في خطوة لافتة، وصف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية المعارض، اليوم السبت، مطالبة رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، بالرحيل، على خلفية تدبيره الاحتقان الاجتماعي جراء ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية والمحروقات، بـ"غير المنطقية"، ملمحاً إلى وجود "تصفية للحسابات" أو "مؤامرات".
وقال عبد الإله بنكيران، خلال الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني (برلمان الحزب) المنعقدة، السبت، في مدينة بوزنيقة (جنوب العاصمة المغربية الرباط)، إن الدعوة إلى رحيل أخنوش "لا يمكن أن تكون منطقية إلا بعد مضيّ عام على حكومته، وليس بعد أشهر قليلة لا تتجاوز الخمسة"، مبدياً استغرابه من كون نفس الأشخاص ومؤسسات الإعلام التي كانت تكيل المديح لأخنوش، قد قررت فجأة أن تنقلب عليه.
ولفت بنكيران إلى أن هناك ما يوحي بـ"وقوف جهات"، لم يحددها، وراء الحملة التي تستهدف رئيس الحكومة الحالي، معتبراً أن الحملة "قد تكون تصفية حسابات أو مؤامرات"، وأن الغموض يجعل الموقف السياسي الصائب حالياً هو التريث حتى فهم ما يحدث.
ووجد رئيس الحكومة المغربي نفسه، خلال الأيام الماضية، في مواجهة حملات تطالب برحيله، على خلفية تدبيره الاحتقان الاجتماعي جراء ارتفاع أسعار عدد من المواد الاستهلاكية والمحروقات، كان من أبرزها الحملة التي قادها رواد مواقع التواصل الاجتماعي من خلال وسم "#أخنوش_ارحل"، الذي تصدر الأسبوع الماضي، قائمة أكثر الوسوم تداولاً على موقع "تويتر" في المغرب.
وأعاد ذلك إلى الأذهان ما تعرّض له أخنوش عندما كان وزيراً للفلاحة في عام 2018، من حملة مقاطعة استهدفت شركته للمحروقات "أفريقيا"، في أعقاب كشف تقرير برلماني عن استفادة شركات توزيع المحروقات من أرباح وُصفت بـ"غير المستحقة" منذ تحرير القطاع في 2015.
إلى ذلك، قال بنكيران، الذي كان قد هاجم أخنوش عشية انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، إن فشل رئيس الحكومة الحالي "لا يجب أن ينتهي بتغييره بشخصية أخرى من داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، بل ينبغي حينها أن تعاد الانتخابات في الوقت المناسب لأن هذه هي الديمقراطية، معتبرا أن الحكومة الحالية لم تقم لحد الآن، بأي عمل جيد".
من جهته، غمز رئيس المجلس الوطني لـ"العدالة والتنمية"، إدريس الأزمي، من قناة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كان قد تمكّن من إلحاق هزيمة قاسية بالحزب الإسلامي في تشريعيات الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، بالقول: "لا يبدو أن البديل المقدم قد ملأ الفراغ لا قولاً ولا فعلاً؛ بل بالعكس، فإن البدايات والخطوات الأولى للحكومة وأغلبيتها غير مبشرة ومخيبة وتبعث على القلق"، معتبراً أن البلاد والعباد في حاجة إلى "العدالة والتنمية" وأن هذا الأخير "لن يتوارى إلا إذا ظهر مشروع إصلاح أفضل منه".
وقال الأزمي، في الجلسة الافتتاحية لبرلمان الحزب: "بعد الصدمة التي تعرّض لها حزبنا، وعقد مؤتمرنا الاستثنائي، وبعد مرور الأيام والأسابيع، تبين أنه ليس من السهل القضاء وتصفية فكرة نبيلة ومشروع إصلاحي قدم بالدليل نموذجا راقيا في تدبير الشأن العام، إلا أن يبرز بطريقة طبيعية من هو أحسن منه أو في الحد الأدنى من يضاهيه، لأن التحديات الكبيرة والمتعاظمة الداخلية والخارجية في حاجة إلى العمل السياسي النبيل وإلى الأحزاب الحقيقية القريبة من المجتمع والتي تتواصل معه وتمثله وتدافع عنه".
إلى ذلك، دعا الأزمي الحزب إلى القيام بأدواره كاملة كما كان وأفضل، وقال: "على مؤسسات الحزب أن تشتغل وأن تتفانى وأن تساهم في إعادة دينامية الحزب ومكانته، وفي مقدمتها المجلس الوطني، باعتباره أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني، باعتباره كان دائما صمام أمان في كل اللحظات الصعبة التي مر بها الحزب، ينير الطريق ويعضد قيادة الحزب ويقويها ويقومها".
وأضاف: "الحزب في حاجة لكل أبنائه وبناته أكثر من أي وقت مضى، فالأبناء الأوفياء البررة يظهر معدنهم في الأوقات العصيبة، ويزدادون عطاء وبذلا وتضحية في السنوات العجاف، ولا عذر لأحد، ولا ينبغي لأحد أن يستكين أو أن يتراخى أو أن يتثاقل أو أن يتخلف، وعلى كل واحد في موقعه أن ينهض وأن يستنهض همم إخوانه للعمل المتواصل والقيام بالواجب".
وكان الحزب الإسلامي قد وجد نفسه، خلال الأشهر الماضية، على مفترق طرق وملفات ساخنة وتحديات مصيرية، جعلت مستقبله مفتوحا على كل الاحتمالات، في مواجهة إخفاقه المدوي في انتخابات الثامن من سبتمبر/أيلول الماضي، باحتلال المرتبة الخامسة، في وقت كان يمنّي فيه النفس بقيادة الحكومة المغربية لولاية ثالثة على التوالي.
كما عاش الحزب لحظات صعبة ودقيقة، بمناسبة مؤتمره الاستثنائي الذي عقد لانتخاب قيادة جديدة تشرف على إدارة المرحلة ما بعد السقوط المدوي في الانتخابات، وعبور "المرحلة الصعبة" في تاريخ الحزب، وإعادة ترتيب أوراقه حفاظاً على مستقبله، وسط خلافات داخلية وانتقادات حادة لقيادته المستقيلة بشأن طريقة تحضيرها وإدارتها للمؤتمر.