أحرز حزبا "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" و"التقدم والاشتراكية"، اللذان يشكلان جزءاً من المعارضة في المغرب، خطوة متقدمة، اليوم الجمعة، نحو تأسيس جبهة موحدة لمواجهة "التغول" العددي للحكومة الحالية التي يقودها عزيز أخنوش وأغلبيتها (التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة، والاستقلال).
ووقّع الحزبان في الرباط، اليوم الجمعة، على وثيقة "العمل السياسي المشترك"، وهي جزء من مبادرة مشتركة أطلقاها منذ أسابيع، بهدف تعزيز التنسيق بينهما وتعزيز موقف المعارضة اليسارية.
وفي تصريح سياسي مشترك صدر الجمعة، أكد الحزبان أن تأسيس الجبهة يأتي نتيجة لـ"مكانة الحزبين الدستورية ومسؤوليتهما الوطنية ومشروعيتهما المؤسساتية، ويستند إلى تاريخهما النضالي المشترك والتزامهما بالصف الوطني الديمقراطي التقدمي". يُؤكد الحزبان أن "هذه الخطوة تأتي استجابة لمتطلبات المرحلة الراهنة، مع تزايد التحديات وفتح الفرص أمام البلاد".
وفي ضوء الاعتبارات الوطنية والديمقراطية، يعتبر الحزبان أن تشكيل الجبهة يعكس الدور الحيوي للقوى الوطنية الاشتراكية التقدمية في دفع المسار الديمقراطي والتنموي إلى الأمام.
وأشار الحزبان إلى أن "نتائج الانتخابات للعام 2021 على مستوى الحكومة على الصعيدين الوطني والمحلي (مجالس الجهات والأقاليم والعمالات والجماعات) كانت مسيسة بأساليب فاسدة وممارسات مفسدة. سيطر على هذه النتائج تغوّل مفرط أفقد الحياة المؤسساتية توازنها الضروري والملزم لأي بنية ديمقراطية وتنموية مشتركة".
وفي ظل هذه الأوضاع وبناءً على التحليل الحزبي، فإن التغول العددي للحكومة وأغلبيتها يظهر بوضوح من خلال ضعف سياسي وقلة في التحقيقات، إلى جانب عجز في التواصل والاستماع إلى صوت الجماهير. وعلى ضوء هذه التحديات والنقائص، أكد الحزبان أن "الحاجة أصبحت أكثر إلحاحاً لتشكيل جبهة وطنية وظهور حركة اجتماعية مواطنة. هذا الاتجاه يهدف إلى إبراز بدائل مستدامة للوضع الراهن واستعادة التوازن المؤسساتي، مواجهةً لهيمنة الحكومة وأغلبيتها. يعتبر هذا النهج ضرورياً لضمان مشاركة جميع الفئات في مسار البناء الديمقراطي والتنموي للبلاد".
بالإضافة إلى ذلك، يظل الحزبان يحتفظان بباب المبادرة مفتوحاً أمام جميع الفعاليات الوطنية الديمقراطية، "في احترامٍ تام وتقيد صارم بأخلاقيات وقيم العمل المشترك، التي يحدوها نفسُ التطلع إلى تقوية الفعل النضالي مؤسساتيا وجماهيريا، إسهاماً في الارتقاء بالمسار الديمقراطي والتنموي لبلادنا".
وكانت نتائج انتخابات سبتمبر/أيلول 2020 قد أسفرت عن خريطة سياسية مميزة، تميزت بوجود ثلاثة أحزاب رئيسية (التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، الاستقلال) وبتحقيق مكاسب سياسية كبيرة، وعلى رأسها تسهيل عمل الحكومة المغربية بشكل أكبر. وذلك بفضل التأييد الواسع الذي تلقته من هذه الأغلبية العددية في كلا مجلسي البرلمان، والذي يُعد دعماً مريحاً لم يسبق للحكومات المغربية السابقة أن تمتعت به منذ دستور الربيع العربي في عام 2011.
في حين كانت حكومة عزيز أخنوش متفوقة بشكل واضح من الناحية العددية، حازت على 270 مقعداً من إجمالي 395 في مجلس النواب، و85 مقعداً من إجمالي 120 في مجلس المستشارين، كان من اللافت للنظر عدم مواجهتها بمعارضة قوية، سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين. وعلى الرغم من هذا، وجدت الأحزاب اليسارية في البرلمان (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التقدم والاشتراكية، فيدرالية اليسار الديمقراطي، الاشتراكي الموحد) نفسها أمام تحدٍ كبير، وهو كيفية إقامة تحالف يساري معارض لمواجهة ما وصفته قيادة الاتحاد الاشتراكي بـ"تغول" الأغلبية".