اليمن: هكذا بدت صنعاء بعد العدوان الإسرائيلي على الحديدة

21 يوليو 2024
حريق في منشأة لتخزين النفط إثر الغارات الإسرائيلية على الحديدة، 20 يوليو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تداعيات العدوان الإسرائيلي على صنعاء**: شهدت صنعاء توتراً بعد غارات إسرائيلية استهدفت مخازن النفط في ميناء الحديدة، مما أدى إلى نقص في الوقود وأزمة مرورية. رغم تأكيد شركة النفط استقرار الوضع، إلا أن الخوف من أزمة نفطية كان واضحاً.

- **ردود الفعل الشعبية والرسمية**: تجمعات غاضبة في صنعاء نددت بالعدوان الإسرائيلي، مما أسفر عن استشهاد ثلاثة وجرح 87. الحكومة اليمنية وحزب الإصلاح أدانا العدوان ودعوا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته.

- **تحليلات وتوقعات مستقبلية**: الباحثون يتوقعون استمرار التوتر في البحر الأحمر، مع استغلال الحوثيين للضربات الإسرائيلية للتحشيد والتجنيد، واستمرار هجماتهم ضد السفن المرتبطة بإسرائيل أو الغرب.

عاشت العاصمة اليمنية صنعاء حالة من التوتر والغضب عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مخازن المشتقات النفطية في ميناء الحديدة غربي اليمن، مساء السبت، بسلسلة غارات جوية في أكبر هجوم يستهدف المدينة منذ بدء الهجمات على السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر.

وخلقت الغارات حالة هلع لدى السكان من نقص الوقود، حيث هرعوا للتزود بالبنزين، ما تسبب بأزمة مرورية نتيجة الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود في العاصمة صنعاء، وقال سكان محليون، لـ"العربي الجديد"، إن "محطات البنزين أغلقت أمام المركبات، ما تسبب بهلع وازدحام في المحطات المفتوحة".

وبعد ساعات، أعلنت شركة النفط في صنعاء أن "الوضع التمويني في الحديدة وبقية المحافظات مستقر تماماً ولا يوجد أي مبرر للضغط على محطات الوقود". وأوضحت في بلاغ مقتضب أن الشركة "سبق أن قامت باتخاذ الإجراءات والاحتياطات لأي طارئ".

محمد مصطفى (35 سنة) يعمل على باص أجرة بصنعاء، تزود بالبنزين خوفاً من أزمة في المشتقات النفطية، وقال: "أنا خائف من حدوث أزمة في المشتقات النفطية كما كان يحدث معنا خلال السنوات الماضية من الحرب، لأن العمل في الباص هو مصدر أسرتي في العيش". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد": "العدوان الإسرائيلي جبان وبلا أخلاق، استهدف معيشتنا فقط لخلق أزمة جديدة، كما يفعل بإخواننا في غزة منذ أشهر، لسنا في وضع معيشي جيد لكن العدوان على بلادنا يثير الغضب".

وشهدت أحياء العاصمة تجمعات غاضبة، حيث تجمع حشود من المواطنين، نددوا بالعدوان الإسرائيلي الذي استهدف ميناء الحديدة، وهتفوا ضد الاحتلال الإسرائيلي ومساندةً للشعب للفلسطيني. ورفع المحتجون الأعلام الفلسطينية، وتجمعوا بجوار مجسم فلسطين وسط العاصمة صنعاء، وهتفوا بمساندة الرد وقصف تل أبيب.

وأسفرت الغارات عن استشهاد ثلاثة أشخاص وجرح 87 آخرين وفق إحصائية أولية، بحسب ما أعلن رئيس مستشفى الثورة في الحديدة خالد سهيل، في تصريح نقلته فضائية المسيرة التابعة لجماعة الحوثي.

ويعتقد اليمنيون على نطاق واسع أن مساندة غزة واجب أخلاقي، رغم أن ذلك يمكن أن يلحق الضرر بالبلاد، بسبب وحشية العدوان، وقال منصور الخولاني: "ندرك حجم جريمة الاحتلال الإسرائيلي، لكننا لا نستطيع أن نغض الطرف عن جرائم الإبادة في غزة، رغم اختلافنا مع سياسة الحوثيين بصفتها سلطة أمر واقع".

واعتبر في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الغارات التي استهدفت ميناء الحديدة موجعة لوجداننا كوننا يمنيين، لكنا لن نخسر أكثر مما خسرناه خلال سنوات الحرب الماضية، والأزمة المستمرة على المستوى المعيشي ولن يتغير شيء".

