استمع إلى الملخص
- **إطلاق سراح وعد غرز الدين**: أطلقت الأجهزة الأمنية السورية سراح وعد غرز الدين بعد ثلاثة أيام من السجن، مما أثار استياء المجتمع. غرز الدين معروف بجرائمه وارتباطه بالأجهزة الأمنية.
- **تحليل الوضع الأمني في السويداء**: الناشطون يرون أن الحوادث تأتي ضمن خطة لخلق الفوضى، مما يدفع الأهالي للمطالبة بانتشار الجيش. تعيين أكرم محمد علي محافظاً أدى لتصاعد الفوضى والجرائم.
استهدف تفجير عبوة ناسفة سيارة تعود لـ"لؤي الأطرش" الزعيم التقليدي في بلدة عرى، جنوبي غرب السويداء السورية، فجر اليوم السبت، ما أدى لاحتراق السيارة المركونة أمام منزله في البلدة دون حدوث أي أضرار بشرية، فيما أطلقت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري سراح وعد غرز الدين، أحد رؤساء العصابات المرتبطة أمنياً، عقب ثلاثة أيام من السجن، بحجة "التسوية".
ولم يصدر حتى الساعة عن الأطرش أي تصريح حول الحادثة، فيما اعتبر مقرب منه أن ذلك يأتي في سياق عمل يهدف لزعزعة السلم الأهلي ونشر الرعب وبث الفتنة بين أبناء المحافظة لخدمة أجندات لم يتضح من يقف وراءها بعد، متسائلاً: "من المستفيد من ذلك؟". ورصد "العربي الجديد" صورة لمحادثة واتساب نشرتها صفحات إعلامية تابعة للأفرع الأمنية، تتضمن رسالة تهديد للأطرش تطالب بتحرير شخص من محافظة درعا كانت الأجهزة الأمنية ألقت القبض عليه قبل خمسة أيام في البلدة بتهمة الانتماء إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، وتُحمّل الأطرش مسؤولية تسليمه وما سوف يحصل له.
واعتبر عدد كبير من أبناء المحافظة أن الحادثة "مسرحية أمنية جديدة" تحمل بعداً عملياتياً هدفه الضغط على أهالي المحافظة للمطالبة بانتشار الجيش والقوات الأمنية داخلها، حيث جزم باسل العطار؛ أنها مسرحية أمنية، ولولا ذلك لما استهدفوها وهي فارغة، معتبراً أنها حركة لخلق بلبلة في المحافظة لا أكثر. أما ربيع أبو محمود، فلا يرى الحادثة أكثر من مسرحية فاشلة، هدفها أمني واضح، مستذكراً مجيء قوات من النظام من دمشق للقبض على عنصر ينتمي إلى "داعش" في مدينة السويداء دون أي مقاومة تذكر، بالقرب من حاجز مديرية النقل من عناصر بأسوأ حالات الجاهزية. وربط أبو محمود كل ما ذكره سابقاً بحادثة ما أسماه "تصفية لونا الشبل مستشارة الرئيس السوري".
الناشط المدني علي أبو الحسن قال لـ"العربي الجديد": "منذ تعيين أكرم محمد علي محافظاً للسويداء بدأ السياق الأمني في المحافظة يتجه بخطوات متسارعة نحو الفوضى، فهل يمكن أن نعتبر أن الأمر بريء؟". ويردف أبو الحسن "إن ما حصل لا يمكن إدراجه إلا في سياق خطة تنتهجها الجهات الأمنية كونها المستفيد الأول من الفوضى إن حدث وعاودت الانتشار، حيث لن تستطيع ضمان إعادة السيطرة على المحافظة إلا من خلال افتعال أحداث أمنية توحي بوجود خلايا إرهابية، وبالتالي توجيه الرأي العام للمطالبة بدخول الجيش إلى المحافظة للقضاء على أي وكر إرهابيّ، وبالتالي تضمن السلطة السيطرة على المحافظة وإخماد أي تحركات مدنية مناهضة لها". ويذهب الناشط لتحليل آخر، بأن تكون الحادثة متعلقة بتصفية حسابات بينه وبين إحدى المجموعات المسلحة التي تعمل بتجارة المخدرات والمحروقات، والتي كان يشكل غطاء لنشاطاتها.
