بينما تطالب قوى سياسية مصرية بضمانات محددة للانتخابات الرئاسية المقبلة، يستمر "الحوار الوطني" في عقد جلسات، تعتبر شخصيات معارضة أنها تجنبت النقاش في القضايا السياسية المهمة، وتجاهلت إنهاء ملف الحريات والمحبوسين احتياطياً.
وأعلن النائب السابق أحمد الطنطاوي، وهو المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، أنه سلم الهيئة الوطنية للانتخابات، عبر وكيله، "قائمة أولى لضمان إجراء انتخابات رئاسية تليق بمصر والمصريين، تستوفي المعايير المقبولة والمتعارف عليها على مؤشر الشفافية والنزاهة".
وفي السياق ذاته، تعقد الحركة المدنية الديمقراطية في مصر اجتماعاً غداً السبت، لـ"مناقشة" ما وصل إليه "الحوار الوطني"، الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في إبريل/نيسان 2022، و"طلب ضمانات محددة بخصوص الانتخابات الرئاسية المقبلة"، وذلك بحسب ما أكدته مصادر داخل الحركة.
انحراف الحوار الوطني في مصر عن فكرته الأساسية
ويأتي اجتماع الحركة في ظل انتقادات طاولت "الحوار"، ورأت أنه "انحرف عن فكرته الأساسية، وهي كونه حواراً حول قضايا سياسية بالأساس، وتحوله إلى مجرد ندوات كلامية حول قضايا اجتماعية كالتعليم والأسرة"، وذلك بحسب ما قاله أعضاء من داخل الحركة لـ"العربي الجديد".
محمد أنور السادات: من السابق لأوانه الحكم على نتائج الحوار
النائب السابق محمد أنور السادات، وهو رئيس حزب الإصلاح والتنمية، رأى في حديث لـ"العربي الجديد" أنه "علينا الانتظار أكثر إلى حين صدور توصيات الحوار الوطني، حيث هناك بوادر لانتهاء جلسات الحوار".
وقال إنه "من خلال المتابعة وقراءة ما يحدث داخل أروقة جلسات الحوار، فإن الدولة وأجهزتها نجحت في أن تخلق حالة، وتعطي صورة إيجابية للرأي العام داخلياً وخارجياً، خصوصاً بأنها تدير حواراً وطنياً مسموح للكل فيه أن يدلي برأيه، ويتحدث على غير العادة خلال السنوات الماضية، وذلك ما نجحوا في تصديره إلى العالم الخارجي بالذات".
وفي الوقت ذاته، اعترف السادات بأن "الكثيرين في الداخل المصري غير مقتنعين بالحوار، ولديهم صورة بأنه سينتهي إلى لا شيء، لكن انطباعات مما يكتب ومنْ ألتقيهم من مراقبين دوليين تشير إلى أن الحوار خلق حالة من الحراك". وأضاف أنه "في جميع الأحوال، كلنا نترقب التوصيات التي يجرى إعدادها، والاهتمام الأول في الشق السياسي منها، والحقوق والحريات"، لافتاً إلى أنه "لا يوجد شيء واضح، ولا نظام انتخابي، وموضوع حرية الرأي والتعبير والحبس الاحتياطي أمور معلقة".
وحول النتائج المرجوة من الحوار، أكد السادات أنه "من السابق لأوانه الحكم على نتائج الحوار، سواء هل أسفر عن النتائج المأمولة والتي نطمح إليها من خلاله أم لا".
وقال إنه "لا بد في نهاية الجلسات، التي من المنتظر أن يحضرها الرئيس السيسي، أن يقدم شيئاً، وأن يستجيب لبعض التوصيات التي طلبتها المعارضة، لكي يكون قد قدم شيئاً للناس والمعارضة، وتبدأ الأصوات تتعالى بشكره وتهنئته، وأن يصحب ذلك الإفراج عن بعض المعتقلين احتياطياً، أو عفو رئاسي، لتصبح هذه الإجراءات بداية حملته الانتخابية. وهذه مسألة أنا أتوقعها، وننتظر أن يعلنها بنفسه في حضور الجلسات العامة، في ظل أن الكل مشغول أكثر في موضوع الانتخابات الرئاسية بالسؤال عن من المرشحين، والضوابط والضمانات".
اجتماع للحركة المدنية الديمقراطية غداً
وحول وضع "الحوار الوطني" ومخرجاته، كشف علاء الخيام، الرئيس السابق لحزب الدستور وعضو الحركة المدنية الديمقراطية، لـ"العربي الجديد"، عن "اجتماع نهائي للحركة المدنية يوم السبت المقبل، لاتخاذ قرار نهائي في موضوع الحوار الوطني وما تم فيه خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً مع تراجع السلطة عن الإفراج عن المعتقلين، بالإضافة إلى دراسة الضمانات الانتخابية في انتخابات الرئاسة المقبلة، في ظل عدم وجود جدية في إعطاء الضمانات اللازمة أو تنفيذها، مع أنها أمر طبيعي في كل الدول، إلا أننا في مصر نطلبها".
وأوضح الخيام أن "الحوار الوطني، منذ بدايته، خرج عن سياقه المتفق عليه بين السلطة والحركة المدنية في بيان 8 مايو/أيار (الماضي)، وهو أن يكون حواراً جاداً بين السلطة والمعارضة، وفي نقاط محددة وواضحة، وتوصيات تخرج خلال 3 أشهر إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ قرارات مناسبة بخصوصها".
علاء الخيام: النظام طرح فكرة الحوار لإشغال القوى السياسية عن الهدف الأساسي من معارضته
وأضاف: "الاتفاق كان على الحضور بثلث من المعارضة ممثلة بالحركة المدنية، والثلث الثاني للمثقفين، والثالث للدولة، وللأسف لم يحصل ذلك، وكان الاتفاق أن تُبث الجلسات بشكل مباشر للجمهور، ولكن لم يحصل هذا أيضاً". وتابع الخيام: "فوجئنا ببيانات وهمية تتكلم باسم المعارضة وتحول الحوار الوطني إلى مكلمة، ومحاولات لظهور بعض الأشخاص البعيدين عن القضايا السياسية والوطنية المهمة من دون طرح حلول، وبالتالي خرج عن سياقه، وهذا سبب عدم اشتراك عدد كبير من القوى السياسية والشخصيات العامة ذات الثقل في الحوار".
واعتبر الخيام أن "فكرة الحوار طرحها النظام لإشغال القوى السياسية عن الهدف الأساسي من معارضة النظام، وهو نجح في ذلك فعلاً، وفوجئنا بأن الانتخابات الرئاسية على الأبواب، والمعارضة غير جاهزة حتى الآن، وغير متوقع أن تطرح مرشحاً رئاسياً أو تطرح ضمانات لعملية الانتخابات".
وتعليقاً على ذلك، قال البرلماني السابق باسل عادل، مؤسس ورئيس ما يعرف بـ"كتلة الحوار"، التي أعلن عنها خلال فعاليات "المؤتمر الوطني للشباب" في 14 يونيو/حزيران الماضي بحضور السيسي، لـ"العربي الجديد"، إن "الحوار الوطني ستكون له مخرجات وتوصيات تدعو للتفاؤل".
وأضاف: "بالقطع، فهو حجر في مياه راكدة، أما مسألة ضمانات انتخابات الرئاسة، فأنا لا أفهم كيف ستكون الضمانات سوى القانون والقواعد المنظمة وضرورة اتباعها. أي كلام آخر هو مراهقة سياسية". وتابع: "تصوري الخاص أن السيسي سيحقق انفراجات في الكثير من الملفات".