أعطى المجلس الوزاري المنعقد مساء الخميس بالقصر الملكي في مدينة فاس، برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الضوء الأخضر للبدء في التحضير للانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية المنتظرة صيف السنة الحالية، وذلك بالمصادقة على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية ستؤطر العملية الانتخابية.
وجاءت مصادقة المجلس الوزاري على المشاريع الأربعة، بعد تسجيل تأخر حكومي في إقرار القوانين الانتخابية وإحالتها على مجلسي النواب والمستشارين، ما شكل مصدر قلق للأوساط السياسية والحزبية المغربية، على بعد أشهر قليلة من موعد تنظيم انتخابات البرلمان والجماعات الترابية (الأقاليم والبلديات) وكذا الغرف المهنية.
ومنذ أكتوبر/ تشرين الاول الماضي توقفت المشاورات السياسية التي قادتها الحكومة ووزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان الحالي، حول إصلاح الترسانة القانونية للنزال الانتخابي القادم. غير أن تلك المشاورات اصطدمت بانقسام حاد في المواقف بين الأحزاب السياسية حيال العقدة المستعصية، وهي "القاسم الانتخابي" الذي على أساسه توزَّع المقاعد البرلمانية بعد إجراء عملية التصويت، فضلاً عن مشاركة المهاجرين المغاربة في الانتخابات، وتحويل اللوائح الوطنية للشباب والنساء إلى لوائح جهوية، وإضافة 30 مقعداً نيابياً جديداً للائحة الوطنية.
وبحسب بيان للديوان الملكي، فإن مشاريع القوانين التنظيمية تروم تطوير قواعد النظام الانتخابي، وتقوية الضمانات الانتخابية، وضبط قواعد استفادة الأحزاب السياسية من الدعم المالي، وتخليق العمليات الانتخابية، وتعزيز الشفافية المالية للحملات الانتخابية للمرشحين.
وتبقى من أبرز المقتضيات التي جاء بها مشروع قانون تنظيمي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، تطوير الآلية التشريعية المتعلقة بالتمثيلية النسائية، من خلال تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، اعتباراً للمكانة الدستورية للجهة في التنظيم الترابي للمملكة.
وينص القانون التنظيمي الحالي لمجلس النواب على أن تتضمن اللائحة الوطنية جزأين، يحتوي القسم الأول منه 60 مقعداً مخصصة للنساء، والثاني 30 مقعداً مخصصة للشباب، الذين لا تزيد أعمارهم على 40 عاماً خلال فترة الاقتراع.
وبحسب مصدر حزبي، فإن تعويض الدائرة الوطنية لدوائر انتخابية سيمكن من رفع تمثيل النساء في المؤسسات المنتخبة محليا وجهويا، كما أنه يساير التوجه المعبر عنه رسمياً في الانتقال إلى الجهوية الموسعة، مشيراً، في حديث مع "العربي الجديد "، إلى أن اللوائح الجهوية تساير أيضاً انتقادات فروع وقواعد الأحزاب السياسية في تمكينها من التعبير عن طاقاتها على الصعيد الجهوي، بدل استمرار تدبيرها على الصعيد المركزي من قبل الأحزاب السياسية.
إلى ذلك، تتجه التعديلات التي تضمنها مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب نحو عقلنة الانتدابات الانتخابية، من خلال التنصيص على تنافي صفة برلماني مع رئاسة مجالس الجماعات التي يفوق عدد سكانها 300 ألف نسمة.
أما بخصوص مجلس المستشارين ( الغرفة الثانية للبرلمان المغربي) فتتوخى التعديلات بصفة خاصة، الحفاظ للمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية على فريق برلماني خاص بها داخل المجلس، وذلك بهدف تمكينها من التعبير عن انشغالات ومطالب الفاعلين الاقتصاديين والمقاولات الوطنية، الكبرى والمتوسطة والصغرى.
وبالنسبة لانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، فتهدف التعديلات بالأساس ضبط مسطرة الترشح لانتخابات مجالس العمالات والأقاليم، وإقرار آلية لضمان التمثيلية النسائية فيها، عن طريق تخصيص ثلث المقاعد للنساء في كل مجلس عمالة أو إقليم، وكذا الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في المجالس الجماعية. كما يهدف لمراجعة عدد الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع باللائحة، من خلال الرفع من عدد السكان المطلوب لتطبيق نمط الاقتراع المذكور من 35 ألف إلى 50 ألف نسمة.
وبموجب التعديلات التي سيتم الحسم فيها برلمانياً خلال الأسابيع القادمة في المؤسسة التشريعية، سيتم الرفع من مبلغ الدعم العمومي الممنوح للأحزاب،" قصد مواكبتها، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية، مع تخصيص جزء من الدعم العمومي لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار".