أعادت الضربات الأميركية البريطانية على اليمن، فجر اليوم الجمعة، حالة القلق لدى السكان من دخول مرحلة جديدة من الحرب، في وقت كانت الحرب اليمنية المستمرة منذ تسع سنوات تسير إلى تسوية سياسية.
ودوت أربعة انفجارات عنيفة في العاصمة اليمنية صنعاء، مستهدفة قاعدة الديلمي الجوية التي تقع بالقرب من مطار صنعاء الدولي، ضمن ضربات جوية استهدفت أربع محافظات يمنية أخرى هي الحديدة، وتعز، وصعدة، وحجة.
لكن الضربات الجوية لم تؤثر على حياة الناس اليومية، حيث بدت الشوارع اليوم مزدحمة بالسكان كعادتها، فيما شهدت العاصمة تظاهرة جديدة حاشدة اليوم، نظمها الحوثيون وشارك فيها الآلاف للتنديد بالضربات والعدوان المستمر على قطاع غزة.
وقال علي حسين لـ "العربي الجديد": "ربما تعودنا خلال السنوات الماضية على أصوات الانفجارات، لكننا نخشى أن تستمر هذه الضربات خلال الأيام المقبلة حيث ستوثر على حياتنا بشكل مباشر".
وأضاف: "أعادت لنا الضربات الأميركية البريطانية حالة الفزع التي عشناها في السنوات الأولى من الحرب في اليمن، مع بدء تدخل التحالف العربي، وقبل أن نعيش حالة هدوء منذ إبريل/نيسان 2022".
وكانت صنعاء الأقل تعرضا للضربات الجوية التي استهدفت اليمن، حيث قال نائب رئيس التوجيه المعنوي عبد الله بن عامر في منشور على منصة "إكس": "كانت الغارات العدوانية البريطانية والأميركية الأعنف على محافظتي صعدة والحديدة ثم تعز ثم حجة ثم صنعاء".
وأصدرت الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة و8 دول أخرى بيانا مشتركا، الجمعة، بشأن الضربات ضد أهداف جماعة الحوثي في اليمن. وقال البيان إن الضربات "تهدف إلى تعطيل وتقليل القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد التجارة العالمية وحياة البحارة في أهم الممرات المائية في العالم".
في المقابل، قال المتحدث العسكري لجماعة الحوثي يحيى سريع إن "العدو الأميركي البريطاني شن عدواناً غاشماً على الوطن بـ73 غارة استهدفت العاصمة صنعاء ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، أدت إلى استشهاد 5 وإصابة 6 آخرين"، مؤكدا أنها لن تمر من دون رد ومن دون عقاب.
ووصف المجلس السياسي للحوثيين (مجلس الحكم) الضربات بأنها "اعتداء أميركي بريطاني غادر وسافر، وعدوان غير مشروع ولا مبرر ومخالف لكل القوانين الدولية".
وقال في بيان نشرته وكالة "سبأ" -النسخة الحوثية- إن "هذا الاعتداء هو المهدد الحقيقي للسلام والأمن الدوليين، كما أنه يعرض المنطقة لمخاطر حقيقية يتحمل تبعاتها الأميركي والبريطاني والصهيوني".
وأضاف المجلس أن "الرد اليمني مشروع في إطار الدفاع المقدس عن اليمن وسيادته واستقلاله وحرية قراره، وعلى الأميركي والبريطاني عدم الاعتقاد أنهما سيفلتان من العقاب"، مشيرا إلى "أن كل المصالح الأميركية والبريطانية أصبحت أهدافا مشروعة للقوات المسلحة اليمنية ردا على عدوانهم المباشر والمعلن"، مؤكدا استمرار الإجراءات في البحر الأحمر وباب المندب بمنع مرور السفن الإسرائيلية أو التي تحمل بضائع للموانئ الفلسطينية المحتلة مهما كان الثمن".
إجماع على رفض العدوان على اليمن
ويتفق اليمنيون على أن الهجوم الأميركي البريطاني هو عدوان على سيادة البلاد، ورغم الصراع الذي تشهده البلاد منذ تسع سنوات، بين جماعة الحوثي المدعومة من إيران والقوات الحكومية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية، ورغم غياب التقدير لتداعيات بدء الضربات الأميركية البريطانية في اليمن، إلا أن مشاعر اليمنيين المساندة للقضية الفلسطينية تجمع على أن الاعتداء هو مساندة للاحتلال الإسرائيلي وتغطية على جرائم الإبادة التي يرتكبها في قطاع غزة.
ويعتقد منصور الخولاني، أحد سكان صنعاء، أنه "لا يمكن القبول بأي اعتداء على أراضينا من قبل أميركا وبريطانيا، رغم خلافنا مع الحوثيين، والتحشيد الأميركي البريطاني مرفوض، لأنهم يغطون على جرائم الاحتلال الصهيوني بمبرر تأمين الملاحة".
وأضاف الخولاني لـ"العربي الجديد": "موقف الحوثيين في البحر الأحمر واستهداف السُفن الإسرائيلية ربما يعبران عن مشاعر جميع اليمنيين، باختلاف توجهاتهم السياسية، لذا لا يمكن أن يكون هناك أي ترحيب بهذه الضربات حتى من أولئك المتضررين من الحوثيين".
زخم شعبي للتظاهرات
وفي وقت لا يعرف ما إذا كانت الهجمات الأميركية البريطانية ستستمر على اليمن، في ظل تأكيدات من جماعة الحوثيين بمشروعية الرد عليها، وحالة الرفض الدولية لتوسعة الصراع في المنطقة والعمل على منع ذلك منذ بدء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، إلا أن ذلك لم يمنع اليمنيين في صنعاء من تكثيف الزخم والاحتشاد الأسبوعي في ميدان السبعين، تحديداً اليوم الجمعة، مناصرة لقطاع غزة وتنديدا بجريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الفلسطينيين للشهر الرابع على التوالي..
وقال الناشط الحوثي عبد الله جحاف إن "الهجمات ستزيد من احتشاد الناس في ميدان السبعين، وستزيد من توحد اليمنيين لمواجهة العدوان الأميركي البريطاني، ولن نخسر أكثر مما خسرناه خلال السنوات الماضية"، مضيفا لـ"العربي الجديد" أن الغارات "استهدفت نفس المواقع التي جرى قصفها منذ تسع سنوات مع بداية تحالف السعودية والامارات، ولن تزيدنا إلا إصراراً على مساندة إخواننا في غزة، حتى يتم إنهاء العدوان".