استمع إلى الملخص
- الصراع والتحصينات العسكرية على طول الطريق، بما في ذلك زراعة الألغام وإقامة المتاريس، أدت إلى تعقيد الوضع وجعلت من المنطقة ساحة للمعارك.
- الأمل يتجدد بإعلان الحوثيين موافقتهم على فتح الطريق، مما قد يسهم في تخفيف معاناة المواطنين وتحسين الوضع الإنساني والاقتصادي في المدينة.
يترقب ثلاثة ملايين مواطن في مدينة تعز اليمنية، بعد موافقة الحوثيين على فتح طريق تعز ــ الحوبان الجمعة الماضي، عبور أول سيارة عبر الطريق الواصل بين وسط المدينة، الواقع تحت سيطرة الحكومة، ومنطقة الحوبان الواقعة شمال شرقي المدينة بعد تسع سنوات من إغلاقها، واضطرار المواطنين لعبور طرق بديلة تمتد لساعات بدلاً من عشر دقائق تفصل بين المنطقتين.
وعادت الآمال بفتح الطريق بعدما أعلن الحوثيون يوم الجمعة الماضي القبول بأن يتم فتح طريق تعز ــ الحوبان بعد تسع سنوات من إغلاقها، على الرغم من المطالبات المتكررة بفتحها لتخفيف الأعباء المفروضة على المواطنين الذين يلجأون إلى عبور طريق التفافي عبر منطقة الأقروض (جنوب تعز) ومن ثم الدمنة (جنوب شرق تعز) وصولاً إلى الحوبان شمالاً، في سفر يستغرق أربع ساعات لقطع المسافة التي كان يتم قطعها خلال عشر دقائق.
محمد المحمودي: الطرفان يعملان لفتح طريق القصر - الكمب خلال اليومين القادمين
وبعد تسع سنوات من الإغلاق تغيرت الكثير من ملامح المدينة. فعلى امتداد شارع القصر الجمهوري الذي يقسم مدينة تعز إلى نصفين، يتقاسم السيطرة عليهما الحكومة وجماعة الحوثيين، نمت أشجار وسط الشارع الذي لم تطأه سوى أقدام المقاتلين.
زراعة الألغام
وحول هذه الأشجار سعى المتقاتلون لزراعة الألغام التي نسفت أحلام السكان، وباعدت بين أسفارهم، لتعلن أن الطريق الذي كان يسلكه الراكب خلال عشر دقائق بات عليه أن يسلك طريقاً آخر في أربع ساعات. ولم يكتف المتقاتلون بذلك، بل نصبوا المتاريس التي تترصد بالطرف الآخر. وعلى مقربة من هذه المتاريس وحولها شق المسلحون الحوثيون أنفاقاً التوائية في جميع الجهات تمهيداً لمعارك لا تنتهي. وظلت هذه المنطقة عصية على الاختراق من قبل الطرفين خلال سنوات الحرب. فجغرافياً المنطقة تمنح أفضلية عسكرية لمسلحي جماعة الحوثيين، إذ إن نقطة التماس العسكرية بين الطرفين تشرف عليها تباب ومواقع عسكرية تحت سيطرة الحوثيين، أبرزها تبة السلال وتبة سوفتيل ومعسكر الأمن المركزي، وهي مواقع أعاقت تقدم الجيش الوطني.
في المقابل، سعت القوات الحكومية لمنع حدوث أي اختراق للحوثيين، حيث تم تأمين المنطقة وزراعة ألغام دفاعية، مع المحاولة بين الحين والآخر للتقدم عسكرياً. وفي هذه الجبهة بالتحديد خسر الجيش الوطني مئات المقاتلين خلال محاولات التقدم فيها. ويعد إغلاق هذا الطريق السبب الرئيس في حصار مدينة تعز، حيث زاد من معاناة المواطنين، خصوصاً المرضى وكبار السن، الذين وجدوا صعوبة بالانتقال من وسط المدينة إلى شمالها. حجم المعاناة التي فرضها إغلاق الطريق يكشف عن سبب الفرحة التي عاشها أبناء تعز مع الإعلان عن فتح طريق تعز ــ الحوبان، إذ بادر المواطنون للذهاب إلى المنطقة لمعاينة الاستعدادات لفتح الطريق.
نزع الألغام بهدف فتح طريق تعز ــ الحوبان
"العربي الجديد" قام بجولة للاطلاع على تجهيزات فتح طريق تعز ــ الحوبان من الجانب الواقع تحت سيطرة الحكومة. فمع إعلان جماعة الحوثيين الجمعة الماضي قبولها فتح الطريق، باشرت القوات الحكومية برفع الحواجز الترابية وبعض المتاريس، كما عمدت فرق متخصصة إلى نزع الألغام ليكون الطريق سالكاً من جهتها.
