استمرارا لظاهرة التوسع في إحالة المعارضين المصريين والنشطاء السياسيين والحقوقيين إلى المحاكمات الجنائية لتقنين بقائهم خلف الأسوار، قررت نيابة أمن الدولة العليا المصرية إحالة كل من الناشط السياسي السجين منذ سنوات علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي المحبوس منذ أكثر من عامين محمد الباقر، والناشط السياسي محمد أكسجين، إلى محكمة جنح أمن الدولة طوارئ بتهمة نشر أخبار كاذبة وشائعات تضر بأمن الدولة وسلامتها.
يأتي هذا بالتزامن مع حديث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم، عن قبوله الرأي الآخر بشرط أن "يكون صاحبه فاهم القضية".
وقبل ساعات، أُبلغ المحامون بقرار مماثل بإحالة الخبير الاقتصادي يحيى حسين عبد الهادي، الذي كان قد أكمل عامين في الحبس الاحتياطي على ذمة القضية الأصلية المتهم فيها بحلول مارس/آذار الماضي، وفي الأسابيع الأخيرة، فوجئ بتوجيه اتهامات جديدة له في القضية 1356 لسنة 2019 المتهمة فيها مجموعة من النشطاء السياسيين الذين لا يجمعهم شيء إلا معارضة النظام.
وتركز هذه الظاهرة على الإحالة السريعة للمعتقلين السياسيين، الذين يثار بشأنهم اهتمام غربي ومطالبات بالإفراج، إلى محاكمات في قضايا وهمية جديدة أو في القضايا التي اعتقلوا بسببها، لتقنين استمرار اعتقالهم من دون الدخول في حسابات قانونية معقدة، ارتباطا بانتهاء فترة الحبس الاحتياطي المقرر حدها الأقصى بعامين في قانون الإجراءات الجنائية.
وتهدف هذه الظاهرة إلى تخفيف الضغوط الحقوقية الغربية عن النيابة العامة تحديداً، بحيث يتم الادعاء رسميا بأن مصير هؤلاء المعتقلين بات في يد القضاء "المستقل"، فضلاً عن إعلان الاتهامات المزعومة الموجهة إليهم في وسائل الإعلام كحقائق أثبتتها التحقيقات التي أجرتها النيابة.
كما تهدف هذه الظاهرة إلى التهرب المبكر من التعهدات، التي قطعها النظام على نفسه من خلال الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أطلقها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي الشهر الماضي، بإعادة النظر تشريعيا وتنفيذيا في نظام الحبس الاحتياطي بحيث يتم وضع عدد من القيود على إطلاق المدد في قضايا ووقائع مختلفة، والتوسع في استبدال الحبس بعدد من التدابير الاحترازية الجديدة، بما في ذلك التفكير في استيراد نظام الإسوارة الإلكترونية التي يمكن من خلالها تتبع حركة المتهم ومنعه من مغادرة منطقة معينة.
وستُنظر هذه القضايا أمام محاكم أمن الدولة طوارئ لتصدر فيها أحكام نهائية غير قابلة للطعن أو الاستئناف، ما يكفل تقنين إبقاء جميعهم في محبسهم فترة غير معروفة، مع رفض الوساطات التي تبذلها شخصيات سياسية وإعلامية للإفراج عنهم، وذلك بعد ترويج وعود عدة في الأشهر الماضية بإخلاء سبيلهم.