أقرّ مجلس الوزراء اللبناني، في جلسة عقدها الجمعة برئاسة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا الجمهوري، مشروع قانون يرمي إلى تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية لغاية 31 مايو/أيار 2023، وبالتالي تأجيل الانتخابات البلدية ربطاً بعدم الجهوزية المالية والبشرية لإجرائها.
وعبّرت جمعيات من المجتمع المدني عن رفضها التأجيل تحت أي مسمّى، معتبرة أن "عجز السلطة وتقصيرها تتحمله وحدها، ونحن نحمّل السلطة بشقّيها التشريعي والتنفيذي المسؤولية كاملةً لأي تأجيل للانتخابات البلدية والاختيارية".
وشهدت جلسة مجلس الوزراء مداخلة جديدة لوزير العمل مصطفى بيرم (من حصة حزب الله) شبيهة بتلك التي أجراها في الجلسة الماضية حول موقف لبنان من الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ توقف عند انحياز لبنان للأخيرة وتكرار لبنان موقفه الذي اتخذه متفرّداً رغم الاعتراضات العلنية التي خرجت تجاه بيان وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، وكذلك تخطيه دور مجلس الوزراء في اتخاذه مجتمعاً موقف البلاد الرسمي على صعيد التصويت في الأمم المتحدة الذي أقدم عليه من دون أن يناقشه المجلس.
وصوّت لبنان على "قرار إدانة العدوان الروسي على أوكرانيا"، وانضم إلى مطالبي روسيا "بالكف فوراً عن استخدامها للقوة ضد أوكرانيا والامتناع عن أي تهديد أو استخدام غير قانوني للقوة ضد أي دولة عضو".
وقال رئيس الوزراء نجيب ميقاتي إن "موقف لبنان ينطلق من سرد تاريخي لمواقف مبدئية اتخذها بإدانة أي دولة تغزو دولة جارة، علماً أن موقفنا من روسيا يقوم على ضرورة إقامة أفضل العلاقات معها".
تجدر الإشارة إلى أن الممثل الشخصي للرئيس الروسي في الشرق الأوسط، ونائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، استقبل اليوم في موسكو مستشار رئيس الجمهورية اللبناني للشؤون الروسية أمل أبو زيد، وتم بحث آخر التطورات بين روسيا وأوكرانيا وموقف لبنان من الأزمة والذي كانت روسيا عبّرت صراحة عن دهشتها منه.
مباشرة من #موسكو من لقائي مع #بوغدانوف بحثاً في آخر التطورات بين #روسيا و #أوكرانيا وموقف #لبنان pic.twitter.com/THg8L4jGzv
— Amal Abou Zeid (@AbouZeidAmal) March 4, 2022
ومن المقررات التي خرجت بها الجلسة، تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير الاقتصاد تكون مهمتها متابعة موضوع الأمن الغذائي واقتراح التدابير والإجراءات الواجبة والمستعجلة في هذا الخصوص.
كذلك قرر مجلس الوزراء تكليف لجنة دراسة مراكز الاقتراع الكبرى "ميغاسنترز"، ومدى إمكانية اعتماد تلك الآلية في الانتخابات النيابية للعام 2022.
ودعا عون في مستهل الجلسة إلى "ضرورة اتخاذ الإجراءات السريعة لضمان الأمن الغذائي للبنانيين بعد التطورات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، وضرورة مواجهة غلاء الأسعار ومنع الاحتكار".
وقال إن "وفد صندوق النقد الدولي سلّط خلال زيارته لبنان الضوء على ضرورة إقرار خطة التعافي بأسرع وقت ممكن على أن تشمل الخطة إعادة هيكلة مصرف لبنان وإعادة هيكلة المصارف، وتوحيد سعر الصرف، وتوزيع الخسائر، والإصلاحات المالية البنيوية اللازمة، وخطة لشبكة الأمان الاجتماعي. وشدد على ضرورة تأمين التوافق السياسي لإقرار خطة التعافي".
وعرض ميقاتي للمداولات مع وفد وزارة الخزانة الأميركية والنقاط التي أثيرت خلالها، لا سيما لجهة مكافحة الفساد وتفعيل عمل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد التي تمّ تشكيلها، لافتاً إلى أن "المساعدات الاجتماعية سيبدأ توزيعها الأسبوع المقبل".
وبينما تشهد الانتخابات البلدية والاختيارية تأجيلاً، بدأت المعركة النيابية تدخل في صفوف البيت الحزبي الواحد لتزعزعه، فبعد استقالة القيادي في "التيار الوطني الحر" (برئاسة النائب جبران باسيل) حكمت، اعتراضاً على تفضيل المتمولين على المناضلين لترشيحهم للانتخابات المرتقبة في مايو/أيار المقبل، ولأسباب أخرى داخلية عبّر عنها، وهي خطوة قد يلجأ إليها عدد من القياديين "العونيين"؛ بدأت انعكاسات قرار رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري تظهر إلى العلن على المستوى الحزبي وخصوصاً من قبل المعترضين على تعليق مشاركته في العمل السياسي وتياره في الانتخابات، إذ تقدّم نائب الحريري والقيادي العتيق مصطفى علوش باستقالته من التيار.
وأعلن "تيار المستقبل"، في بيان اليوم، أن الحريري قرر اعتبار استقالة علوش نافذة وأودع القرار الأمانة العامة للعمل بموجبها.
وكان علوش كشف في حديث صحافي أنه على تنسيق دائم مع رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة الذي سار عكس "التيار الحريري"، وقال إن "هذه التطورات تحصل بدعم من مفتي الجمهورية وباتفاق بين رؤساء الحكومات السابقين لعدم ترك الساحة السنية فارغة أمام الطارئين والمتمولين، وعدم ترك الأرض لحزب الله الذي يتحضر لحجز المقاعد في المناطق السنية".
هذا الموقف استدعى رد عضو المكتب السياسي في "المستقبل" ميرنا منيمنة التي قالت "دكتور علوش لك حرية القرار والاختيار. وبكل احترام، وفقاً للأصول التنظيمية وانسجاماً مع تعاميم المستقبل، قدم استقالتك من التيار، واعمل ونسق حيث تشاء".
في سياق آخر، نفذ أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، اليوم، وقفتهم الشهرية مع مرور سنة وسبعة أشهر على التفجير الكبير، وجددوا اعتراضهم على مسار التعطيل الذي ينتهجه المدعى عليهم السياسيون ومن خلفهم الطبقة السياسية، وعدم تنفيذ الأجهزة الأمنية مذكرات التوقيف.
كما حذرت جمعية أهالي الضحايا كل من يعرقل تعيين القضاة في الهيئة العامة لمحكمة التمييز، مشددة على أنه "في حال طال الموضوع أكثر سيكونون عند بيت المعرقل قريباً وقد أعذر من أنذر".