في المقابل، لا تزال جماعة الحوثيين، التي وافقت على فتح طريق تعز ــ الحوبان تقوم برفع الحواجز ونزع الألغام في الطرف المقابل. وكشفت فرق نزع الألغام عن استخدام الحوثيين لألغام خاصة على شكل أحجار كانت قامت بزراعتها. كما حفر الحوثيون أنفاق وخنادق بطول عشرات الأمتار على جوانب الطريق.
فتح الطريق خلال يومين
اللواء محمد المحمودي، عضو لجنة فتح الطرقات التابعة للحكومة الشرعية، قال، لـ"العربي الجديد"، إن الطرفين يعملان ليل نهار على تسهيل فتح طريق القصر - الكمب.
أحمد الرميمة: إغلاق الطرقات من وإلى مدينة تعز أضر بحياتنا
وأضاف المحمودي أن تغير الحوثيين المفاجئ بشأن فتح طريق تعز ــ الحوبان "قد يكون بسبب ضغوط دولية أو القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة الشرعية". وتابع: "الحوثي فاجأ الجميع بهذا التغير، ونتمنى أن يستمر في هذه الرؤية لفتح جميع طرقات تعز، وسنراقب الأمور. وإذا تم فتح الطريق الأول سيتم مناقشة فتح طريق آخر، والمرشح أن يكون طريق عصيفرة - الستين - مفرق شرعب (شمال وغرب المدينة)، أو مصنع السمن الصابون - المطار القديم (غرب المدينة)".
وقال المواطن منير الصلوي، لـ"العربي الجديد": "استبشرنا خيراً بقرار فتح طريق تعز ــ الحوبان، لأن ذلك سيخفف الكثير من معاناتنا. أنا أملك منجرة (محل لصناعة المفروشات) في منطقة الحوبان، وقبل إغلاق الطرقات كنت أخرج يومياً للمحل خلال عشر دقائق، وبعد إغلاقه أصبحت أخرج بشكل أسبوعي عبر طريق الأقروض (جنوب تعز) الالتفافي، ونقطع المسافة التي كنا نقطعها في عشر دقائق خلال أربع ساعات، والذهاب والعودة يكلفني 20 ألف ريال (الدولار يساوي 1760 ريالاً). وفتح الطريق سيخفّف علينا الجهد والمال وسيسهل حياتنا".
من جهته، قال المواطن عمار الجعفري، لـ"العربي الجديد"، إنه "طوال تسع سنوات والحوثيون يرفضون فتح الطرقات. وقبل أشهر أعلنت الحكومة فتح طريق الحوبان من جانبها، والحوثيون رفضوا هذا الأمر. وحالياً هم من بادروا إلى فتح طريق تعز ــ الحوبان تحت ضغط القرارات الاقتصادية للبنك المركزي بوقف التعامل مع البنوك التي رفضت نقل مقراتها إلى عدن، لأن هذا حرمها من مورد مالي عام يتمثل بالحوالات المالية".
واعتبر الجعفري أن رضوخ الحوثيين، وموافقتهم على فتح طريق تعز ــ الحوبان، "يؤكد أنه يمكن للشرعية أن تهزم الحوثيين بدون حرب عسكرية. فالشرعية لديها أوراق قوة يمكن أن تستخدمها. وبعد القرارات الاقتصادية أصبح فتح الطرقات من مصلحة الحوثيين أنفسهم، ليسهل لهم الدخول إلى المدينة واستلام الحوالات. لم يتخذوا هذه الخطوة من أجل الصالح العام، فالكل يعرف أنهم من يحاصرون تعز ويغلقون الطرقات".
أما أحمد الرميمة، الذي يقيم في الحوبان، فاعتبر في حديث مع "العربي الجديد"، أن أكثر من تسع سنوات من إغلاق الطرقات من وإلى مدينة تعز، :أضرت ومست حياتنا بشكل مباشر، وأدت إلى تدهور كارثي في مختلف جوانب حياتنا لاسيما الجانب الإنساني والخدماتي". وأضاف: "واجهنا تحديات وصعوبات جسيمة على طرقات جبلية وعرة للانتقال من وإلى مدينة تعز لزيارة عوائلنا والقيام بأعمالنا من أجل توفير لقمة العيش لنا ولأطفالنا".
وتابع الرميمة: "واجهنا خلال السفر العديد من الحوادث، البعض منها كاد يأخذ حياتنا. ولا ننسى المأساة التي واجهت مرضانا عند الانتقال عبر تلك السلاسل الجبلية الخطيرة لغرض زيارة الأطباء. رسالتي للحوثيين والشرعية هي الانتقال إلى مفاوضات جدية وحقيقية، وتشكيل لجان مشتركة لغرض التفاوض وتقديم ضمانات لفتح بقية الطرقات للمساهمة في التخفيف من معاناة الناس، وتسهيل مرور السلع والخدمات إلى الناس".