خاض المرشحون الثلاثة لخلافة أنجيلا ميركل في منصب المستشارية في جمهورية ألمانيا الاتحادية، أمس الأحد، آخر مناظرة لهم أمام الجمهور قبل يوم الحسم في صناديق الاقتراع الأحد المقبل.
وأظهرت النقاشات بين مرشحي "الاتحاد المسيحي"، أرمين لاشيت، و"الاشتراكي الديمقراطي"، أولاف شولز، و"الخضر"، أنالينا باربوك، أن هناك تناغماً بين شولز وباربوك حول كثير من الملفات والقضايا، مقابل مطاردتهما للاشيت، حتى أن باربوك لم تتردد في نهاية الجولة بالتعبير صراحة عن نية حزبها دفع "الاتحاد المسيحي" إلى المعارضة، مؤيدة تحالفاً بقيادة "الاشتراكي"، وهو ما أكّده مرشح الأخير، شولز، عندما كشف أنه يفضل ائتلافاً مع حزب "الخضر".
ففي ملفات العدالة الاجتماعية ومكافحة البطالة ورفع الحد الأدنى للأجور؛ سجل شولز نقاطاً على لاشيت، بوعده الانتخابي برفع سعر ساعة العمل، فيما تورّط لاشيت في أسباب عدم رغبته بذلك، وأنه يجب أولاً العمل بهذا الخصوص مع النقابات أو الاتحادات، وكذلك جاهر شولز باحتمال زيادة معدلات المعونة الاجتماعية ودعم الأطفال، وتناغمت معه مرشحة "الخضر" في هذا الطرح، ولم تظهر بينهما الكثير من الاختلافات إلا بما يخص حماية المناخ، في حين انسجما بشكل شبه تام في ما يخص قضايا الرقمنة والابتكار وأزمة كورونا والأمن الداخلي، وفي ما يتعلق بالنقطة الأخيرة تحدث مرشح "الاتحاد المسيحي"، لاشيت، عن تأييده ترحيل الخطرين ومرتكبي الجنايات.
غابت السياسة الأوروبية عن مناظرة "خلفاء" ميركل
وتم استبعاد السياسة الأوروبية والخارجية هذه المرة عن المناظرة، ما دفع ببعض المراقبين للتعليق بأن تغييب هذه الملفات غير مناسب للعالم الخارجي في ضوء الدور الرائد لألمانيا في أوروبا، والفراغ الذي ستتركه المستشارة أنجيلا ميركل وراءها بوصفها شخصية قيادية على المسرح السياسي. وفي هذا الإطار، أشارت "تاغس شبيغل"، اليوم الإثنين، إلى أن أوروبا والسياسة الخارجية والدفاعية كانت مفقودة، وأعلن المرشحون لخلافة ميركل على هامش مداخلاتهم فقط، أن هذا الملف أو ذاك يجب حله على المستوى الأوروبي، وكأن ألمانيا ليست صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا.
ومع انتهاء المناظرة الثالثة، تشخص الأنظار إلى الجلسة التي ستعقدها لجنة المال في البوندستاغ، اليوم الإثنين، ويشارك فيها وزير المالية، المرشح شولز، وذلك للاستيضاح منه حول المداهمة التي حصلت أخيراً لوحدة الاستخبارات المالية في الجمارك والتابعة لوزارته، على خلفية تحقيقات تتعلق بغسيل أموال بين أعوام 2018 و2020، تقدرها بعض التقارير بما يصل إلى خمسين مليار يورو. وفي هذا السياق، برز موقف لحزب المستشارة يطالب فيه شولز بالحضور شخصياً، وليس التعليق على ما حصل عبر خاصية الفيديو كونفرانس، وأوضح السياسي عن "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، الذي تتزعمه ميركل، وعضو لجنة المال، فريتز غونتزلر، أنه إذا ما تبين أن شولز حدد مواعيد لحملته الانتخابية ليوم الإثنين حتى لا يضطر للمثول أمام اللجنة البرلمانية؛ فان ذلك سيكون فضيحة سياسية.
وفيما يتعلق بوضع مرشح "الاتحاد المسيحي"؛ أرجع لاشيت سبب "السباق المحموم" إلى المستشارية بين حزبه و"الاشتراكي الديمقراطي" إلى قرار ميركل عام 2018 بالتخلي عن زعامة "المسيحي الديمقراطي" والاحتفاظ بمنصبها بوصفها مستشارة لألمانيا حتى نهاية الولاية التشريعية الحالية، معرباً عن قناعته التامة بأن كلا المنصبين يجب أن يكونا بيد شخصية واحدة.
وفي ما خص توجهات الناخبين، ذكرت "دي فيلت" اليوم، أن الغالبية من الناخبين ترى أن السباق إلى المستشارية لم يحسم بعد، مبرزة أن أكثر من نصف الناخبين يعتقدون أن نتيجة الانتخابات البرلمانية العامة ما زالت مفتوحة، فيما اعتبر ربع المستطلعة آراؤهم من قبل معهد إنسا، أن السباق انتهى.
وكانت الاستطلاعات قد بيّنت أن أولاف شولز حل مرة أخرى في المقدمة، بحسب ما قال 42% ممن شملهم الاستطلاع، فيما اعتبر 27% منهم أن لاشيت الفائز في مناظرة الأمس، ونالت باربوك، التي كانت أقل اعتدالاً وأكثر عدوانية، 25% من التأييد عن مشاركتها ومقارباتها في النقاشات.