تستمر جولات جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي، لإقرار القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، لليوم الثالث على التوالي في جنيف السويسرية، وسط شدّ وجذب بين الأعضاء وعدم تقارب في الرؤى حول النقاط الخلافية في القاعدة الدستورية.
وكشفت مصادر مقربة من ملتقى الحوار السياسي لــ"العربي الجديد"، أن البعثة الأممية التي تشرف على أعمال الملتقى تستعد لإعلان آلية التصويت كمخرج أخير من حالة الخلافات التي تصاعدت بين الأعضاء.
ورغم اتسام جلسات اللجنة الاستشارية للملتقى بالإيجابية خلال اجتماعها الأخير من الخميس الماضي، وحتى السبت، إلا أن المصادر أشارت إلى أن الخلافات تصاعدت كثيراً بين الأعضاء، لحد مطالبة بعضهم البعثة الأممية بــ"حل الملتقى واختيار بديل له"، فيما وصف أعضاء آخرون الملتقى بأنه "ليست له علاقة بالمسار الدستوري" بسبب عمق الاختلافات وتلويح بعض الأعضاء بعدم القبول بنتائج الانتخابات، إذا عُقدَت وفقاً للقاعدة الدستورية محل النقاش.
لكن المصادر ذاتها أشارت إلى عزم البعثة الأممية على اقتراح الذهاب إلى آلية التصويت على المقترحات التي صاغتها اللجنة الاستشارية، موضحة أن الخلافات تنحصر في مسألة انتخابات الرئيس بالاقتراع السري من قبل الشعب أو من خلال الهيئة التشريعية الجديدة، كذلك فإن الأخيرة أيضاً محل خلاف في أن تكون من غرفة واحدة أو من غرفتين مكونتين من مجلس للنواب ومجلس للشيوخ، على أن تكون مدينة بنغازي مقراً للأول، فيما يطالب بعض الأعضاء بأن تكون مدينة سبها مقراً للثاني، على اعتبار أن الحكومة سيكون مقرها الرئيسي في العاصمة طرابلس.
وتتضمن النقاط الخلافية أيضاً قضية انتخابات الرئيس من خلال آلية القوائم (رئيس ونائبه ورئيس للحكومة موزعين على أقاليم ليبيا الثلاثة) أو من خلال الترشح الفردي.
لكن المصادر أشارت إلى توافق قريب داخل الملتقى حول السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين بالترشح للانتخابات الرئاسية، شرط ألا يكون المترشح مُداناً بحكم قضائي نهائي، إذ يُعَدّ حال فوزه مستقيلاً من منصبه العسكري ومتنازلاً عن جنسيته الأجنبية.
وتحدثت المصادر أيضاً عن عزم البعثة الأممية على اقتراح تشكيل لجنة من أعضاء الملتقى للتواصل مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، بشأن إقرار القاعدة الدستورية وتضمينها في الإعلان الدستوري و"إمهالهما أسبوعين كفرصة أخيرة، وإلا فسترجع الصلاحية للملتقى لإقرارها ونقلها إلى حيّز النفاذ".
وفي افتتاح جلسات ملتقى الحوار السياسي، أكد المبعوث الأممي يان كوبيتش في كلمته، لأعضاء الملتقى أنه "لا مجال لمغادرة جنيف دون الوصول إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية".
ونشرت البعثة الأممية ليلة الثلاثاء بياناً حثت فيه الأطراف الليبية الفاعلة، بمن فيها أعضاء ملتقى الحوار السياسي، على العمل على إقرار القاعدة الدستورية.
وقالت البعثة إن رئيسها كوبيتش بحث مع ممثلي سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة لدى ليبيا، التقدم المحرز حتى الآن في تنفيذ خريطة الطريق، تماشياً مع خلاصات مؤتمر برلين الثاني وقرارات مجلس الأمن بشأن ضرورة إقرار القاعدة الدستورية "في أسرع وقت ممكن لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل".
وأشار بيان البعثة إلى أن مشاورات كوبيتش مع ممثلي هذه الدول جاءت في سياق الاجتماع الجاري لملتقى الحوار السياسي، مؤكداً ضرورة امتثال جميع الجهات الفاعلة والمؤسسات ذات الصلة في ليبيا لقرارات مجلس الأمن و"تيسير إقرار القاعدة الدستورية وسنّ الإطار القانوني للتمكين من إجراء الانتخابات الوطنية في موعدها المقرر".