وفي سياق منفصل، كانت الجهات الأمنية أخلت أمس الجمعة سبيل وعد غرز الدين، الذي قامت السلطات الأمنية في دمشق باعتقاله قبل ثلاثة أيام، أثناء وجوده في مدينة جرمانا بريف دمشق، موضحة أن عملية الاعتقال جاءت بناءً على عدة مذكرات اعتقال صادرة بحقه. وشكل خبر اعتقال غرز الدين أمراً جيداً لشريحة واسعة من المجتمع وعلى رأسها الأوساط المعارضة، إلا أن ذلك لم يمنع بعض المقربين من دائرته من اختطاف ضابط برتبة مقدم في جيش النظام للمقايضة، إلا أن مساعي أهالي المحافظة أدت إلى تحرير الضابط رغم تصريح الجهات الأمنية في دمشق أنها لن تقوم بتحريره، لوجود ادعاءات شخصية وعامة بحقه، بتهمة ارتكاب جرائم وجنايات مختلفة، لتعود وتحرره بعد أيام بذريعة أنه خاضع لتسوية في منتصف يونيو/حزيران الفائت.
خبر إطلاق سراح غرز الدين أثار استياء عدد كبير من أهالي المحافظة الذين استبشروا خيراً أن السلطات الأمنية بدأت فعلاً بتوقيف أحد "المجرمين الحقيقيين" على حد وصفهم، إلا أنه سرعان ما خاب أملهم بعد إطلاق سراحه بذريعة وصفوها بغير المنطقية. وعد غرز الدين، اسم من الأسماء المتداولة في السويداء من بين قادة العصابات التابعة للأجهزة الأمنية والتي لها باع في عمليات السلب والخطف والقتل وترويج المخدرات والابتزاز، وتناولت أخباره العديد من الصفحات المحلية في محافظة السويداء.
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قالت الناشطة الحقوقية سلام عباس "حقيقة لا نستهجن إطلاق سراح أحد قادة المجموعات الأمنية التي عاثت إرهاباً من سجون النظام بعد اعتقاله بزمن قصير، فالحادثة ليست جديدة، فالاعتقال طاول راجي فلحوط قائد أشهر العصابات سابقاً، ولكنه لم يطُل، ثم طاول آخرين من قادة العصابات الأمنية ولم يسجنوا أكثر من يوم، هذا إن كانوا قد وضعوا خلف القضبان فعلاً ولم تكن تمثيليات لامتصاص غضب الناس والاستعراض بتطبيق القانون". وتضيف عباس "طالما أن القانون مُغيّب مُخترق، فإنّ هدف القائمين على تطبيقه كم الأفواه واعتقال النشطاء المناهضين للحكومة بالرأي لا أكثر، أما المجرمون فهم أدوات لهؤلاء الذين من المفترض أن يكونوا الأولى بتطبيق القانون ولا يمكن لهم أن يستغنوا عن خدماتهم خارج السجن". مصدر أمني، طلب عدم الإفصاح عن هويته، قال لـ" العربي الجديد" إن الإفراج عن غرز الدين تم بضغط من أحد الوجهاء الدينيين والاجتماعيين المقربين من السلطة في دمشق.
الجدير بالذكر أن حالة من الأمان ونقصاً واضحاً في معدل الجريمة شهدتها المحافظة لعشرة أشهر منذ انطلاق الحراك الشعبي منتصف أغسطس/آب الماضي، لتعود حالة الفوضى والجرائم إلى الواجهة مع تعيين الضابط المتقاعد أكرم محمد علي المشهور بلقب "جزار حلب" محافظاً للسويداء.