسقاط الرئيس أردوغان والعودة بالبلاد إلى النظام البرلماني. كما تحاول المعارضة الاستفادة من المناخ العام الاقتصادي المتراجع في تركيا، وارتفاع الأسعار، في حين يرفض أردوغان وحلفاؤه إجراء الانتخابات بوقت مبكر، بل يريدون إجراءها في موعدها. ولأسباب دستورية، تعجز المعارضة عن طرح الانتخابات المبكرة، لعدم حصولها على أغلبية برلمانية كافية.