 

إجماع على إدانة العدوان الإسرائيلي على الحديدة

ورغم استمرار حالة النزاع والحرب بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً منذ نحو عشر سنوات، فإن الموقف من العدوان الإسرائيلي على الحديدة بدا متفقاً عليه بأنه عدواناً على سيادة الأراضي اليمنية وانتهاكاً لها.  

وأدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية (المعترف بها دولياً) "بأشد العبارات، عدوان الكيان الصهيوني، وانتهاكه سيادة الأراضي اليمنية"، واعتبره "مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية"، وفق ما نقلت وكالة "سبأ" الرسمية. وحمّل المصدر "الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراته الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية، ودعا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهما من أجل حماية الأمن والسلم الدوليين.

وجددت الحكومة اليمنية موقفها الثابت والداعم للشعب الفلسطيني، ودعت المجتمع الدولي لاتخاذ كافة الخطوات اللازمة لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي أول موقف لحزب الإصلاح اليمني، قال نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب عدنان العديني، في تدوينة على منصة "إكس": "كيان الاحتلال الصهيوني كعادته يستهدف المنشآت المدنية في كل اعتداءاته (...)، ولن يقبل اليمنيون بأي اعتداء إسرائيلي على أي جزء من جغرافيا اليمن".

وقال الكاتب الصحافي اليمني سامي غالب: "ردت إسرائيل اليوم في الحديدة بضرب منشآت ترتبط بحياة الناس، وهذا متوقع، فإسرائيل تحارب في غزة منذ تسعة أشهر لاستعادة الردع، عبثا. وهي ضربت في الحديدة متوسلة تحقيق الهدف ذاته؛ استعادة الردع". وأضاف في منشور في صفحته على موقع فيسبوك: "نعرف ان هذا الهدف الاسرائيلي غير قابل للتحقق، لا في غزة ولا في جنوب لبنان ولا في شمال اليمن، والمنتظر الآن تصعيد في أكثر من موقع، شمال فلسطين ومن الجنوب والشرق".

  

 

"هجمات جماعة الحوثيين ستستمر"

ورأى الباحث اليمني في الشؤون الخليجية الإيرانية عدنان هاشم أن الوضع في البحر الأحمر "سيبقى على حاله، وسيستخدم الحوثيون الضربات الإسرائيلية للتحشيد والمزيد من التجنيد في صفوفه، وتجديد مشروعية ضرباته البحرية التي تستهدف الملاحة".

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" "أن جماعة الحوثي ستستمر في استخدام هجمات البحر الأحمر رافعةً سياسيةً في أي تفاوض مع الحكومة المعترف بها دولياً"، لافتاً إلى "أن التصعيد في المنطقة يتوسع لكنه لن يصل إلى حرب أكبر، وسيبقى الأمر في حدود قواعد اشتباك توجيه الرسائل".

وقال: "منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تقول الولايات المتحدة إنها تسعى إلى منع توسع الحرب خارج قطاع غزة، لكنها لا تفعل الكثير من أجل ذلك، ووجود قواتها في البحر الأحمر يشعل المنطقة ويرهق الأمن الدولي أكثر، والضربات التي تنفذها داخل اليمن ليست شرعية، فقرار مجلس الأمن لا يفوضها بشن الضربات الجوية".

من جانبه، قال الباحث العسكري علي الذهب: "إن الغارات على الحديدة استجابة إسرائيلية نتيجة الهجوم الذي استهدف تل أبيب أو باعتبار الحوثيين إحدى أذرع إيران، في تهديد مصالح إسرائيل في المنطقة عبر الهجمات في البحر الأحمر، واستهداف مدينة إيلات جنوبي فلسطين المحتلة".

وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن "الغارات موجعة اقتصادياً مقارنة بالضربات التي نفذها التحالف العربي خلال السنوات الماضية، أو حتى القوات الأميركية والبريطانية خلال الأشهر الماضية، رداً على ما تتعرض له السفن التجارية".

ورأى الذهب "أن الهجمة الإسرائيلية كانت متوقعة، وكان الحوثيون ينتظرونها لاستغلالها سياسياً، وتوظيفها في إطار قضايا إقليمية فضلاً عن المحلية"، لافتاً إلى أن "الحوثيين سيضاعفون هجماتهم في البحر الأحمر ضد السفن المرتبطة بإسرائيل أو الغرب بشكل عام، وسيشنون هجمات على جنوب فلسطين المحتلة، وربما تكون بالتعاون مع أذرع إيران الأخرى في المنطقة".

المساهمون