استمع إلى الملخص
- تزامنت الأحداث مع غضب القبائل البشتونية بعد مقتل الناشط والشاعر القبلي "كيله من"، واتهم زعيم حركة الدفاع عن البشتون الاستخبارات الباكستانية بقتله.
- أدان الرئيس الباكستاني ورئيس الوزراء الهجومين، وشهدت المنطقة احتجاجات من القبائل بعد إطلاق الجيش النار على المدنيين، مما زاد من حدة التوتر.
قُتل عشرة من عناصر الجيش الباكستاني على الأقل وعدد من المدنيين في هجومين كبيرين شهدهما شمال غرب باكستان خلال الـ24 ساعة الماضية، وتبنت حركة "طالبان باكستان" أحد الهجومين، معلنة مقتل وإصابة عشرات من ضباط وجنود الجيش. بينما أعلن أحد فروع "طالبان باكستان"، وهو فرع "مولوي كل بهادر"، أن أحد الهجومين أدى إلى مقتل أكثر من 50 من ضباط وعناصر الجيش، وتؤكد قبائل المنطقة أن عدداً من القبليين قتلوا أو أصيبوا خلال العملية. وقال الجيش الباكستاني في بيان له، أمس الثلاثاء، إن عدداً من الانتحاريين استهدفوا صباح أمس الثلاثاء المركز الرئيسي للجيش المسمى بـ"بنو جهاوني" في منطقة بنو، شمال غربي باكستان، ما أدى إلى مقتل ثمانية من عناصر الجيش، كما قُتل خلال عملية التطهير عشرة انتحاريين حاولوا التسلل إلى داخل القلعة ومركز الجيش لكن قوات الجيش تصدت لهم.
كما جاء في البيان أن قوات الجيش تمكنت من إفشال العملية بعدما استهدف أحد الانتحاريين الجدار الرئيسي بسيارته المفخخة، وحاول الانتحاريون الآخرون التسلل إلى داخل المقر لكن قوات الجيش حاصرتهم في إحدى الزوايا وقتلتهم، وأضاف البيان أن حركة طالبان باكستان، وتحديداً فرع "المولوي كل بهادر"، هي التي نفذت العملية، موضحاً أن الجيش لن يألو جهداً في الدفاع عن الأرض وعن السيادة.
من جهته، أعلن فرع "المولوي كل بهادر"، والذي يطلق على نفسه اسم "جيش الفرسان"، في بيان، الثلاثاء، أن مسلحين من الحركة نفذوا العملية على المقر الرئيسي للجيش في المنطقة وتمكنوا من الوصول إلى الأهداف داخل المركز، وأضاف البيان أن المسلحين اشتبكوا مع قوات الجيش لأكثر من 20 ساعة، وكانوا على صلة بالقيادة الميدانية ويبلغونها بما يدور داخل المقر، مدعياً أن أكثر من 50 من ضباط الجيش وعناصره قُتلوا خلال العملية، علاوة على إصابة العشرات.
وتحدث شهود عيان وسكان المنطقة لـ"العربي الجديد" حول ما حدث، واصفين الاشتباكات داخل المقر بالعنيفة، وأضافوا أن "المروحيات كانت تحلق فوق المركز في طلعات عديدة". وقال أفضل خان، وهو أحد سكان المنطقة، لـ"العربي الجديد"، إن "الاشتباكات لم تحدث في مكان واحد فقط بل حصلت في جميع أطراف المقر، وأن الإشتباكات العنيفة وقعت بين الطرفين حتى في اليوم التالي، لكن رجال الجيش أغلقوا كل الطرق المؤدية إلى المقر من كل الأطراف، وأمروا سكان المناطق المجاورة بإخلاء منازلهم، حيث تحصنوا داخل المباني الكبيرة والمطلة".
وبعد انتهاء العملية خرج عشرات من القبليين إلى الشوارع وهم يطلقون هتافات، ويؤكد رجال القبائل أنه بعد انتهاء العملية أطلق عناصر الجيش النيران على عامة المواطنين وقتلوا خمسة منهم. وفي مشاهد مصورة نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي قال رجال القبائل إنهم حاولوا أخذ جثث هؤلاء القتلى ونقل الجرحى لكن الجيش لم يسمح لأحد بذلك، حتى رجال الشرطة المحليين مُنعوا من ذلك، ما دفع القبائل للإعلان عن احتجاج شعبي، يوم الجمعة القادم، ضد طريقة تعامل الجيش مع القبليين. وعاد الجيش الباكستاني ليعلن، بعد ظهر الثلاثاء، في بيان ثان، عن هجوم آخر للمسلحين على مركز طبي في منطقة ديره إسماعيل خان، شمال غرب باكستان، ما أدى إلى مقتل اثنين من جنود الجيش وخمسة مواطنين. من جهتهم، دان كل من الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ورئيس الوزراء شهباز شريف الهجومين على قوات الجيش وخسارة أرواح عناصره، مؤكدين أن باكستان تمثل خط النار الأول في الحرب على الإرهاب وعلى المجتمع الدولي أن يساعدها.
غضب في أوساط البشتون في باكستان
وتتزامن هذه الأحداث مع حالة غضب تشهدها أوساط القبائل البشتونية الموجودة على الحدود الأفغانية الباكستانية بسبب مقتل أحد النشطاء في حركة الدفاع عن البشتون، وهو شاعر قبلي مشهور يدعى "كيله من"، في العاصمة إسلام أباد. وتعرض "كيله من"، الذي مكث أشهرا عديدة في سجون الاستخبارات للهجوم في إسلام أباد بسكين، الأسبوع الماضي، ما أدى لمقتله. وشارك في مراسم تشييع الرجل فی شمال وزيرستان، في 12 من الشهر الحالي، الآلاف من رجال القبائل، وقال زعيم حركة الدفاع عن البشتون منظور بشتين، خلال صلاة الجنازة: "نعلن من هنا أن القبائل البشتونية لا يمكن لها العيش مع باكستان إذا استمر الأمر على ما هو عليه الآن"، موضحاً أن "القبائل على طرفي الحدود الأفغانية الباكستانية قبائل واحدة وجميعهم أفغان".
كما أعلن بشتين عن عقد اجتماع قبلي في 11 من شهر أكتوبر/تشرين الأول القادم لوضع خطة مستقبلية، مؤكداً أن "المؤسسات الباكستانية تقتل شبابنا وكل رجال القبائل الذين لهم أثر، من هنا نحن سنقرر مصيرنا بأنفسنا"، متهماً الاستبخارات الباكستانية بقتل الشاعر "كيله من". وكانت طالبان باكستان قد دانت بشدة، في بيان، مقتل الناشط والشاعر، مؤكدة أن الاستخبارات الباكستانية والجيش يقتلان رموز القبائل من علماء الدين والشعراء والنشطاء، وأن هذا لن يكون في صالحهم، موضحة أن ذنب الشاعر الوطني كان فقط أنه كان يرفع صوته من أجل حقوق القبائل.